خالد شــحام*
هذه المقالة من الفئة التي كتبت في عشر دقائق كنت خلالها أراجع نفسي ساذجا باعتقادي أن خليل الحية هو الرجل الوارث للقائد الشهيد اسماعيل هنية والذي سيجري انتخابه بشكل نزيه داخل حركة حماس ليكون رئيس الحركة الممثل برئيس المكتب السياسي الذي يضع تصورات ورؤية الحركة والاستراتيجيات الضرورية ، لكن القرار الذي أجمعت عليه قيادات الحركة المقاوِمة وصرحت به مساء الأمس كان مفاجئا على صعدٍ عدة لكنه بنفس الوقت كان القرار الانفجاري الأكثر صحة والأكثر عبقرية في معانيه ودلالاته ،
1-إن اختيار الحركة ليحيى السنوار هو رسالة واحدة عريضة لكل العالم : نحن باقون على عهدة طوفان الأقصى ومستمرون فيها حتى النهاية ، هذا هو اختيارنا الحر وهذه هي حياتنا وهذا هو قرارنا نعيش عليه ونعيش لأجله ونعيش به مهما كانت التضحيات ومهما فعلتم أو ستفعلون .
2-في الوقت الذي اعتقد فيه حلف الشيطان بكل ممثليه ومنظريه والأدوات الفاتكة المحمولة في باطنه بأن عشرة شهور من القتل والفتك التدمير والدجل والكذب السياسي والخداع المتواصل ، ستقود إلى تطويع الأداء السياسي لحماس والمقاومة الفلسطينية وتتسبب في دفعها لإخراج سياسات أكثر (ليونة ) وأكثر تدجينا وتناغما مع الرغبات الأمريكية -الصهيونية قدمت الحركة الرد الميداني ليقول كلمته لأنه هو صاحب المعركة الحقيقية ، وهو الجزء الأكثر صلابة ومتانة طيلة هذه الشهور المميتة ، إن الرسالة هنا واضحة وصريحة بأن من بدأ مشروع التحرير هو صاحب الأولوية فيمن سيختمه وهو صاحب الرؤية والطريقة .
3-امام الطروحات الإرهابية التي توصف تخفيفا في وسائط الشعوذة الإعلامية بأنها تصريحات (متشددة ) تندلق من مسؤول صهيوني أو أمريكي ، لم يعد المجال إلا بردٍ (متشدد ) ، عندما يطلع علينا بتسئيل بن إجراميل بتصريح من هوامش الإبادة والقتل العلني بدعوته إلى (القتل الأخلاقي لمليوني فلسطيني تجويعا وحصارا ) ، وعندما يطلع علينا الوزير عميحاي بن مستوحشاي ليطالب بضرب غزة بقنبلة نووية ، فلا يجوز الرد إلا بقنبلة نووية من نفس العيار المعنوي ، ولا يجوز الرد على بتسئيل إلا برد ذي نفسٍ ثقيل يكفي لجعله يتلعثم وهو يسمع الخبر .
4- لا شيء يمكنه أن يكافىء الثبات الميداني للمقاومة واداءها البطولي المنتج في هزيمة العدو وإلحاق خسائر فادحة بجنوده المخربين وآلياته وأدواته المميتة إلا منح هذا المنصب لقائد الميدان والذي بدوره يمنح المكانة المعنوية لهؤلاء المقاتلين الصامدين في أرض المعركة ، ويضيف إلى عزيمتهم دفعة جديدة من التمسك بنهج المقاومة والبقاء على الطريق الذي شقته عملية طوفان الأقصى .
5- عبقرية هذا الاختيار تمثل جزءا من تحدي رغبات المجلس الحربي الإجرامي للكيان الصهيوني ، وتمثل تحديا خاصا للمجرم النازي نتانياهو الذي فشل طيلة هذا العدوان الإرهابي في مس مكانة أو شخص القائد البطل يحيى السنوار وتحول إلى كابوس من كوابيسه يردده بين الفينة والأخرى ويتباهى بالقبض على (فردة حذائه ) أو لمح صورته ، لقد طغت صورة السنوار بعظمة إنجازاتها ونوعية التحديات التي وقفت بوجهها أمام صورة المجد والعظمة التي يحاول بنيامين رسمها في تاريخه الإجرامي والإرهابي ونال السنوارمكانة داخلية وعالمية اكبر مما فعل فريق العصابة القاتل.
6-إن اختيار يحيى البطل ليس مجرد رسالة لبنيامين نتانياهو النسخة الأصلية للمجرم قاتل النساء والأطفال ، بل هي رسالة متعددة الاتجاهات والنسخ ، تذهب منها نسخة إلى نتانياهوات العرب الذين يطالبون برأس المقاومة ويتسببون في تعطيل المفاوضات ووضع العراقيل فيها من خلال الضغط على نتانياهو الأصلي بالتشدد في المطالبات فيما هم يدعون إلى التهدأة وايقاف الحرب ، تذهب نسخة أخرى تحديا إلى مجلس النتانياهوات الغربي من الذين يصطفون على المكشوف في مؤازرة أعداء العرب والمسلمين واعداء الحياة من خلال الدعم المالي والعسكري والدعم اللوجستي والدعم الإعلامي المخزي ضد حلف المقاومة العربي .
7-لم تعد قضية ملف الأسرى ومفاوضات إنهاء الحرب في قطاع غزة منوطة بالفريق السياسي المفاوض بل عادت مرة أخرى إلى الداخل كما كل مرة ولم يطرأ عليها أي تغيير، ولكنها الان أصبحت علنية بأن هذا الملف محكوم بالكامل بين يدي غزة وليس خارجها ، إنها روح الثبات ودقة الأداء وإبداع المناورة الذي تميزت به سياسة المقاومة طيلة فترة العداون .
8- لا يمثل اختيار يحيى السنوار رئيسا للمكتب السياسي رغبة القيادات الجغرافية لحركة حماس ، بل هو رغبتنا نحن ، نحن الشعوب المنسية في ظلال الخوف والرهبة والخذلان والضياع في صحراء الحكم العربي ، رغبة الشعوب التي لو قدر لها لاختارتك أنت أيها البطل العربي رئيسا لكل العرب وقائدا عظيما تزحف بهذه الأمة إلى المجد والعلياء ، لن يتوقف الأمر عند اختيار قيادات الحركة بل نحن نبايعك ونسلمك دفة القيادة أنت وسائر القيادات الجديدة التي أشرق بها الزمان العربي حتى نهايات هذا العمر.
*كاتب فلسطيني