د. فضل الصباحي
جهود مبشرة حول الأزمة اليمنية أعلن عنها وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي في لقاء مع “قناة العربية” اهم ما جاء في حديثه “لدينا قناعات قوية بوقف حرب اليمن ونحن قاب قوسين من دفع العملية السياسية اليمنية، ونسعى إلى تقريب وجهات النظر بالأزمة اليمنية، وهناك إجماع من مختلف الأطراف اليمنية على وقف إطلاق النار والحوثيون لم يرفضوا الجهود العمانية، ولدينا تنسيق مستمر مع المبعوثين الأميركي والأممي إلى اليمن”.
الجهود العمانية الملموسة والمعلنة بكل وضوح، سبقها تصريحات من قيادات في الحكومة الشرعية، ومنهم الدكتور أحمد عبيد بن دغر رئيس مجلس الشورى في حكومة هادي الذي وجه رسالة إلى الحوثيين المسيطرين على شمال اليمن “يدعوهم فيها إلى مصالحة وطنية شاملة، وقال بأن المجتمع الدولي لا يريد لنا النصر كما لا يريده لكم، تعالوا نتوقف هنا، ثم نمضي نحو مصالحة لا غالب فيها ولا مغلوب، ونعيد بناء ما تسببنا فيه جميعًا، تعالوا نطوي صفحة الحرب، ونبني السلام العادل والدائم، وفق المرجعياته الثلاث، فهي الحكم عند الاختلاف”رسالة بن دغر جاءت بعد المتغيرات الجديدة في المنطقة، وتقدم حكومة صنعاء في مختلف الجبهات، وهناك توجه اقليمي ودولي ورغبة يمنية سعودية لإغلاق هذا الملف المرهق للجميع.
في رأيي الشخصي خطاب بن دغر مقبول اذا صلحت النوايا، والبداية الحقيقية إعلان وقف الحرب في اليمن بقرار صادر من مجلس الأمن الدولي، ورفع الحصار وفتح المطارات والموانئ، والمنافذ البرية، وعلى الأطراف اليمنية وقف نزيف الدم، والتوجه نحو العملية السياسية والمصالحة الحقيقية التي لاتستثني آحد هدفها الوطن وبناء الدولة اليمنية بمشاركة جميع القوى بعيدًا عن التقاسم الحزبي والمذهبي والقبلي، والضغوطات الخارجية.
حكومة صنعاء: ليس أمامها سو القبول بالمصالحة، التي يسعى الجميع اليها، التنازل من أجل اليمن ليس عيبًا ولا خيانة، المرحلة تتطلب تجاوز الخلافات، والعقد والاتهامات والتوصيفات المتبادلة، الصراع الدموي بين الأخوة يجب أن يتوقف مهما كانت الجراح، فإنها تهون أمام مصلحة “اليمن العليا” ويتوجه الجميع نحو معانقة التاريخ من جديد مغيرين قدرهم بإرادتهم، رافضين الخضوع والتبعية، والاستمرار في طريق الموت.
السؤال الذي لم يجد اليمنيون له جوابًا، ما هو السيناريو المعد سلفًا لشكل الدولة اليمنية مادام بن دغر مصر على المرجعيات الثلاث التي تجاوزتها الأحداث بعد (7) سنوات من الحرب، ولماذا ذكر بن دغر في رسالته بأن الحوثيون هم السبب في تقسيم اليمن، رغم أن الحوثيين واضحين في رؤيتهم حول شكل الدولة اليمنية، وتتمثل في البقاء على الواحدة مع مراعات مطالب الجنوب العادلة، بينما مرجعية هادي تُريد دولة مكونة من 6 أقاليم، بعض التحليلات تقول بأن حكومة هادي لم يستطيعوا تنفيذ الأقاليم ال 6 والبديل لديهم هو سيناريو آخر يهدف إلى تقسيم اليمن إلى ثلاثة أقاليم مقسمه بين الحوثيين، والمجلس الإنتقالي الجنوبي، وهادي والإخوان، وضم بعض الكيانات الصغيرة تحت أجنحة الأطراف الأساسية.
الحقيقة اليمن: أمام مرحلة فارقة في تاريخهم، إذا لم يتوحد اليمنيون جميعًا تحت راية الوطن ويلتفوا حول دعوات السلام العادل فسوف يصبحون غدًا فريسةً سهلة للقوى الطامعة، حينها سوف يخسرون الوطن والدولة، لذلك على جميع الأطراف القبول بالمصالحة بدون شروط، لأن المصالحة تشمل جميع النقاط التي يتخوف منها الجميع وتتضمن النقاط التالية: العفوا العام.. التعويضات لجميع المتضررين.. عودة الممتلكات لأصحابها.. عودة الجميع إلى الوطن.. التوزيع العادل للثروة.. التزام السعودية التي تقود التحالف بإعادة الإعمار ودفع التعويضات العادلة من منظور يمني دولي يتساوى مع حجم الخراب والدمار والضحايا التي تسببتها الحرب، من هنا يبداء اليمنيون صفحة جديدة تطوي صفحة مؤلمة من الصراع دامت أكثر من (7) سنوات، وتعود بعد ذلك العلاقة الطبيعية مع الجيران والمجتمع الدولي.
الخلاصة:
الشعب اليمني يحلم بدولة عادلة وأمن وإستقرار وحياة كريمة، لا يُرِيد العيش في ضَل الحروب والدمار والمجاعة، التقارب بين اليمنيين حول الرؤية الشاملة للحل التي قدمتها سلطنة عمان، وما يصحبها من اجراءات وقف الحرب الخارجية، والداخلية، والتوافق على “شكل الدولة”وصياغة دستور جديد، والإتفاق حول العملية الديمقراطية، وسرعة تسليم المرتبات، ودعم الاقتصاد، وتقديم الإغاثة الانسانية العاجلة للشعب اليمني الذي يعيش أكبر كارثة انسانية في العالم.
إستمرار الحرب يعني تدمير ما تبقى من مؤسسات الدولة وتجويع الشعب، وكل ذلك يصب في مصلحة القوى التي تسعى لتقسيم اليمن وتفكيكه، وابتلاعه وتغيير خارطته والتحكم فيه مستقبلًا لكي يصبح أرضًا بلا هوية منزوع السيادة والعلم، يبحث عن المخلفات في مخالب الوحوش.
عن راي اليوم