كغيره من القطاعات الاقتصادية والخدمية التي تشكل في مجملها البنية التحتية للبلد تكبد قطاع الطرق خسائر مادية مباشرة وغير مباشرة نتيجة العدوان الأمريكي السعودي، تقدر بنحو 1.9 تريليون ريال بما يعادل 3.3 مليار دولار.
وتشير إحصائيات صادرة عن وزارة الأشغال العامة والطرق حصلت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) على نسخة منها إلى أن شبكة الطرق والجسور البالغ طولها 17 ألف كيلو متر تعرضت لاستهداف ممنهج أدى لتضرر قرابة خمسة آلاف كيلومتر من الشبكة وتدمير أكثر من مائة جسر تقع غالبيتها على الطرق الرئيسية الرابطة بين محافظات الجمهورية.
وبحسب الإحصائيات ذاتها بلغت تكلفة الخسائر التي لحقت بمقاطع الطرق المتضررة جراء القصف قرابة مليار دولار، إذ تتوزع تلك الآلاف من الكيلومترات المتضررة على 46 طريقا رئيسا تربط المحافظات والمدن والمديريات في أنحاء اليمن، تشمل استهداف الشوارع الداخلية لأمانة العاصمة ومحافظات ” صعدة حجة عمران المحويت الحديدة عدن تعز إب وذمار”.
فيما تتوزع بقية الخسائر على تكلفة إعادة إنشاء الجسور المدمرة بما فيها أكثر من 45 جسراً تم إعادة بنائها في السنوات الأخيرة بالإضافة إلى الخسائر الاقتصادية والاجتماعية المباشرة وغير المباشرة الناتجة عن استهداف شبكة الطرق.
وبحسب التقارير الصادرة عن المؤسسة العامة للطرق والجسور وصندوق صيانة الطرق تصدرت محافظة صعدة قائمة المحافظات، من حيث عدد الجسور والعبارات المستهدفة والتي بلغت 33 جسرا وعبارة منها 19 جسرا وعبارة على طريق صعدة – باقم – علب و13 على طريق صعدة – كتاف – البقع إلى جانب جسر العقلة في طريق صعدة – عمران.
وأفادت التقارير بأن طيران العدوان الأمريكي السعودي، دمر 12 جسرا وعبارة في محافظة حجة منها سبعة جسور على طريق جمرك حرض – الحديدة هي ” مور, الربوع, البداح, بني حسن, حيران الشعاب, وادي عبدالله” وجسري “شرس والأمان” على طريق حجة الخشم – عمران وعبارتي “المزرق ووادي تعشر” على طريق حرض – الملاحيظ إضافة إلى عبارة “كيلو9” على طريق حرض – حوث.
فيما بلغ عدد الجسور المدمرة في محافظة عمران 12 جسرا منها ثمانية جسور على طريق عمران – صعدة هي “حوث، حواري، خيوان، بركان، المدرج1، المدرج2، الصدحي، أم كضيضة” وثلاثة على طريق حوث – حرض هي جسر “وادي مور” وعبارة “وادي العفرة” وعبارة “وادي العشة” بالإضافة إلى عبارة وادي عصمان على طريق عمران – السودة – حبور ظليمات.
وذكرت أن العدوان دمر عشرة جسور في محافظة صنعاء منها أربعة جسور على طريق صنعاء – الحديدة وثلاثة على طريق صنعاء – الفرضة – مأرب وثلاثة جسور على طريق جحانة – صرواح إضافة إلى جسري “عطان” و”سائلة شعوب” ونفق “جولة المصباحي” في أمانة العاصمة.
وأشارت المؤسسة إلى أن محافظة المحويت شهدت تدمير ستة جسور من ضمنها أربعة جسور على طريق شبام – المحويت – القناوص هي “لاحمة، الفايش، الزحام، مكسم” وجسري “القصبة وباب الشق” على طريق المحويت – الحديدة فضلاً عن خمسة جسور في محافظة الحديدة منها جسرا “وادي عرفان ووادي ظمي” على طريق الحديدة – مفرق تعز وجسر “عبال” الواقع على طريق باجل -معبر وجسر “وادي عيان” على طريق الحديدة – جمرك حرض فضلا عن جسر “باب مكحلة” على طريق الحديدة – صنعاء.
