اليمن الحر الأخباري

حكّام وشعوب العرب.. ماذا بعد؟!

 

د. اماني ياسين*
منذ أكثر من ثلاثمائة يوم يتعرض الشعب الفلسطيني لاعتداء همجي لا يبرّره شيء ولا حتى هجمات السابع من أكتوبر كما يحب أن يسميها العالم الغربي الصامت منذ أكثر من خمس وسبعون سنة على المجازر والويلات التي ارتكبت بحق شعبٍ أعزل على أرضه وفي وطنه! منذ أكثر من ثلاثمائة يوم يتعرض الفلسطينيون أطفالاً ونساءً وشيوخاً لمذبحة العصر من دون أن يرفّ جفن لكثير من الراقصين الثملين على أنغام موسيقى التفاهة وقلة الإنسانية في بعض ما يسمى مهرجانات ومراقص دول الخليج خصوصاً وما تتبعها من دول غادرها الإحساس والشعور والحياء إلى غير رجعة!
منذ أكثر من ثلاثمائة يوم يتعرض الشعب الفلسطيني لمذبحة لا تشبه أي مذبحة تعرّض لها أي شعب على وجه المعمورة فقط وفقط لأن هناك بعض الدول ” صاحبة القرار” تقف متفرجة صامتة بل وداعمة متحيّنة منتظرة لنزوح جميع هؤلاء المساكين الفلسطينيين الذين صودف أنهم يسكنون هذه الأرض إلى غير رجعة وهذا ما لم ولن يتحقق طبعاً!
ad
وما زال هؤلاء صامتون عن المجازر ساكتون عن الحق يبرّرون للقاتل جرائمه الوحشية تحت مسمّى السابع من أكتوبر وكأن كل قواعد وقوانين العالم المتحضر لا تساوي بعض قطرات الحبر الذي كُتبت به حتى !
في نظر هؤلاء من قادة العالم كما يحبّ أن يسمّيهم البعض أن هذا الشعب الفلسطيني ما كان يجب أن يوجد على هذه الأرض بل لعلّه ما كان يجب أن يكون موجوداً في الأصل!
هم من يسمّون أنفسهم قادة العالم يقرّرون أنّهم من يجب أن يقرّر عن خالق الكون وملك الكون من يجب أن يحيا هنا ومن يجب أن يموت هنا ومن لا يجب أن يكون هنا في هذه البقعة من الأرض أصلاً ولهذا سكتوا طيلة سنواتٍ طوال عن جرائم ووحشية هؤلاء القتلة المتوّحشين الصهاينة حتى يكون لهم ما أرادوا من أرضٍ ليست لهم ومن منازل ليست لهم. ولهذا سكتوا طيلة سنواتٍ طوال عن المجازر والإنتهاكات الإنسانية الجسيمة لهؤلاء المعتدين المجرمين القتلة حتّى يطيب لهؤلاء السكن في أرض ليست بأرضهم وفي وطنٍ ليس لهم!
ولهذا سكتوا عن الاعتداءات المتكرّرة لهذا الكيان المحتل الغاصب بحسب كل القوانين الدولية والأعراف الدولية ولكنّهم وضعوه موضعاً وكأنّه فوق هذه القوانين والأعراف لأنهم هم “قادة العالم” ومن يقرّر مصير العالم يحقّ لهم ذلك فيما لا يحقّ لغيرهم!
هم من يحقّ لهم أن يختاروا من يجب أن يعيش على هذه الأرض ومن يجب أن يموت على هذه الأرض ومن يجب أن يبقى ها هنا ومن يجب أن يترك أرضه وداره للمحتل الغصب لكي يسكن به ويتمتّع به!!
هم ” قادة العالم” كما يحب أن يسمّيهم البعض يقرّرون عن الله جلّ جلاله ماذا ومتى وكيف وأين يجب أن يعيش البشر وهم الذين قرّروا من قبل بوعدٍ تاريخي لا سابق له أن هذه الأرض يجب أن تكون لهؤلاء المحتلين المتجمّعين كما الجراد من جميع أنحاء الأرض فيما سكّان هذه الأرض من المواطنين الفلسطينيين المسالمين لا وطن لهم!
ولا يخجلون! نعم، لا يخجلون من جريمتهم! لا يخجلون من ظهور وتبيان حقيقتهم! فهم ” قادة العالم” وهم فوق رتبة البشر! نعم بالتأكيد، أين هم وأين بقية البشر؟! هم من صنفٍ آخر والذي يجري في عروقهم دمٌ من نوعٍ آخر حتى أنهم لا يرون ولا يشاهدون دماء الآلاف من أطفال الفلسطينيين ونسائهم وشيوخهم تُسفك في كل يوم أمام أعينهم بل أضحت هذه المشاهد خبزهم اليومي على شاشات التلفزة منذ أكثر من ثلاثمائة يومٍ وإلى الآن وما زالوا بفرعنتهم وجبروتهم جرمهم وحقيقتهم الوحشية يبرّرون!
وإن كان لهؤلاء ما يبرّر أطماعهم في أرض الآخرين بأنهم محتلّون معتدون غاصبون فلا شيء يبرّر سكوت الآلاف بل ملايين الملايين من الشعوب العربية الواقفة موقف المتفرّج على الدماء التي تُسال بشكلٍ يومي في فلسطين وفي لبنان حتى لكأنّهم لا يعرفون بأنّهم هم التالون من بعد ذلك بعد سنوات طويلة ولعلّها ليست طويلة جداً عندما يقرّر هؤلاء من أصحاب القرار في “دول القرار” أن هؤلاء أيضاً لا يجب أن يكونوا على هذه الأرض وأن هذه الأرض أرضهم لأناسٍ آخرين وليست لهم!
وإن كان لهؤلاء ما يبرّر أطماعهم في أرض الغير لأنّهم غاصبون محتلّون فلا شيء يبرّر سكوت الملايين من الشعوب العربية والإسلامية على حكامهم المطبّعين الخانعين بل والمتآمرين على مصالح دولهم فمن لم يرَ دماء أطفال الفلسطينيين واللبنانيين تُسفك اليوم لن يرى دماء أطفاله تُسفك غداً بل لن يستطيع أن يراها ولا غيره من الصامتين المنتظرين كما تنتظر الأضحية حدّ السكين بل لعلّ الأضحية تعي أكثر لأنها تقاوم الذبح وتنتفض!
بعد أكثر من ثلاثمائة يوم على المذبحة المتكرّرة يومياً في فلسطين ولبنان نسأل السؤال المميت أين هي الشعوب العربية والإسلامية ولا نسأل أين هم حكّام العرب لأنه ليس هناك حكام أصلاً بل متعاملون متواطئون على أمتّهم مأجورون حتّى يثبت العكس وكفى بالله وكيلاً!
*كاتبة لبنانية

Exit mobile version