اليمن الحر الأخباري

حماس وإفشال نهج العدو!

د. معن علي المقابلة*

اتبع الكيان الصهيوني سياستين في صراعه مع الفلسطينيين، وقد حقق فيهما نجاحاً ملحوظاً؛ مما أغراه في الاستمرار بهما.

الأولى: اغتيال القادة في تنظيمات المقاومة.

والثانية: الضغط على الحاضنة الشعبية.

إن المتتبع لتاريخ الصراع الفلسطيني الصهيوني ، يجد أن الكيان الصهيوني اعتمد وبشكل كبير على سياسة الاغتيالات لإجهاض المقاومة , ودب اليأس بين أفرادها، حيث كان لديه القدرة على الوصول إلى الكثير من هذه القيادات؛ سواء داخل فلسطين المحتلة, أو خلال تواجدهم في دول الطوق, أو ابعد من ذلك حيث يصل لأية دولة يتواجد فيها هؤلاء القادة، وإذا أردنا أن نستذكر هؤلاء القادة فان القائمة تطول ’ ولكن نستعرض أبرزهم: غسان كنفاني الذي اغتيل سنة ١٩٧٢، وهو عضو المكتب السياسي والناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ومحمد يوسف النجار وكمال عدوان وكمال ناصر في العملية التي أطلق عليها ربيع الشباب سنة ١٩٧٣، وعلي حسن سلامة سنة ١٩٧٩، وخالد نزال عضو الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وخليل الوزير أبو جهاد سنة ١٩٨٨، وصلاح خلف سنة ١٩٩١، وأبو علي مصطفى أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين سنة ٢٠٠١ وهؤلاء جميعاً كانوا أعضاءً في منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تجمع التنظيمات الفلسطينية حينها.

وببروز التنظيمات الإسلامية مثل حركة الجهاد الإسلامي ( والتي تأسست سنة ١٩٨١م ) وحركة المقاومة الإسلامية حماس (سنة ١٩٨٧م)

وأذرعهما العسكرية فسرايا القدس الجناح العسكري للجهاد الإسلامي، وكتائب الشهيد عز الدين القسام الذراع العسكري لحماس. لم يتوان العدو الصهيوني عن ممارسة سياسة الاغتيال بحق قادة هذين التنظيمين ؛ فقد اغتال أمين عام الجهاد الإسلامي فتحي الشقاقي سنة ١٩٩٥، والكثير من القادة الميدانيين كجهاد شاكر غنام وخليل صلاح البهتيني وطارق عز الدين، إلا أن حركة المقاومة الإسلامية(حماس) كان لها النصيب الأكبر من هذه الاغتيالات، وعلى رأس قيادات حماس الذين تم اغتيالهم من قبل الكيان الصهيوني : صلاح شحادة(٢٠٠٢) وإبراهيم المقادمة(٢٠٠٣) ،ومؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين (٢٠٠٤)، وعبد العزيز الرنتيسي(٢٠٠٤) )، و سعيد صيام (٢٠٠٩) و نزار ريان (٢٠٠٩) ورئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية(٢٠٢٤)، ونائبه صالح العاروري(٢٠٢٤) ولا يتسع هذا المقال لذكر كل الشهداء من قادة حماس.

إن كل التنظيمات الفلسطينية قد انضوت تحت منظمة التحرير الفلسطينية، باستثناء التنظيمين:الجهاد الإسلامي وحماس اللذين تاسسا على خلفية مقاومة الاحتلال الصهيوني لفلسطين؛ لتحريرها من البحر إلى النهر، وهذا ما جاء في مواثيقهما وأدبياتهما، إلى أن حذفت منظمة التحرير الفلسطينية من ميثاقها هذا النص، وذلك من أجل اعتراف الولايات المتحدة بها ؛ كي تدخل بمفاوضات سلام تنطلق من الاعتراف بدولة الكيان الصهيوني على الأرض، التي احتلتها الأخيرة سنة ١٩٤٨، وتكون المفاوضات على الأرض التي أحتلها الكيان الصهيوني سنة ١٩٦٧ -الضفة الغربية وغزة- وأكاد أزعم أن هذا التنازل من قبل منظمة التحرير الفلسطينية وهو (الاعتراف بالكيان الصهيوني) كان جزءً منه الاغتيالات؛ التي أودت بحياة كثير من قادة هذه التنظيمات،أولئك الذين لم يكونوا ليرضوا بهذا التنازل ( الذي قدمته منظمة التحرير الفلسطينية،على طبق من ذهب وليس فضة) ليتمخض عنه سلطة هزيلة، تأتمر بأمر الكيان الصهيوني وتنسق معه امنياً ، حيث وأصبحت ذراعه لإجهاض المقاومة ضده.

