د. محمد أبو بكر*
لأننا أمّة فاشلة وشعوب ميّتة، فقد حكمنا على الضربة الإيرانية للكيان المحتل على أنّها مسرحية، والصهاينة أنفسهم اعترفوا بوصولها لأربع قواعد عسكرية، بغضّ النظر عن كم الخسائر، والجميع يعلم بأنّ الحلفاء هم من تصدّوا للمسيّرات والصواريخ الإيرانية نيابة عن الكيان، الذي عبّر عن سعادته لهذا التعاون الإقليمي !
يعجبني الأداء السياسي للقادة الإيرانيين، ويكفي أنهم يتخذون قراراتهم بأنفسهم، لا وصاية لأحد عليهم، يمتلكون العديد من أوراق القوة، وكذلك أوراق اللعبة، باتوا رقما صعبا في المعادلة السياسية العالمية، واستطاعوا فرض حالة الردع، هي رسالة للصهاينة بأنّ الصواريخ قادرة على الوصول لعمق أراضي الكيان، وكان قادة إيران واضحين تماما حين أشاروا بأن الضربة هي المرحلة الأولى وقد تتبعها مراحل أشد قسوة وأكثر شمولا إن جرى اعتداء صهيوني آخر .
الأغبياء العرب أسموها مسرحية، وكنت أتمنى لو أشاهد مسرحية عربية واحدة، بحيث تنطلق صواريخ العرب باتجاه تل أبيب والقدس، حتى لو لم تصب أهدافها، ولكن إذا كان ما جرى مسرحية، فالقادة الإيرانيون هم أبطالها، في حين أنّ العرب بأجمعهم مجرّد كومبارس فاشل، لا فائدة ترجى منه، ويمكن القول بأنّ إيران تؤدّي دورها بذكاء دون الإنزلاق نحو حرب شاملة لأنّ هذا سيعني ببساطة حربا شاملة، سيكون العرب أنفسهم وقودها، لأن ليس بمقدورهم إحداث أي فعل لضعفهم وقلّة حيلتهم وارتهان قراراتهم للآخرين .
العرب اليوم لا اعتبار لهم، حتى لدى أدنى الأمم، باتوا مجرّد صبيان لدى الراعي الأمريكي وحليفه الصهيوني، في حين أن لإيران الكثير من المصالح، ومن حقّها المحافظة على وجودها كقوّة إقليمية كبيرة لا يستهان بها، والعرب غارقون في خوفهم وجبنهم وتعاستهم، هم كالخراف التي تسير كقطيع لا يعرف غير .. مااااااااااع !
الضربة الإيرانية كانت محدودة، والجميع يدرك ذلك، هي أيضا رسالة لأهلنا في قطاع غزة، أنتم لستم وحدكم، المهمّ أن الصواريخ الإيرانية وصلت قلب فلسطين المحتلة، ويمكن لها أن تصل بصورة أكبر وأعمق، ولكن .. ماذا لديكم أنتم ياعرب لنصرة أهل غزة وفلسطين؟
وحدها إيران من تدعم المقاومة الفلسطينية، ووحدها إيران التي تعتبر العدوّ اللدود للأمريكان والصهاينة، ووحدها إيران التي تقول بالفم الملآن ولكل الغرب .. نحن مع فلسطين، والمقاومة في غزة هي حركة تحرر وطني، في حين لم يجرؤ نظام عربي على تعزية القائد اسماعيل هنية باستشهاد أبنائه وأحفاده .
ندعم كل رصاصة توجّه لصدر الصهاينة والأمريكي المجرم، نفرح لكلّ صاروخ يصل فلسطين، ونشعر بالتقيؤّ والقرف من مواقف عربية يندى لها الجبين، ونفرح أكثر إذا ما علمنا بأنّ كيان الإحتلال أوهن من بيت العنكبوت لولا دعم (الأشقاء) الذين باعوا ما تبّقى من ضمير وشرف.
أعطوني (مسرحية) عربية شبيهة لما جرى مؤخرا، حينها، سأقدّم بالغ الولاء والإنتماء لكل الأنظمة العربية، وسأعتذر عمّا بدر منّي تجاههم طيلة سنوات وعقود.
*كاتب فلسطيني