اليمن الحر الأخباري

خطة (سموتريتش) والاستقرار الإقليمي!!

 

د. شهاب المكاحله*
إن ما تم الكشف عنه مؤخرا بشأن ما يسمى “خطة سموتريتش” يشكل تهديدا خطيرا لآفاق قيام دولة فلسطينية لأن ذك المخطط سيؤثر سلبا على الأردن والسلطة الفلسطينية. باختصار فإن هذه الخطة، التي أقرها رئيس الوزراء الإسرائيلي والتي قدمت إلى الكنيست، تسعى إلى تحويل غالبية المنطقة (ب) في الضفة الغربية إلى المنطقة (ج) بالمعنى القانوني والاجرائي والمالي وليس فقط المعنى الأمني. وهذا بحد ذاته يشي بشرعنة المشاريع الاستيطانية لحرمان السلطة الفلسطينية من الحق القانوني في إدارة المناطق (ب).
إن هذا التطور مثير للقلق بشكل خاص نظرا لافتقار السلطة الفلسطينية الواضح إلى استراتيجية شاملة لمواجهة هذا التعدي على حقوقها القانونية المتفق عليها. إن نقل المنطقة (ب) إلى المنطقة (ج) من شأنه أن يحرم السلطة الفلسطينية من قدرتها على إدارة هذه الأراضي، مما يؤدي إلى تآكل أسس الدولة الفلسطينية المستقبلية وهذا بحد ذاته خطر على مستقبل الدولة الفلسطينية وله تأثير سلبي على الأردن ومستقبله السياسي.
إن آثار هذه الخطة تمتد إلى ما هو أبعد من حدود الضفة الغربية. ولا شك أن الأردن، بصفته طرفا رئيسا في المنطقة وشريكا مهما في عملية السلام، سوف يتأثر بهذه التطورات. إن زعزعة استقرار السلطة الفلسطينية وتراجع احتمالات حل الدولتين قد يكون لها عواقب بعيدة المدى على أمن الأردن ومصالحه الاقتصادية ونفوذه الإقليمي خصوصا في ظل رئاسة دونالد ترامب الذي تتوقع الكثير من مراكز الدراسات فوزه في الانتخابات الرئاسية ضد منافسته كايلا هاريس.
استقرار الأردن مرتبط بشكل وثيق بفلسطين ومع حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. فتدفق اللاجئين الفلسطينيين واحتمال زيادة الاضطرابات على طول الحدود الأردنية الفلسطينية (الإسرائيلية) من شأنه أن يرهق موارد الأردن ويزيد من تفاقم التحديات الاجتماعية والاقتصادية القائمة. وعلاوة على ذلك، فإن الدور الضعيف للسلطة الفلسطينية وتآكل شرعيتها من شأنه أن يقوض قدرة الأردن على لعب دور بناء في عملية السلام.
إن خطة سموتريتش تمثل انحرافا كبيرا عن اتفاقيات أوسلو والإطار الراسخ للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ومن خلال السعي إلى إعادة رسم حدود المنطقة (ب) من جانب واحد، تعمل الخطة على تقويض الاتفاقيات التي تم التفاوض عليها بدقة والتي كانت الأساس لعملية السلام لعقود من الزمن.
إن تحويل المنطقة (ب) إلى المنطقة (ج) لن يقوض السلامة الإقليمية للدولة الفلسطينية المستقبلية فحسب، بل سيعمل أيضا على إدامة الاحتلال وترسيخ التفاوت في القوة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وهذا انتهاك واضح للقانون الدولي ومبادئ حق تقرير المصير.
فالتحرك نحو توسيع المنطقة (ج) من شأنه أن يحد بشكل كبير من قدرة السلطة الفلسطينية على ممارسة مهامها وتوفير الخدمات الأساسية للشعب الفلسطيني. كما أنه من شأنه أن يقيد حركة الفلسطينيين وفرصهم الاقتصادية، مما يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني المتدهور بالفعل في الضفة الغربية.
وعلاوة على ذلك، فإن خطة سموتريتش هي جزء من تحول أوسع في المشهد السياسي الإسرائيلي، مع صعود الفصائل اليمينية المتطرفة والضم العلني للأراضي الفلسطينية. ويهدد هذا التحول بتقويض أسس حل الدولتين، الذي كان منذ فترة طويلة حجر الزاوية في الجهود الدولية لحل الصراع.
ولا ينبغي للمجتمع الدولي أن يظل صامتا في مواجهة هذه التطورات. وهناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لمنع التآكل الكامل لحل الدولتين وآفاق إقامة دولة فلسطينية. إن الفشل في القيام بذلك من شأنه أن يخلف عواقب بعيدة المدى على الاستقرار الإقليمي، وحقوق الشعب الفلسطيني، ومصداقية النظام الدولي.
ومن الضروري أن تعمل السلطة الفلسطينية، بالتنسيق مع الأردن والمجتمع الدولي، على تطوير استراتيجية قوية وشاملة لمواجهة هذا التهديد. ويجب أن يشمل هذا الجهود الدبلوماسية لحشد الدعم العالمي، والتحديات القانونية لشرعية خطة سموتريتش، والدفع المتجدد نحو تسوية سلمية عادلة ودائمة.
ويتعين على السلطة الفلسطينية أن تستفيد من علاقاتها مع الشركاء الدوليين الرئيسيين: الاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، لإدانة خطة سموتريتش وتعبئة الضغوط المتضافرة على الحكومة الإسرائيلية. وقد يشمل هذا تقديم قرارات في الهيئات الدولية، والضغط من أجل فرض عقوبات مستهدفة، وبناء تحالف من الدول الراغبة في محاسبة إسرائيل على أفعالها.
وإلى جانب الجهود الدبلوماسية، يتعين على السلطة الفلسطينية أن تستكشف السبل القانونية لتحدي خطة سموتريتش. وقد يشمل هذا تقديم التماسات إلى محكمة العدل الدولية، والسعي إلى الحصول على آراء استشارية بشأن شرعية الخطة، وملاحقة التحديات القانونية داخل النظام القضائي الإسرائيلي. ومن خلال الاستفادة من القانون الدولي ومبادئ تقرير المصير، تستطيع السلطة الفلسطينية أن تبني قضية قوية ضد التعدي على حقوقها الإقليمية. وعلاوة على ذلك، يتعين على السلطة الفلسطينية أن تجدد جهودها الرامية إلى التوصل إلى تسوية سلمية شاملة تعالج القضايا الأساسية للصراع، بما في ذلك الحدود والمستوطنات ووضع القدس وحقوق اللاجئين الفلسطينيين. وسوف يتطلب هذا بذل جهود متضافرة للتعامل مع الأطراف الإقليمية.
*كاتب اردني

Exit mobile version