اليمن الحر الأخباري

حراك (يقلق) النظام الاردني

سهير فهد جرادات*
من الواضح أن الحراك الأردني بات ( يُخيف ) النظام كونه (يُعيق) المساعي في (الحدود الضيقة) المصرح له للتحرك في المنطقة .. حيث حرصت الحكومة الأردنية على توقيف (اوريجينال) لأعداد من الحراكيين الأردنيين (مختلف عليها) فحسب تسريبات إعلامية بأنها ( 29 ) شخصية ، فيما الحديث يدور حول (200) شخصية في مختلف المحافظات .
ويمثل هذا التوقيف بأنه تم بَعد (الاستئذان)، وجرت (الاستضافة) في غرف مكتبية، لسحابة نهار ( من طلوع الشمس الى مغيبها ) لتمتد الى ما بعد الغروب، تخللتها وصلات من الطعام (الدليفري)، وتجاذب اطراف الحديث بين الحاجز والمحجوز.
كان هؤلاء الحراكيون يستعدون لإحياء ذكرى ال 11 لانطلاق الحراك الوطني في ( 24 آذار ) خلال الربيع العربي المطالب بالإصلاح ، لكن المشكلة تكمن في أن الذكرى تزامنت مع عشية عقد (مصالحة العقبة ) التي جمعت الملك مع ولي عهد أبو ظبي ، والرئيس المصري ، ورئيس وزراء العراق ، بحضور وزير الدولة عضو مجلس الوزراء في السعودية الأمير تركي بن محمد بن فهد بن عبدالعزيز، وجاء لقاء العقبة التي تبعد ( 365 كم ) عن عمان لإجراء ( الصُلحة ) مع عاهل الأردن بعد استثنائه من(القمة الثلاثية) التي عقدت في شرم الشيخ وجمعت السيسي ومحمد بن زايد ورئيس وزراء الكيان ، وقبل (24 ساعة ) من بدء جولة وزير الخارجية الأمريكي بلينكن إلى الكيان الصهيوني والضفة الغربية والمغرب والجزائر ، وقبل ( 48 ساعة ) من زيارة الملك الى السلطة الفلسطينية .
بناء على ما سبق ، كان لابد من توقيف الحراكيين لسببين :الاول: إيصال رسائل خارجية مهمة جدا ، موجهة الى ممثل الحكومة السعودية ( الأمير تركي بن محمد ) الذي اشيع ان سبب وجوده في (القمة العقبة ) هدفه إعادة العلاقة الأردنية – السعودية المتوقفة منذ الإعلان عن ( قضية الفتنة ) وتوقف الزيارات الملكية الى السعودية ، الى جانب انهاء الصراع على إدراة المقدسات الإسلامية بين آل سعود وآل هاشم ،وللتفاهم مع الملك الأردني لانهاء قضية ( باسم عوض الله ) مستشار ولي العهد السعودي ، وكان يراد من الرسالة ان من يوقف (الحراك ) لن يوافق على اخلاء سبيل سجين ( جدلي ) مطلوب شعبيا ، حيث ان من ابرز مطالبات الحراك ( إعادة الأموال المنهوبة ) ومن ضمنها أموال الخصصة التي كان عوض الله عرابها .
والسبب الآخر: أنه لا بد من ( إخماد ) أي شرارة قد تحرك الشارع الأردني ، وبالتالي تحدث ( ربكة ) لدى النظام الأردني الذي كان حينها يستعد لزيارة رام الله ( للوساطة ) بينها وبين دولة الكيان لمنع التصعيد الأمني مع إسرائيل خلال شهر رمضان ، (فمن غير المقنع ان يطلب الوسيط التهدئة وهو عاجز عن السيطرة على اراضية الثائرة) ،حيث ان الحديث يدور حول ما ستشهده الأراضي الفلسطينية من (رمضان ساخن ) الذي يتزامن مع أعياد (الفصح اليهودية)، وما يرافقها من مخططات من المتطرفين اليهود لتحديد اعمال المصلين ولمنع المصلين من الدخول الى المسجد الأقصى.
هذه التصرفات المعهدورة من المتطرفين وارتفاع وتيرة عمليات المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة ومناطق 48 في الآونة الأخيرة،أحدثت حالة من التخوف العربي والعالمي من ان ذلك سيقود الى انطلاق شرارة ( انتفاضة ) أو احداث حالة من الانفلات الأمني في الداخل ، تغذيها أوضاع القهر من استفزاز المحتل ، وهذه ( الفوضى الأمنية ) سيكون لها انعكاساتها على المنطقة ومنها الأردن ، خاصة أن هناك قاسما مشتركا بين البلدين يتمثل في تراجع الأوضاع الاقتصادية ، الى جانب مخلفات ازمة كورونا ، وحالة (الضبابية ) التي سببها الحرب الروسية – الأوكرانية ، إضافة الى انتشار ( الفقر والجوع وارتفاع الأسعار ) ، كلها عوامل تشكل المحرك الرئيس لمخيمات فلسطينة منتشرة على الأراضي الأردنية لنصرة العمليات الفدائية في الداخل ، الى جانب انها قد تكون محركا رئيسا للشارع الأردني الذي من المتوقع ان يشهد حراكا رافضا لارتفاع الأسعار .
كما أن اندلاع الفوضى في منطقة الشرق الأوسط سيحدث تخوفا عالميا ، اذ تخشى أمريكا ان ( تُسرق الأضواء ) من الأزمة الأوكرانية ، وبالتالي تخسر تركيزها هناك كونها ترغب القضاء على روسيا من خلال وقوفها الى جانب اوكرانيا ، لذلك يشهد الداخل الفلسطيني والكيان زيارات لتهدئة التصعيد .
أما الرسالة الداخلية ، فتمثلت بكونها تحذيرية بأن المرات المقبلة لن يُستخدم ( الامن الناعم ) مع الحراكيين ، وانما هذه (بروفة) وان المقبل سيكون اعنف ولن يتم التهاون مع أي طرف حراكي داخل البلد،وكما قال احد افراد الحكومة لدى سؤاله عن عدم الرد الحكومي على المعارضة 🙁 انما للصبر حدود ) ، فمن الواضح أن صبر الحكومة قد نفد ، خاصة بعد ان أكملت الحكومة في بحر الأسبوع ( مسرحية ) الاعتقالات والتوقيف ل (52) ناشطا ومعلما ( على نية الترتيب لوقفة ) ينتمون الى نقابة المعلمين (التي صدر قرار محكمة بإلغاء حل مجلسها) .
على الرغم من ان المواطن الأردني يعاني حالة الحنق وعدم الرضا ، ويتملكه شعوره بالغبن ، وخاصة انه يُسرق ويعاني من الارتفاع الجنوني للأسعار ، إلا ان الحكومة الأردنية ، تقف بالمرصاد لكل من يحاول ان يرفع صوته او ( يفكر ) بالخروج للشارع .. وأكثر من ذلك تقوم الحكومة برفع شعار : ( نتمنى نوما هنيئا للشعب )..
*كاتبة وصحافية اردنية

Exit mobile version