د/ ربيعة الكواري
لا نستغرب من كثرة الحديث عن الفساد والفاسدين واستشراء هذه الظاهرة داخل المجتمع لدرجة أنه لا يخلو اليوم بيت أو مجلس أو ملتقى من الإتيان بالحديث عن هذه الآفة ومساوئها.. والكل يفسّر الظاهرة حسب الأهواء والآراء دون الوصول إلى الحقيقة التي يتوق لمعرفتها الجميع.
ولكن:
أليس من حق الشارع طرح بعض الاستفسارات المتعلقة بهذه الآفة الخبيثة وغير المألوفة بيننا.
مثل:
لماذا انتشر الفساد بشكل أتى على الأخضر واليابس دون سابق إنذار؟
ومن المتسبب في استفحال هذه الظاهرة النتنة؟
وكيف سيتم محاسبة أصحابها بعد مكوث فترة طويلة من التحري والتقصّي؟
وهل النيابة العامة هي الجهة المخوّلة الوحيدة للقضاء عليها أم أن بعض الجهات الأخرى ستكون لها أيضا الكلمة الفاصلة في المشاركة بدلوها للقضاء على هذا المرض الفتاك؟.
رقابة البنوك والمصارف:
ويسأل البعض كذلك:
لماذا يتم السكوت عن البنوك والمصارف التي احتضنت أموال بعض الفاسدين بعلم الجميع ودون محاسبة هذه المؤسسات في الفترة السابقة؟.
ولماذا تطلب البنوك والمصارف من بعض المواطنين دون غيرهم مصدر الأموال التي يريدون إدخالها في حساباتهم أو تحويلها لجهة ما إذا كانت فوق (50000) ريال بينما يستثنى من السؤال التجّار وأصحاب رؤوس الأموال الضخمة التي يشتم منها رائحة الفساد وغسيل الأموال المهرّبة للخارج أو لأغراض أخرى؟.
الإعلام والمحاسبة:
وهل سنرى قريبا في وسائل الإعلام فتح ملفات بعض الفاسدين ومصادرة أموالهم أسوة بغيرهم أم أن العملية تحتاج إلى بعض الوقت لتجميع المعلومات قبل كشفها للرأي العام؟.
وهل الفساد ما زال مقتصرا على محاسبة المواطنين؟ أم يوجد هناك من غير المواطنين الذين ستفتح ملفاتهم أيضا بكل شفافية من باب العدالة والمساواة في المحاسبة؟.
وهل سيصبح مبدأ المحاسبة أحد المناهج الناجعة في معرفة: من أين لك هذا؟.. أم أن ذلك مجرد رسالة مؤقتة ستتبعها خطوات أخرى مقبلة لم يكشف النقاب عنها بعد؟!.
وأسئلة أخرى كثيرة تدور في أذهاننا لمعرفة الحقيقة وما يدور حول هذه الآفة من تطورات!؟.
وللأمانة نقول:
بأن الشارع ما زال يتعطّش لمناقشة آفة الفساد وكشف المزيد عن بؤرها وأماكن تواجد من يرعاها ويغذّيها.. سواء في الداخل أو في الخارج.. وهي مسألة قد تحتاج بعض الوقت؟.
وما أجمل أن يرتاج الجميع بعد أن يتم تفعيل قانون الشفافية والنزاهة بكل صرامة وأن تنزّل أشد العقوبات على الفاسدين ومن يموّلهم ويتستّر عليهم في مثل هذه الظروف العصيبة والحسّاسة للغاية!!.
كلمة أخيرة:
الشارع يتطلع أيضا لمعرفة الدور الحقيقي الذي يجب أن تلعبه اليوم “ هيئة الرقابة والشفافية “.. حتى لا تصبح مجرّد مؤسسة قائمة دون أي دور لها يذكر على ساحة المحاسبة.. لعل وعسى نجد الدواء الشافي لهذا المرض الذي اجتاح ثقافتنا وهيمن عليها دون سابق إنذار!!.
نقلا عن جريدة الشرق