بقلم/ احمد الشاوش
بروح رياضية عالية وهدوء بال وعلى وقع المتفرج لبيب وأغنية خليك بالبيت ، وبعد هدوء العاصفة، تابعت مباريات منتخبنا الوطني امام المنتخب السعودي الذي هز شباكنا ثلاث مرات كما يهز سماءنا قبل الاكل وبعد الاكل أمام انظار العالم .
وقبل ان يجف عَرَق منتخب السعيدة وحبر المبدعين والُمزايدين والمُحايدين تابعت المشهد الدرامي للمرة الثانية أمام المنتخب الفلسطيني الذي صعق شباكنا بثلاث أهداف نظيفة ، حولت بعض الاقلام الرشيقة والساخرة الى أصوات موتوره وعناوين ملغومة تتصدر عدداً من الصحف الصفراء ومواقع التواصل الاجتماعي التي تحولت الى غرف للمناحة والاستعراض والاثارة.
والحقيقة التي يجب ان ندركها، أن خسارة المنتخب الوطني أمام السعودية وفلسطين واوزباكستان أمر طبيعي ، اذا ما حكمنا العقل والمنطق وحللنا الواقع الرياضي والسياسي والنفسي ، ونظرنا الى شحة الامكانيات المادية وتجردنا عن النرجسية والتبعية والتضليل وذرف دموع التماسيح واثارة الجمهور وتثوير الرأي العام اليمني ضد المنتخب الوطني والجهاز الفني ووزارة الشباب واتحاد كرة القدم.
كلٌ منا يُدرك ان هزيمة المنتخب اليمني ليست أول هزيمة وآخر هزيمة وليست أول انتصار وآخر انتصار حتى يتم شرشحته بتلك الطريقة البشعة المجافية لأخلاقيات المهنة واسلوب النقد المتزن ، كون الفشل مسؤولية جماعية لاسيما في ظل وجود دولتين ورئيسين وحكومتين ووزارتين للشباب والاعلام واتحاد كرة ولاعبين وجهاز فني.
تمنيت من بعض الاقلام الرياضية الرشيقة والرصينة التي لها حضور كبير في الاعلام الرياضي والصحافة الرياضية ان تكتب بكل أمانة وتنتقد بكل مصداقية ومهنية واحترافية عالية وان تكون شوكة ميزان في تغطية الحدث الرياضي الكبير وان تتجرد من هوى النفس والتبعية والمقاولة وألا تتحول الى جلاد يمارس دور محاكم التفتيش بسياط ما تكتبه من مقالات وأخبار وتقارير وتحليلات رياضية ، حتى لا نعاني من ضيق في النفس او شلل في الامانة أو نزيف في المسؤولية.
من حق الاعلام الرياضي والصحافة الرياضية ان تنتقد الظواهر السلبية على مستوى اللاعبين ووزارة الشباب واتحاد الكرة اليمني ، وان تشيد بالإيجابيات بعيداً عن تصفية الحسابات والحرب بالوكالة ، وان تسلط الضوء على معاناة لاعبي المنتخب الوطني الذي يبحث عن راتب أو مكافأة وحوافز تشجيعية للعيش بكرامة حتى تدفعه الى بذل مزيد من الجهد والاخلاص والحماس والمنافسة وتحقيق النتيجة المشرفة بدلاً من الاثارة والتشهير بلاعبي المنتخب والمدرب والجهاز الفني والدعوة الى المقاطعة لبطولة أسيا وكأس العالم قطر 2022م والانقلاب على الاتحاد والتعليقات الساخرة والتطاول والاستهتار لان هذه الدعوات تفتقد الى العقل الرشيد والاذان الصاغية.
والسؤال الحقيقي الذي يجب أن يطرح المشاهد والمتابع والقارئ ، هو أين دور الاعلام الرياضي والصحافة الرياضية وعمالقة ورؤساء ومحرري الصحف الذي نكن لهم كل احترام في كشف مواطن الفساد ومعالجة وتصحيح الاختلالات خلال السنوات الماضية؟.
ولماذا تصحو بعض الاقلام الرشيقة والساحرة والمسمومة فجأة عند كل مصيبة ونائحة لممارسة طقوس الانتقام وتقمص دور تجار الحروب في ميادين المستديرة لهذا الطرف أو ذاك؟. وهل ستحتفل لو حقق المنتخب الوطني أو منتخب الشباب خلال الأيام القادمة فوزاً ثميناً وتتغنى بالمنتخب المهارات التي قدمها وتشيد بوزارة الشباب واتحاد الكرة!!؟
والسؤال البريء الذي يطرحه بعض العقلاء من رجال الصحافة والاعلام ولاعبي المنتخب الوطني وجمهور المستديرة، هو:
لمصلحة مَن كل هذه الكتابات المتشنجة والاسلوب الرخيص وترمومتر المزايدة المجافي لأخلاقيات المهنة والتقاليد الصحفية!!؟
لسان حال اليوم يقول لنا أن بعض الاقلام الجديرة بالاحترام قد انجرت الى الهاوية في لحظة غضب دون ان تدرك خطورة الاثارة ووعي متقبل الرسالة الإعلامية ، بينما صار البعض على درب بدنا صيت ما بدنا مكسب ، بينما نرى آخرين فضلوا ترديد المثل اليمني القائل “القرش يلعب بحمران العيون” ، ما دفع البعض الى مشاركة الكتابات والعناوين والمنشورات في بعض الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي وتفعيل نغمة التحريض والتضليل التي يتضح منها ان هناك حملة ممنهجة تفوح منها رائحة الدفع المسبق أو على الاقل تسير في اتجاه فوبيا المؤامرة للإطاحة بزيد أو استهداف عمر ، لاسيما بعد ان تحولت الصحافة الرياضية الى أداة للهدم والوسط الصحفي الى بنادق للإيجار ، وغاب عنها معرفة ألغاز وكواليس الحقيقة .
