سهير جرادات*
هل وصلنا الى مرحلة بدء تنفيذ مخططات الاستيطان اليهودي التوسعي بضم الأردن ؟!!.. وتنفيذ تاريخهم المزور و تدعيه الرواية الإسرائيلية بأن ” الدولة اليهودية كانت يجب ان تقام على ضفتي نهر الأردن”، والتي تعود الى التعهدات البريطانية بإقامة الوطن القومي لليهود غربي النهر وشرقيه، إلا أنها بعد تكليفها بالانتداب على الأردن وفلسطين، تراجعت عن تعهداتها التي أخذتها على عاتقها بموجب وعد بلفور، وقامت عام 1922 بإنتزاع شرق النهر، واقتطعت الأردن من أرض إسرائيل التي تدعي حقها بها (استرضاء للعرب)، وقدموه هدية للشريف الحسين بن علي !!.
يأتي سبب طرح هذا السؤال، بعد ما جرى اخيرا من احداث في المدينة الوردية (البترا)، التي تعد مطمعاً لليهود (على الرغم من عدم ذكر كتابهم المقدس (صراحة) لاسمها، لكن حاخاماتهم يعتمدون على نبوءات ونصوص دينية تشير إلى أن أرض الأردن ستكون موقع المعاناة الأخيرة قبل قيام الساعة في آخر الزمان، حيث سيهرب اليهود من الأرض اليهودية (القدس) سائرين على الأقدام عبر سلسلة الجبال الواقعة إلى غرب البحر الميت تجاه الجنوب، واللجوء الى (البترا) المدينة المحصنة والاحتماء فيها قبل أن يأتي” المسيح الدجال” بجيوشه الشيطانية من كل الجهات باستثناء الشرق حيث الأردن.
ولإجل تنفيذ مزاعمهم وإثبات أحقيتهم للمناطق التاريخية والأثرية الأردنية وبخاصة مناطق الجنوب، تعرضت البترا في السنوات الأخيرة لسلسلة احداث تعطي دلالات ومؤشرات الى مطامع العدو بها، بدءًا من تسويق البترا سياحيا في العالم على أنها جزء من الكيان الصهيوني، مثل: (احجز تذكرتك في اكتوبر الى مدن الأباء والأجداد في اسرائيل الكبرى، وتمتع بحرية الطقوس الدينية )، إضافة الى تهويد البترا ( بحسب أطماع تلمودية )، بإقامة طقوس يهودية ( في الأول من آب من كل عام حسب التقويم اليهودي ) اذ يتوجه المتدينون اليهود الى جنوبي الاردن وتحديداً الى البترا، ليس بهدف السياحة والاستجمام، وإنما للقيام برحلة سيرا على الأقدام لما يُعد في معتقدهم حجاً دينياً، وزيارة لقبر (اهرون كهان)في مقام النبي هارون، وإقامة شعائر يهودية وطقوس دينية، وعلى اثرها وبعد الضجة الشعبية والبرلمانية تم إغلاق المسجد المبني على المقام.
الى جانب الاحتفال بعيد المظال (عيد العُرش)، الذي يحدد سنويا وفق التقويم العبري القمري، في أواخر أيلول- أول تشرين الأوّل، حيث يتم على مدار سبعة أيام إحياء ذكر سَفر بني إسرائيل في البادية بعد خروجهم من مصر، ومرورهم بالبترا بدلاً من جبل سيناء، حيث تاهوا في الصحراء أربعين عاما قبل وصولهم إلى فلسطين .
كما أثبتت الأحداث العديد من محاولة تزوير التاريخ وتزييفه، بدفن الإسرائيليين ( فخاريات ) مكتوب عليها بالعبرية وقطع أثرية يهودية مزيفة، لإثبات أن لليهود مواقع ومقامات وآثاراً شرق نهر الأردن، ولا ننسى محاولة تصوير فيلم أمريكي ( جابر ) المثير للجدل الذي يزعم أحقية اليهود في البترا وجنوب الأردني وفلسطين، حيث يكتشف صبي بدوي في وادي موسى طريقا تؤدي إلى مدينة البترا، ويجد قطعة من الصخور القديمة مكتوبا عليها باللغة العبرية، لإثبات “القصة التوراتية ” حول هجرة اليهود مع موسى من مصر الى البترا بدلاً من جبل سيناء، قبل الانتقال إلى فلسطين، حيث يدعون ان التابوت وعصا موسى مدفونين في البترا، كما يدعون وجود عيون الماء المقدسة (عيون موسى) التي تفجرت بعدما ضرب نبي الله موسى الصخر كي يسقي قبائل اليهود الاثنتي عشرة التي تاه افرادها في الصحراء أربعين عاما .
وما زالت ( قضية بيع أراضي البترا )، ماثلة في الذهن، والتي بدأت فصولها عام 2011 اذ ظهر (بضعة تجار فقراء يمارسون تجارة البيع الآجل ) لشراء أراضي البترا ( بأسعار مغرية )،ووصل حجم البيوعات الى أكثر من ملياري دينار ( دون أن يثير ذلك حفيظة أجهزة الدولة )، هذا الى جانب عرض مشروع تعديل قانون سلطة إقليم العقبة الذي عرض على مجلس النواب بصفة الاستعجال وبدورة استثنائية، حيث جرى في الجلسة الصباحية رفض إلغاء مادة كانت تمنع الأجانب من التملك في البترا، وتم استثناء أي شركة او مؤسسة اسرائيلية من شمولها في هذا القانون، إلا أنه في الجلسة المسائية( تراجع) المجلس عن هذا الاستثناء !!..
الاحداث التي تدور في البترا وسط ( تسخيف وتبسيط حكومي لما يجري )، توجد حالة من القلق على الأردن الذي حسب الاطماع الإسرائيلية هو مستهدف كما فلسطين تماما.. لكن (العجب!!) هو هذا الصمت الذي نشهدة، والاكتفاء ب ( الرواية الحكومية ) التي تجزم بأن الانتشار الأمني في المنطقة استمر(نصف ساعة فقط ) لإيقاف التجاوزات وتطبيق القانون بدعوى منع ( عمالة أطفال، ونساء، والتطاول على السياح ..)، التي (أجبرت ) عليها بعد استنفاد سلطة إقليم البترا لجميع الحلول..
لا ندري، هل وصلنا الى مرحلة علينا التنفيذ دون ابداء أي اعتراض ؟.. وبرايكم، هل البترا من عجائب الدنيا السبع الجديدة، أم حكومتنا ومجلس نوابنا من أعجب العجائب ؟!!
*كاتبة وصحافية أردنية