اليمن الحر الأخباري

هل اسرائيل هي البديل لحماية دول الخليج؟

فاطمة الجبوري*
النفط السعودي والإماراتي شكلا على مدى السنوات الماضية، محفزاً مهماً للولايات المتحدة للبقاء في منطقة الشرق الأوسط، فقد سيطرت الولايات المتحدة على كل مرافق النفط وعائداته ضمن اتفاق كوينسي (النفط مقابل الحماية)، الذي تمّ توقيعه بين الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود وبين الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت في العام 1945.
لم يُشكّل العرب بالنسبة إلى الولايات المتحدة سوى أدوات اقتصادية كانت تساهم بانعاش الاقتصاد الأمريكي، وعملت الولايات المتحدة بدورها على إضعاف أي تيارات مناهضة لها أو للعدو الإسرائيلي. وفي سياسات الملك فيصل (رحمه الله) خير دليل على ذلك، إذ انتهج الملك فيصل لأول مرة سياسة نفطية مغايرة لأهواء الولايات المتحدة فمنع تصدير النفط إلى الولايات المتحدة بعد حرب تشرين 1973 مما دفع الولايات المتحدة إلى التخطيط وتنفيذ عملية إغتياله في العام 1975.
وللتحضير لمرحلة ما بعد الفرار الأمريكي من المنطقة (بعد الهزائم المذلة التي تعرضت لها في كل من أفغانستان والعراق وفلسطين وسوريا)، تتجه السعودية والإمارات للبحث عن بدائل للحماية، إلا أن هذه التحركات ما هي إلا استمرار للسياسات السابقة والتي نتج عنها تبعية كاملة للخارج وتعزيز الترسانة العسكرية دون العمل على استقلال القرار السياسي.
لا يخفى على أحد بأن الإمارات والسعودية هما من أكثر الدول استيراداً للأسلحة حول العالم. إذ تصدرت السعودية قائمة الدول الأكثر استيراداً للسلاح على مستوى العالم بواقع 12 بلمائة من إجمالي تجارة الأسلحة حول العالم. لقد فشلت الأسلحة الأمريكية ومضادات الصواريخ المتطورة في التصدي لصواريخ ومسيّرات أنصار الله الحوثي، ولذلك يعتبر إستيراد السلاح بهذه الطريقة ما هو إلا تعزيز للفشل السابق. في الوقت الذي تستطيع السعودية وبكل بساطة إنهاء هذه الحرب الظالمة ضد الشعب اليمني وذلك بالجلوس على طاولة الحوار واحترام كافة مكونات الشعب اليمني.
من جهة أخرى فقد تعاقدت كل من الدولتين مع شركات تجسس إسرائيلية، للتجسس على المعارضين أو رؤوساء الدول، ولعل فضحية بيغاسوس خير دليل على هذه العقود المريبة. إن أنظمة التجسس الإسرائيلية وإن كانت تساهم في مراقبة بعض المعارضين السعوديين والإماراتيين، إلا أنه على الحكام في الإمارات والسعودية أن يدركوا بأن أول من يتم التجسس عليهم هم إمراء السعودية والإمارات أنفسهم. فإسرائيل لا توفر أحداً من شرها وهي تتجسس على الجميع.
من جهة أخرى، فإسرائيل التي تعتبرها الإمارات صديقة لها، والتي ضحت الإمارات بالقضية الفلسطينية العادلة والحرة، في سبيل التوصل إلى اتفاق معها، هي نفسها من ترسل الآلاف الآلاف من الإسرائيليين إلى الإمارات ليحصلوا على الإقامة الذهبية من خلال الاستثمار بأموال تمولها الحكومة الإسرائيلية. أكثر من 7 آلالاف إسرائيلي حصلوا على الإقامة الدائمة في الإمارات. وهذه ما هي إلا مرحلة تمهيدية للحصول على الجنسية الإماراتية. وهذا يعني تغلغل إسرائيل في كافة المرافق الإماراتية والسيطرة على الإمارات بشكل كامل.
يجب على هذه الدول أن تستفيق من سباتها الذي طال فها هي الحليف السابق (الولايات المتحدة) تهدد بفرض عقوبات اقتصادية على السعودية، إذا لم تمتنع الأخيرة عن عقد اتفاقات أمنية واستيراد أسلحة من روسيا. الولايات المتحدة هددت السعودية بالبند رقم 231 من قانون مكافحة أعداء الولايات المتحدة المسمى (كاتسا)، وذلك لمنع السعودية أو غيرها من استيراد الأسلحة الروسية.
نهايتاً، على السعودية والإمارات أن تفهما بأن الحقبة الأمريكية انتهت وإلى الأبد، بعد الهزائم المدوية التي تكبدتها في المنطقة. كما يجب عليهم أن يفهموا بأن الاحتماء بإسرائيل أو غيرها هو استمرارية للحقبة السابقة من الفشل. مرحلة ما بعد الفرار الأمريكي تتطلب حكمة وتعقل من الأخوة السعوديون والإماراتيون فننصهم بإنهاء حرب اليمن ووقف التدخلات في الدول العربية والنظر إلى إسرائيل كعدو وليس كصديق، إذ أن العدو لن يفوت أي فرصة بالانقضاض على دولنا. كما تتطلب الاستراتيجية الجديدة عقد تفاهمات مع الدول الإقليمية الفاعلة ومحاولة الانخراط البنّاء معهم. إذ أن الولايات المتحدة ذهبت دون عودة، واللبيب من الإشارة يفهم.
*كاتبة وباحثة عراقية

Exit mobile version