اليمن الحر الأخباري

الفريك مايحب الشريك

الطليعة الشحرية
“الفريك” الحنطة الخضراء قبل تحولها إلى قمح ذهبي اللون، من الأطباق الشعبية في كثير من بلدان الوطن العربي، وقد ارتبط الفريك بالتفرد وعدم القبول بالشراكة، ورفض القسمة، ويُقال إنَّ المُراد من المثل “أنه بعد أن يقوم المزارعون بجني وتلويح الحنطة بالنار يأخذون منها في أيديهم ويفركونها ويأكلونها ساخنة، وهي في هذه الحالة لا تحتمل مشاركة الغير فيها؛ لأنَّ ما بالكف منها قليل. يُضرَب لكل شيء لا يستحق الشركة ولكل شخص يحب التفرد بالشيء”، دون إشراك أحد. مبدأ التفرد أو التميز ما هو إلا وصف لتصنيف شيء ما على أنه “مختلف ومتفرد” ومن منِّا لا يحب التَّفرد.

يطمح الكثيرون إلى التفرد والاستحواذ على الساحة أو منصة أو أي بقعة ضوء تسلط على الآخرين وتشتعل نزعة “الفريك اللي ما يحب شريك”، تلتهب وتتقد وينسى أنَّ الفريك ما هو إلا قلة بسيطة وضئيلة رفضت المشاركة لعدم جدواهاـ تماماً كالمتطفل على أي ساحة أدبية أو شعرية أو علمية أو حياتية.

مثقفو قلة الحيلة “الفريك” يسطون على الساحة ويقصون من لا يشاركهم من بني جلدتهم، لا لشيء إلا عشقهم لتسليط الأضواء عليهم وحدهم، والباعث على السُخرية أنَّ جوهرهم بسيط لا يُسمن ولا يُغني من جوع والمخزي أن يعتمد “الفريك” على “الكاتب شبح”، وهو المؤلف السري والفعلي للعديد من الكتب، وهي مسألة تختلف عن السطو على “الملكية الفكرية والأدبية” لأن “الكاتب الشبح” يُقدم جهداً مُدفوع الأجر، وينسب الثناء والتمجيد لمتطفلٍ يدعي الموهبة والثقافة والأدب. ولنفرد الحديث عن قصيدتين غناهما عبد الحليم حافظ ليتضح الغموض إن وجد، قصيدة “يا مالك القلب” في 1973 وقصيدة “سمراء يا حلم الطفولة” التي غناها العندليب في 1955، هناك من زعم نسبة القصيدتين إلى “الأمير عبد الله الفيصل”، فيما ذهب فريق آخر إلى أنَّ الشاعر المصري “أحمد مخيمر” هو المؤلف الحقيقي لقصيدة “يا مالك القلب”! بينما قصيدة “سمراء يا حلم الطفولة” اشتراها الأمير من الشاعر اللبناني “سعيد عقل”!! وهناك الكثير من الأمثلة في التاريخ على الشخصيات المتسلقة والانتهازية في عالم الثقافة والأدب والتي تحاول أن تصنع لنفسها أمجادا هزيلة وزائفة سرعان ما تضمحل وتنسى هباءً منثوراً، هي مجرد “فلاش” يسطع ويعمي سرعان ما يخبو بين أضواء المدينة الهادئة والرصينة.

ولا عتب هنا على من باع ومن اشترى فهي تجارة مُربحة وتكسب ومشروعة، العتب على متزلفي ومدعي الموهبة ممن يتبع أساليب مشابهة من استأجر “كاتب شبح” وسطو غير مدفوع أو مقايضة ومنفعة ربحية بين طرفين بالتراضي.

الكاتب الشَّبح في وسطنا نحن قد يكون وافداً يتمتع بذكاء مجتمعي نشط يصطاد فريسته ذات نزعة التَّفرد “الفريكة” وينفخ بها ما استطاع إلى أن تتشبع بخواء الموهبة الفريدة، تنفجر بمجرد ملامستها لسطح قاسٍ خشن. سيعود الشبح إلى مسقط رأسه عاجلاً أم آجلاً وسيسحب معه خيوط بيت المواهب العنكبوتية واحداً تلو الآخر، والأدهى إذا نشب نزاع كعادة اللصوص (ما شافوهم يسرقوا سمعوهم يتحاسبوا) ونثر الشبح الوافد كل بطاقته التي أخفاها في كمه، حقًا لمن الغلبة حينها. قد يعد الشبح نفسه “نابليون بونابرت” احتل بسطحية الساحة ولأن محتم أن تكون الأشياء مقرونة بنهاية فنهاية أي عهد تبدأ بثورة “جان دارك” لتصحيح ما أفسده تسطيح عقل “الفريك” الذي يمقت الشريك.
نقلا عن الرؤية العمانية

Exit mobile version