تمارا برو*
تعتبر كوريا الشمالية من الدول التي تدعم وتساند القضية الفلسطينية، حتى أنها ما زالت إلى اليوم لا تقيم علاقات دبلوماسية مع ” إسرائيل” ، وتعتبرها تابع إمبريالي للولايات المتحدة الأميركية.
تعود العلاقات بين كوريا الشمالية وفصائل المقاومة الفلسطينية إلى الستينات عندما بدأت كوريا الشمالية تقديم الدعم للمقاومة الفلسيطينة، وتطورت العلاقات بينهما مع الزيارات التي قام بها بشكل منفصل كل من الرئيس ياسر عرفات، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، وزعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جورج حبش إلى بيونغ يانغ واجتماعهما بالزعيم المؤسس كيم إيل سونغ الذي كانت تربطه علاقات وثيقة مع الرئيس ياسر عرفات الذي زار كوريا الشمالية عدة مرات، ومع وفات الزعيم الفلسطيني عام 2004 أعلنت كوريا الشمالية الحداد 3 أيام.
تعترف كوريا الشمالية بسيادة دولة فلسطين على كل ” إسرائيل” باستثناء مرتفعات الجولان التي تعترف بها كجزء من سوريا، وتري بيونغ يانغ أن حل القضية الفلسطينية يكون عبر إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
لطالما دعمت كوريا الشمالية القضية الفلسطينية ودانت الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة 2023-2021-2014-2008 ، والإعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين. فمثلاً بعد الاعتداء الإسرائيلي على أسطول الحرية عام 2010 ، وصفت خارجية كوريا الشمالية الهجوم بأنه جريمة ضد الإنسانية تم ارتكابها بتوجيه من الولايات المتحدة الأميركية.
وفي العام 2014 ، خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أصدرت وزارة الخارجية في كوريا الشمالية بياناً أدانت فيه عمليات القتل الوحشية التي تقوم بها “إسرائيل” ضد العديد من الفلسطينيين العزل .
وفي العام 2018 دانت بيونغ يانغ الاستخدام المفرط للقوة من قبل الاحتلال الإسرائيلي ضد المتظاهرين الفلسطينيين، ووصفت ما تعرض له المتظاهرون بـ” المجازر الفظيعة”.
ويتجلى دعم كوريا الشمالية لفلسطين أيضاً في الأمم المتحدة حيث صوتت باستمرار لصالح حق الفلسطينيين في تقرير المصير. ففي كلمته بالأمم المتحدة قال الممثل الدائم السابق لكوريا الشمالية سين سون هو ان بلاده تدعم بشكل كامل نضال الفلسطينيين لطرد المعتدين الإسرائيليين من أراضيهم واستعادة حقوقهم في تقرير المصير.
وبعد اندلاع طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، دانت كوريا الشمالية “إسرائيل” مؤكدة أن طوفان الأقصى جاء نتيجة الأعمال الإجرامية الإسرائيلية المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني، وأعرب زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون عن دعمه للفلسطينيين مؤكداً أن فلسطين هي قضية ليس للعرب وللمسلمين فحسب، بل أنها مسألة حرية.
وتتهم كوريا الشمالية الولايات المتحدة الأميركية بأنها شريكة في الإبادة الجماعية لسكان قطاع غزة ووصفت المجزرة التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في المستشفى المعمداني تاريخ 17 تشرين الأول / أكتوبر الماضي بأنها جريمة حرب بشعة وجريمة غير أخلاقية.
أسلحة لحماس؟
ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أن زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون أمر بدعم الفلسطينيين في خضم الحرب بين “إسرائيل” وحركة حماس.
وفي هذا السياق أكدت استخبارات كوريا الجنوبية بأن حماس تستخدم أسلحة كوريا الشمالية في حربها مع “إسرائيل”. وقبل ذلك زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي بأن حركة حماس استخدمت أسلحة مصنعة في كوريا الشمالية في عملية طوفان الأقصى.
من جهتها رفضت كوريا الشمالية هذه المزاعم ووصفتها بأنهالا أساس لها من الصحة ، واتهمت الولايات المتحدة الأميركية بتلفيق اتهامات كاذبة ضدها، وهي محاولة من واشنطن لتحويل اللوم في الصراع عنها إلى دولة ثالثة.
وسبق أن اتهمت صحف غربية عام 2014 بيونع يانغ بدعم حماس عسكرياً، وهو ما نفته بشدة كوريا الشمالية معتبرة أنها أكاذيب لا أساس لها من الصحة ومخض تلفيق من قبل الولايات المتحدة الأميركية لعزل كوريا الشمالية على الساحة الدولية، ومحاولة من واشنطن أيضاً لتبرير أفعالها الإجرامية دعماً لـ “إسرائيل” ولتأجيج العداء ضد بيونغ يانغ من خلال ربطها بالنزاعات في الشرق الأوسط.
كوريا الشمالية و”إسرائيل”
علاقة بيونغ يانغ و”تل أبيب” علاقة عدائية للغاية، فكوريا الشمالية لا تعترف بـ “إسرائيل” . فمثلاً في العام 2017 ، عندما أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب القدس عاصمة “إسرائيل” ندد زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون بالقرار معتبراً أنه لا توجد دولة تسمى” إسرائيل” حتى تصبح عاصمتها القدس.
ونظراً للعلاقة السيئة بين الجانبين ساد التوتر بينهما ، فـ”إسرائيل” تدين دائماً التجارب النووية لكوريا الشمالية، بالمقابل تدين بيونغ يانغ الأعمال العسكرية لـ”تل أبيب” والمجازر التي ترتكبها ضد الفلسطينيين.
ومن الأمثلة على توتر العلاقات بين البلدين أنه في العام 2017 أدان وزير الدفاع الإسرائيلي السابق أفيغادور ليبرمان الاختبارات النووية لكوريا الشمالية. وأثار وصف ليبرمان للنظام الحاكم في كوريا الشمالية بأنه” مجموعة من المتطرفين المجانيين” استياء كوريا الشمالية التي اتهمت “إسرائيل” بأنها تقوم بأعمال تشتت الانتباه عن ترسانة أسلحتها النووية، وتشكل عائقاً في منطقة الشرق الأوسط ، وتحتل مناطق عربية وتنفذ جرائم ضد الإنسانية.
جرت في التسعيننات محاولة للتقريب بين بيونغ يانغ و”تل أبيب”. ففي العام 1992 شارك وفد إسرائيلي في أول بعثة دبلوماسية لـ”إسرائيل” إلى كوريا الشمالية في محاولة لبدء حقبة جديدة في العلاقات بين الجانبين، إلا أن المحاولة باءت بالفشل.
مع استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين، وتزايد العداء بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة الأميركية ومحاولة الأخيرة عزل يونغ يانغ وتغيير النظام فيها، من المرجح أن تبقى كوريا الشمالية داعم قوي ومساند للقضية الفلسطينية.
*كاتبة لبنانية