اليمن الحر الأخباري

الملعقة التي كسرت أنف الغاصبين

منى المعولي*
تواطئت معهم الملعقة الصدئة؛ وكانت برغم هشاشتها سلاح مدمر، فشقوا عبرها طريقهم، فإذا بها الحرية تتشكل على هيئة نفق، إنه ليس أي نفق، إنه الهزيمة التي كسرت قيمة إسرائيل الاعتبارية؛ فتهاوت أسطورتها وانتكست هيبتها، فغدت سجونها المنيعة المسلحة الملغمة بكاميرات وأبراج المراقبة، لينتصر أبناء الحجارة من جديد على مافيا الاستيطان.
لقد شق أبطالنا الستة طريق الفرار إلى الحرية فاستطاعوا أن يسقطوا هيبة إسرائيل الأمنية، وخرجوا من النفق الذي حفروه للهروب من سجن جلبوع الخانق إلى تنفس الحرية، فاختفوا؛ لتستنفر إسرائيل ومن هول الحدث يتقاذف الجبناء التهم، لقد خذلتهم الأشياء من جديد؛ حمت الجدران أجساد الشجعان فكتمت تهامسهم واحتوت حماسهم وأعمت عيون سجانيهم وانطفأت أنوار تتبعهم، فأصبحت إسرائيل تزأر تتحس وجع الهزيمة وتستدعي حراسها وتشك في كيانها وتضرب اخماس الوجع بأسداس الصدمة لتغدو كالمجنونة تستدعي أدوات الإنتقام.
يمخر الغاصبون عباب الطرقات؛ فيتكتم الحجر ويحمي أجساد الشجعان الشجر، وتطمس الريح أثر أقدامهم ويكتم الهواء أصداء أنفاسهم المعانقة لشمس الحرية ولسان حال كل شيء يردد “تسقط تسقط إسرائيل”.
أبطال النفق لم تحررهم معاهدات السلام الوهمية ولم تحررهم بعض قيادات العرب الخائنة التي سودت وجه العروبة بمد يد المصافحة والمباركة لإسرائيل الغاشمة، بل إن نفق الحرية كما هو عار لطخ تاريخ إسرائيل المتبجح، فهو عار أيضا يسطر خذلان العروبة وقممهم وكل ادعاءاتهم الكاذبة بالسعي لحل قضية فلسطين.
إن الشعوب الحرة صنعت للكرامة ملاحم، وفي كل يوم يدهشنا شعب فلسطين الحر بانتصار ينتأ من الهامش، وتشق طرق الحرية من تلابيب العدم، وما زال الحجر يجابه مدفع، ومازالت الإرادة تكسر القيود الكائدة، وتلوي يد السجان، فتصنع من قيود السجن حبالا للهرب، ومن نتانة الزنازن المظلمة نفق ينبجس منه الضوء إلى سماء بيسان.
لابأس إن خذلت الظروف أحيانا أبطالنا الهاربين وحتى إن وقعوا في يد إسرائيل اللعينة من جديد، فهم قد حققوا الهدف الأسمى الذي أركع المحتل وأقض مضجعه وحرمه بهجة عيده، وتسبب بزلزلة استقراره وجعلوهم مهتمين بهم، عاجزين عن تفسير فشلهم، فشكرا لملعقة الحرية وشكرا لأبطال نفق الأحرار.
*صحفية وكاتبة عمانية

Exit mobile version