اليمن الحر الأخباري

هل خضعت طالبان لإرادة أمريكا؟

تركي العريض
جدل ساخن يدور حول إن كان الأمريكان قد هزموا بأفغانستان، ام لم يهزموا بل خرجوا منها بإرادتهم لكن لا أحد يذهب إلى درحة أن يقول انهم إنتصروا، بل نسقوا مع طالبان ليسلموها الحكم مقابل أن تقاتل وتضعف، نيابة عنهم، الصين وروسيا وإيران.
قبل المشاركة بهذا الجدل، يتوجب علينا ان نضع خلفية للجدل وذلك بأأن نعود إلى التعريف المتفق عليه للهزيمة والإنتصار.
عندما غزى الأمريكان أفغانستان في 2001 أعلنوا أن هدفهم هو القضاء على طالبان، بعد نزع السلطة منهم، والقضاء على إلإرهاب.
كان هذا هو الهدف المعلن، أما الهدف الحثيقي غير المعلن، فكان قرار الأمريكان بالسيطرة على أفغانستان بهدف الحصول على ثرواتها الهائلة، وأيضا السيطرة على حدودها لما لها من موقع إستراتيجي، مع العراق، يشكلان مفتاح السيطرة على آسيا، كما قال أحد الإستراتيجيين الأمريكان، بالثمانينات من القرن الماضي. ألم يفعل الأمريكان هذا بالضبط حيث غزت أمريكا البلدان وإحتلتهما.
والسؤال، هل بعد مضي 20 سنة على إحتلالها للبلد، وقتل مئات الالاف من مواطنيها، وإنفاق 1,000 مليار دولار، على أقل تقدير في حين كان ترامب يقول ات الرقم 2,000 مليار دولار، وتكبد الالاف من القتلى والجرحى الأمريكان وحلفاهم، ومع هذا هل تحقق أي من أهدافهم؟ الجواب قطعا لا، ولا أحد يدعي أنهم إنتصروا. منع القوة الغازية من تحقيق أهدافها هو إنتصار للطرف المدافع؟
لا نقاس الهزيمة والإنتصار بعدد ما يقتل لكل جانب من عسكر ومدنيين، ولا بحجم التدمير الذي يوقعه طرف بممتلكات العدو، فمن الذي إنتصر بفيتنام حتى بعد ان قتل الأمريكان ملايين الفيتناميين؟ المنتصر هو يتمكن من فرض إرادته على الطرف الآخر، والمهزوم هو الذي يخضع لإرادة عدوه، وأحيانا دون إطلاق رصاصة واحدة، فهل لم يخضع الأمريكان لإرادة طالبان التي أجبرتهم على الإنسحاب بشكل مرتبك، وبعد أن خذلوا عملائهم وحلفائهم، ودون إقامة أي إعتبار لهؤلاء، وهو ما عبرت هنه دول بالناتو؟ هل لم تفقد أمريكا جزء كبير من هيبتها، والهيبة تحقق الردع؟ هل لم تخسر أمريكا ثقة حلفائها بها وفقدانه للمصداقية؟ هل هذا نتيجة لإنسحاب بكامل الإرداة أم نتيجة لهزيمة بكامل أركانها؟
موضوع الجدل الآخر هو هل قررت أمريكا منح السلطة لطالبان وتخليها هي عنها، حتى تحقق أمريكا مصالحها، لكن بواسطة طالبان هذه المرة، المطلوب منها أن تنهك كل من الصين وروسيا وإيران مجتمعة، بل يذهب البعض إلى أن طالبان ستخوض حرب مع هذه الدول نيابة وخدمة لأمريكا. بهذا يفترض الذين هزمت أمريكا، وغالبا بمعها العدو الصهيوني، روحهم فأصبحوا معتقدين أنهما قدر لا يمكن رده.