أما الجسور المستهدفة في محافظة إب فتتمثل بجسري “الدليل والسياني” على طريق صنعاء – تعز وجسر “السدة” على طريق كتاب – السدة – النادرة وعبارة “نقيل الجعدي” على طريق العدين – مذيخرة في حين تعرضت أربعة جسور في محافظة تعز لتدمير كلي وجزئي هي “البرح الهاملي طنيح جبيح” وتقع جميعها على طريق تعز – الحديدة بالإضافة إلى تدمير جسري “عقان وحول” في لحج على طريق تعز – عدن.
ووفقا لتقارير مؤسسة الطرق استهدف الطيران المعادي أيضا جسري “النقبة وحريب” في محافظة شبوة وكذا عبارة “وادي حلحلان” على طريق مارب – الفرضة بتكلفة أربعة ملايين و860 ألف دولار بالإضافة إلى تدمير جسرين في الضالع هما “وادي بناء” على طريق يريم – دمت – قعطبة وجسر “وادي جبن” على طريق دمت – جبن – رداع بالإضافة إلى عبارتين في البيضاء تقع الأولى في “وادي بلاد الجوف” على طريق رداع – جبن والثانية في “وادي الشجب” طريق البيضاء – مارب.
وبهذا الصدد يؤكد نائب وزير الأشغال العامة والطرق المهندس محمد الذاري أن تحالف العدوان سعى من خلال ذلك الاستهداف إلى تدمير شبكة الطرق والجسور التي أنفقت الدولة مليارات الدولارات لشقها وسفلتتها إلى جانب عزل المدن والمحافظات اليمنية عن بعضها وتعطيل مصالح المواطنين وقطع سبل المعيشة للشعب اليمني بشكل عام.
واعتبر ما تحقق من نجاحات في إصلاح وإعادة بناء ما دمره العدوان في قطاع الطرق إحدى صور وعوامل الصمود الأسطوري للشعب اليمني للعام السادس في وجه تحالف العدوان بقيادة أمريكا والسعودية وقوى الاستكبار والهيمنة العالمية.
فيما أوضح رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للطرق والجسور المهندس عبدالرحمن الحضرمي بأن المؤسسة وبالتعاون مع صندوق صيانة الطرق سارعت بتشكيل وحدة خاصة بأعمال الطوارئ على شبكة الطرق خلال اليوم الأول من العدوان والتي ظلت تعمل ليلا ونهارا على فتح الطرق المستهدفة وعمل تحويلات بجانب الجسور المدمرة حيث بلغت تكلفة عمل هذه الوحدة خمسة ملايين و581 ألف دولار.
وبين أن الفرق الفنية والهندسية والمعدات التابعة لمؤسسة الطرق بادرت بفتح الطرق المقطوعة بعد تعرضها للقصف مباشرة من خلال شق طرق بديلة وعمل تحويلات في مواقع الجسور والعبارات المدمرة بما يضمن استمرار حركة سير المركبات ووسائل النقل على الطريق إلى جانب صيانة الطرق البديلة وإصلاح الأضرار الناجمة عن القصف.
ولفت إلى الفرق الفنية والهندسية قامت بإعادة تأهيل الطرق والجسور المدمرة رغم الخسائر الكبيرة التي لحقت بمهندسي ومعدات المؤسسة نتيجة تعرضها للاستهداف المباشر في الكثير من مواقع العمل وصولاً إلى استهداف مقرها الرئيسي بالعاصمة صنعاء وتدمير عدد كبير من المعدات والتجهيزات في محاولة لثنيها عما تقوم به من مهام محورية لاستمرار حركة السير على الطرق الرئيسة.
