محمد محمد الانسي*
حين نضع على الطاولة الأسئلة التالية: من يمتلك أسهم الاحتياطي الفيدرالي؟ ومن يخش سقوط الدولار؟ ومن الخاسر من أفول هيمنة الرأسمالية؟ ومن يمتلك قرار شن الحروب؟ ومن يمتلك أسهم شركات التصنيع الكبرى ومصانع الأسلحة الأمريكية؟ ولمن تذهب الحصة الكبرى من إنفاق الميزانية الأمريكية؟ ستكون الإجابة على الأسئلة كلها هي:
هم أعضاء مجلس إدارة النظام المالي العالمي ويتشكل منهم فريق “الدولة العميقة” وهم أيضاً فريق (اللوبي الصهيوني)
وبالتالي نستطيع أن نقول ثمة علاقة كبيرة بين الدولار الأمريكي وبين الحروب، إذ تعتمد أمريكا في ممارسة الهيمنة على سلاح الدولار والمؤامرات الاقتصادية بشكل أساسي، ومنذ أكثر من قرن تقوم بزعزعة استقرار العالم واشعال الحروب والفتن والمؤامرات السياسية والاقتصادية “
قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى (1914-1918) كانت أمريكا تمر بأزمة اقتصادية وعليها ديون كبيرة للعديد من الدول ثم تحولت خلال وبعد الحرب إلى وضع اقتصادي أفضل، وأصبحت تمتلك ديوناً لدى دول عديدة.
ولنفس الأهداف كانت أمريكا خلف إشعال الحرب العالمية الثانية (1939-1945م) للهروب من أزمات اقتصادية كبيرة، تم كشفها والاعلان عنها في 1929م وعرفت بأزمة الكساد العالمي.
ولقد تمكنت أمريكا بعد الحرب العالمية مباشرة من تمرير أكبر عملية احتيال مالي في التاريخ من خلال “اتفاقية مؤتمر بريتون وودز 1944م وفي الفترة والظروف نفسها شهد العالم ولادة “البنك الدولي” وصندوق النقد الدولي” وما زالا من أبرز أدوات الهيمنة الأمريكية حتى اليوم، وتحولت إلى من مدين إلى دائن وامتلكت ثلثي ذهب العالم، وفرضت الدولار عملة احتياطية ليصبح العملة الوحيدة المربوطة بالذهب والعملة الوحيدة التي تمتلك صلاحية الذهب، كما تم ربط كل عملات العالم بالدولار وأصبح معيارا ورابطاً وعملة احتياطية في البنوك المركزية للدول.
رفع أسعار الفائدة وما يحدث خلف الكواليس
يقوم الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي اليوم برفع أسعار الفائدة للسيطرة على السيولة النقدية بسحبها من الأسواق، وهذا الاجراء في الواقع هو لتعويض الدولار عما يتعرض له من انخفاض مستمر في قيمته الشرائية.
وفي الواقع حين يقوم الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة فإنه يجمع كميات كبيرة من السيولة النقدية من الأسواق وبالتالي فهو يصنع في نفس الوقت (تضخماً نقدياً)؛ ولكنه لا يرفع أسعار الفائدة إلا وفي الكواليس ثمة فريق من المختصين لديه والتابعين له في المخابرات والخارجية الأمريكية يعملون على المعالجات الاقتصادية الأهم، وفقاً لاستراتيجية خاصة بأمريكا تعتمد على ” زعزعة استقرار العالم واشعال الحروب والفتن والمؤامرات السياسية والاقتصادية”.
هذا الاستراتيجية يطلق عليها الأمريكيون رسمياً مصطلح “الفوضى الخلاقة” لأنها تخلق لهم ظروفاً لاستمرار الهيمنة على العالم وتخلق فرصاً استثمارية وإيرادات وعوائد ودوران نقدي، وتحقق طلباً كبيراً على الدولار، وينتج عنها أيضا تشغيل لشركات الإنتاج والتصنيع التابعة لـ “لوبي الفيدرالي” وأرباح وعوائد من بيع الأسلحة والمعدات والمؤن والمستلزمات، وصفقات البورصات والأسهم وقروض التموين والتسليح وإعادة الاعمار.
إضافة إلى أن ظروف الهيمنة وزعزعة استقرار العالم تمكن أمريكا من ممارسة السطو والنهب والمصادرة لثروات العديد من الدول المستهدفة تحت عناوين ومبررات ودعاوى عديدة.
وبالرغم من الإشكالات الاقتصادية المحيطة بالاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في الوقت الراهن، إلا أن إجراءاته مازالت تحقق نجاحات وإن كانت قصيرة الأجل ومؤقتة، فرفع أسعار الفائدة تحقق جذباً لاستثمارات كبيرة من دول عديدة وتخلق المزيد من الطلب على الدولار على حساب عملات أخرى لا يهم الأمريكي أن تكون هذه العملات هي اليورو أو الجنيه الإسترليني أو غيرها.
ثمة عوامل وأدوات عديدة تساعد أمريكا في تحقيق فرص التعافي والإنقاذ ومن أبرزها وأهمها تعاون قادة أنظمة الدول الغنية التي تخضع للنفوذ والسيطرة الأمريكية ومنها دول الخليج التي سخرت ثروات شعوبها ومقومات بلدانها لخدمة الغرب وأمريكا منذ نشأتها، ومازالت ملتزمة جميعاً بـ “اتفاقية البترودولار” وبيع النفط بالدولار والتوريد إلى بنوك أمريكا منذ 1971 حتى اليوم، وكل المعطيات تقول بأن الوضع والحال سيبقى على ما هو عليه وأن ثروات العرب ومقوماتهم الاقتصادية ستظل في قبضة الغرب ومخالب الدولار الأمريكي مادامت القواعد العسكرية والبارجات الأمريكية منتشرة ومتواجدة في الشرق الأوسط وفي مملكة آل سعود ودويلات الخليج.
*باحث في الاقتصاد والشؤون الجيوسياسية