ما هي القوة العسكرية التي تمتلكها طالبان؟ طالبان قوية بدعم الأفغان لها بصفتها حركة تحرر وطني تقاتل المحتل الأمريكي. لكن لن يبقى لها حتى جزء من هذا الدعم الشعبي إن قررت الدخول بحروب مع دول مجاورة، فحينها ستعود، بأحسن الظروف، إلى حاضنتها الشعبية وهي جزء من البشتون، فيما ستدخل بحرب أهلية، ومنافسة على السلطة، مدفوعة بمجموعة أسباب، أحدها الدول المجاورة التي ستتمكن من تحريك مجموعات كبيرة من الشعب الافغاني ضد طالبان.
هل مهمة طالبان هي الإنتقال من حرب إلى أخرى، وبهذه المرة الدخول بحرب ثالثة لكن مع 3 دول حتى أمريكا ولا بريطانيا تجرؤ على الدخول بحرب مع أي منها منفدرة؟ وهل أمريكا بموقع القادر على فرض شروط على طالبان مقابل الإنسحاب من بلادهم؟
لم تخرج طالبان أمريكا من افغانستان بعد حرب إستمرت 20 سنة إلا لأنها أدارت الحرب بطريقة أذكى وأكفأ من أمريكا. ولأنها تمتلك هذه القدرات فالسؤال الذي فكرت به، وقطعا وضعت له جواب أو أجوبة، هو: كيف توسع قاعدة التأييد الشعبي لها بين مختلف أعراق ومذاهب الأفغان؟ وكيف تحقق وتعزز شرعيتها بالسلطة بالفترة القادمة، كنقيض لنظام حكم فاسد بناه الأمريكان على رمال متحركة؟
الجواب بديهي وهو إعادة البناء وتحقيق نمو ونهضة إقتصادية. السؤال التالي هو من يستطيع ان يساعدهم بتحقيق هذا الأهدف؟ قطعا ليس الأمريكان ولا دول الناتو التي لا يعرف عنها إلا قدرتها على التدمير والقتل وإشعال الفتن ونهب الثروات، وليس من بينها الإعمار والبناء حيث مازال العراق، بعد إحتلاله فمنذ 18 سنة بدون كهرباء ولا ماء شرب ولم يبنى به مستشفى أو جامعة وربما لم تعبد به طريق، لكن أمريكا أتت لهم بحرب طائفية، وزادت عليها داعش.
الصينيون والروس هم الأقدر على تمويل النمو الإقتصادي مقابل مشاركة الأفغان بثرواتهم على اساس المنفعة المتبادلة. فهم يملكون المال، والمشاريع، والخطط التي لأفغانستان دور مهم مرسوم بها. كما يفكر الصينوينوالروس والإيرانيون بعقل مختلف عن الدول الإستعمارية التي عاشت حوالي 200 سنة على نهب ثروات الشعوب الأخرى وتمير مقدرات شعوبها.
كما تعتمد أفغانستان بشكل كبير على المشتقات النفطية، والمواد الغذائية، التي ترد اليها من إيران التي يلجأ اليها ملايين الأفغان، فيما الهزارا، وهم جزء مهم من الأفغان، شيعة تربطهم بإيران علاقات وثيقة. بحال إستعدت طالبان هذه الشريحة فإنها ستكون أداة ضغط كبيرة بيد إيران، ومثلهم سيكون الطاجيك والأوزبك، وفئات أخرى من الأعراق والمذاهب التي ستنافس طالبان على السلطة، إن لم تحصن الأخيرة نفسها بشعبية عالية، لن تتأسس إلا على نمو إقتصادي، وتحسين مستوى الحياةـ إلى درجة ملموسة، لإبن الشارع الأفغاني.
بالمقابل، لماذا سيخضع طالبان لإرادة أمريكا، وما الذي ستحصل عليه طالبان إن هي فكرت بمحاربة الصين وروسيا وإيران، ومعهم غالبية الشعب الأفغاني؟

Exit mobile version