العيسي وشوقي هائل :
وعلى ايقاع في الشارع يقولون وشيطنة غرف الدردشة يؤكد هدهد سليمان ، ان فرقة حسب الله في حالة استنفار تام لاسيما وان ” جهينة” ترى ان نيران بعض الاقلام الرياضية تطرح بالون اختبار تحت عنوان زوبعة في فنجان ، تُعّبد الطريق لقطار رجل الاعمال القادم الاستاذ ” شوقي هائل ” أو شخصية من العيار الثقيل ،وان الحملة الاعلامية المبرمجة الهدف منها صناعة رأي عام من خلال محاولة تشوية صورة وسمعة رئيس اتحاد كرة القدم الحالي رجل الاعمال الاستاذ احمد العيسي الذي يفكر منذ فترة كبيرة في التفرغ لأعماله الخاصة.
لذلك كم نحن بحاجة ماسة معشر الكتاب والصحافيين الى مراجعة النفس وتفعيل الضمير وامتلاك الارادة والتحرر من الاستبداد وايقاف مسلسل الاستجداء والزحف خلف المساعدات وتذاكر السفر وبدلات السفر ورسائل SMS لأي وزير أو مسؤول أو رجل أعمال.
شخصياً لست معني بالدفاع عن زيد أو عمر أو متخصص في فن التسويق والتسويف والابتزاز وغرف التآمر ، أو محسوباً على فلان ووكيلاً عن زعطان ، لكن الحقيقة تقال ان ما تم نشره من المقالات الملغمة والاخبار الموجهة والمنشورات المفخخة يتنافى مع اخلاقيات المهنة وهو ما دفعني الى الكتابة لنقد بعض المقالات والمنشورات والاستطلاعات والتحقيقات المتهورة التي تحمل اكثر من علامة تعجب.
السعودية واليمن:
واذا ما قارنا بين المنتخب اليمني والمنتخب السعودي ، فالفارق كبير ما بين السماء والارض من حيث الحقوق والواجبات والامكانيات المادية والمعنوية وتوفير الملاعب والتدريب وأقامة المعسكرات والمباريات التجريبية والاحتكاك وأسلوب التغذية والصحة وتهيئة الاجواء وحل مشاكل اللاعبين والدور الرئيس لوزارة الشباب والرياضة واتحاد الكرة والأموال المعتمدة والمستثمرة في مجال الرياضة ، رغم ان ذلك ليس مبرر كبير لهزائم أبو يمن ، بينما نجد لاعب المنتخب الوطني الأكثر فقراً والاقل حقوقاً ومشاركة واحتكاكاً ومعسكراً وتدريباً ورعاية في ظل غياب الدولة وعدم الشعور بالمسؤولية وتعدد الاختصاصات .
وللذكرى ليس المنتخب اليمني هو من تعرض للهزائم فقط ، فتاريخ المستديرة ينقل لنا أكبر هزيمة في التاريخ عندما تم تسجيل 149 هدفاً في مرمى أحد الفرق الافريقية ..
وتعرض المنتخب السعودي لهزيمة قاسية في منافسات كأس العالم المقامة في روسيا أمام روسيا بـ 5 أهداف نظيفة، وتلقى أربعة اهداف في كأس العالم عام 98م وذاق مرارة الهزيمة أمام نظيره الالماني بـ 8 أهداف نظيفة في مونديال 2002 بكوريا الجنوبية واليابان ، وخسر في بطولة كأس العالم 2006م أمام الاوكراني بـ 4 أهداف، وفي مونديال 1990م بإيطاليا خسر المنتخب الاماراتي بـ 5 أهداف ، وفي كأس العالم 82م خسر الكويت امام فرنسا بأربع قذائف .
كما لاحقت الهزائم كبار الأندية والمنتخبات الاوربية حيث تعرض برشلونة لافدح هزيمة بعد خسارته بثمانية اهداف أمام بايرن ميونخ في 2020م ، وخسر مان يونايتد بستة اهداف ، وفي 2019م وصرعت كوريا الجنوبية – تركيا بسبعة أهداف .. وتلقى البرازيل هزيمة قاسية بـ 7 أهداف من قبل ألمانيا في مونديال 2014 والقائمة تطول .
أخيراً .. المنتخب الوطني المثقل بالهموم والمعاناة شارك في بطولة اسيا والعالم قطر 2022 وهو خارج أطار الجاهزية ، لذلك جاءت النتائج طبيعية وليست صادمة ومسؤولية الفشل عامل مشترك بين اللاعب والمدرب والجهاز الفني ووزارة الشباب والرياضة واتحاد كرة القدم ، وحكومتي صنعاء وعدن التي تخلت عن تقديم أي دعم مالي ، والغير طبيعي هو عملية الدقدقة والتحريض واستثمار الهزائم اعلامياً واثارة الرأي العام واستهداف البعض لدواعي لا يعلمها إلا الله والراسخون في العلم ، بينما يظل النقد البناء المجرد من النرجسية هو وسام الحقيقة التي يجب ان تكون حاضرة في الصحافة الرياضية ومختلف وسائل الاعلام.
والله من وراء القصد
shawish22@gmail.com