ونظرا لظروف البلد الصعبة أسندت حكومة الإنقاذ مهام إعادة إنشاء وتأهيل الجسور المدمرة للمؤسسة العامة للطرق باعتبارها بيت الخبرة والذراع التنفيذية للدولة، وأحد أهم الأجهزة الحكومية غير الربحية والضليعة في تنفيذ مشاريع الطرق والجسور ومختلف الأعمال الإنشائية وفق مواصفات عالية وبتكاليف أقل قياسا بما تتطلبه شركات القطاع الخاص العاملة في هذا المجال.
إذ تمكنت المؤسسة من إعادة إنشاء أكثر من 50 جسرا من إجمالي 101 جسراً مدمرا ومتضررا جراء العدوان وفقا لمواصفات فنية أفضل مما كانت عليه سابقا، في حين ستعمل على إعادة ما تبقى من جسور وفقا للجداول الزمنية المعدة وبحسب الإمكانيات المالية المتاحة.
يمثل إعادة إنشاء تلك الجسور انتصارا كبيرا للشعب اليمني الصامد في ظل الظروف الصعبة وشحة الموارد المالية جراء العدوان واستمراره في منع سفن المشتقات النفطية من الدخول إلى ميناء الحديدة.
يعتبر القانون الدولي واتفاقية جنيف بشأن حماية المدنيين أثناء الحروب استهداف البنية التحتية ومن ضمنها الطرق والجسور انتهاكات لحقوق الإنسان ترقى إلى مستوى جرائم الحرب لما يترتب عليها من معاناة للمدنيين؛ وهو ما أقدم عليه تحالف العدوان على اليمن باستهدافه عشرات الجسور الحيوية بشكل منهجي، ما أدى إلى انقطاع وتضرر مصالح ملايين المواطنين.
وخلافا لما يروج له العدوان من مزاعم بأنه ملتزم بالقانون الدولي، يؤكد الواقع عكس ذلك إذ أن تدمير طيران العدوان لأكثر من 100 جسر بين عامي 2015 و2019، لم يكن من قبيل الصدفة أو الخطأ خصوصا أن غالبيتها تعرضت للقصف مرتين متتاليتين في اليوم الواحد، ما يؤكد أن تدمير الجسور كان يتم بشكل متعمد وممنهج.
وتكمن أهمية الجسور المدمرة في أنها كانت تستخدم في نقل شحنات الغذاء والدواء والوقود والمساعدات الإنسانية الضرورية، كما تربط شبكة الطرق التي تعتبر بمثابة شريان الحياة للمدنيين، الذين يصارعون من أجل البقاء على قيد الحياة في ظل حرب عدوانية دمرت كل مقدرات البلد الاقتصادية وقلصت فرص العيش ومصادر الدخل أمام ملايين اليمنيين.
وفي بيان لها اعتبرت منظمة أوكسفام في العام 2016 تدمير الجسور الواقعة على الطريق الرئيسي الذي يصل بين العاصمة صنعاء وميناء الحديدة تهديدا خطيرا على حياة ملايين اليمنيين غير القادرين على تأمين قوتهم اليومي، في ظل الوضع الكارثي الناتج عن العدوان خصوصا أن اليمن يعتمد بنسبة 90 بالمائة على الواردات من أجل تأمين الإمدادات الغذائية، الأمر الذي يعتبر مسألة حياة أو موت بالنسبة لغالبية السكان، لما يترتب على تدمير الجسور من عرقلة وتأخير لوصول الإمدادات الغذائية الضرورية.
ومن بين الجسور الحيوية التي استهدفها العدوان وأدت إلى توقف الحركة التجارية حينها (جسرا المدرج بمديرية صعفان بمحافظة صنعاء وجسر مكحلة بمنطقة باب الشق بمديرية بني سعد بمحافظة المحويت، ونقيل يسلح جنوب العاصمة صنعاء).
وإلى جانب الأضرار الإنسانية والاقتصادية الناجمة عن عرقلة النقل البري التجاري وحركة المسافرين استشهد وأصيب المئات من المواطنين في غارات طيران تحالف العدوان على الطرق والجسور منذ عام 2015؛ حيث سقط غالبيتهم أثناء الضربات التالية على مواقع القصف، وأثناء محاولتهم إنقاذ الجرحى والبحث عن ناجين تحت الأنقاض بفعل الضربات الأولى.