لم يكن أكثر المتشائمين يتخيل، أن تصل الأمور إلى هذا الحد من التنازل من الرفاق الذين خاضوا معارك بطولية ضد هذا الكيان وقدموا كل هذه التضحيات لياتي هؤلاء الرفاق ويقدموا كل هذه التنازلات ويستهينوا بكل هذا الدم وتلك التضحيات.

أما السياسة الأخرى التي اتبعها العدو للضغط على المقاومة لتقديم تنازلات، فهي معاقبة الحاضنة الاجتماعية للمقاومة الفلسطينية؛ حيث لم يتوان الاحتلال عن ارتكاب مجازر يندى لها الجبين، لم تستثن طفل أو شيخ أو امرأة، إلى جانب تدمير كل البنى التحتية: من مستشفيات ومدارس ومولدات الطاقة ومصادر المياه وتدمير الأراضي الزراعية وأحياء سكنية بكاملها، كما نشاهد اليوم في غزة والضفة الغربية منذ انطلاق طوفان الأقصى.

يبدو أن هذه السياسة لم تعد تجدي نفعاً مع التنظيمين الأساسيين حماس والجهاد الإسلامي .اللذين يخوضان حرب ضروس مع الكيان الصهيونى منذ تأسيسهما منذ أكثر من أربعة عقود، فبالرغم من قيام العدو باغتيال عدد كبير من قيادات هذين التنظيمين، إلا أنهما اثبتا أنهما تنظيمان راسخان ، تحركهما عقيدة لا ترتبط بالأشخاص بقدر ما ترتبط بإيمان كوادر هذين التنظيمين بعدالة قضيتهما، والتصميم على الاستمرار في مقاومة العدو، وهذا ما يثبته الواقع فلديهما من الكوادر المؤهلة للاستمرار في المقاومة ما أثبتته الوقائع.

إن أعضاء هاتين الحركتين، وبالأخص حماس ،يصلح كل واحد منهم أن يكون قائدًا للحركة، وقد صدق فيهم قول الشاعر السمؤل:

إِذا سَيِّدٌ مِنّا خَلا قامَ سَيِّدٌ

قَؤُولٌ لِما قالَ الكِرامُ فَعُولُ

وفي الاغتيال الأخير الذي أقدم عليه الكيان الصهيوني لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الشهيد إسماعيل هنية، لم تتأخر الحركة في اختيار قائد لها، في رسالة تحدّي واضحة للكيان الصهيوني ومن يدعمه، فاختيار يحيى السنوار وهو القائد الميداني الذي خطط لطوفان الأقصى ، والذي يقود المعركة منذ أكثر من عشرة شهور رئيساً للمكتب السياسي لحركة حماس، يؤكد ان الحركة متماسكة ولديها خياراتها الاستراتيجية ؛ القائمة على المقاومة وان هذه الاغتيالات لا تزيدها إلا تصميماً، على مواصلة ما ضحى من أجله قيادات الحركة وكوادرها وانها لن تخون هذه التضحيات.

كما أن سياسة الضغط على الحاضنة الشعبية للمقاومة ثبت فشلها مع هذين التنظيمين، فهذا الالتفاف حول المقاومة وخياراتها، والتي نشاهدها كل يوم رغم حجم ما تتعرض له هذه الحاضنة من قتل ونزوح وتدمير وهي تقف صفاً واحدًا خلف المقاومة يؤكد فشل هذه السياسة وهذا ما يستدل عليه من استطلاعات الرأي الأخيرة.

أخيراً وليس آخراً؛ المقاومة تعلم أنها تخوض حرب تحرير ضد عدو، لا يأبه بالقانون الدولي و شرائع المنظمات الدولية، ولا يلتزم بمعاهدات أو اتفاقيات ، وقد خبرت ذلك من خلال قراءة تاريخ هذا العدو عبر أكثر من سبعة عقود، فأصبح لديها قناعات راسخة أن هذا العدو لا يفهم إلا لغة القوة، والقوة فقط.
* كاتب وباحث وناشط سياسي أردني
…………………………..
عبقرية الانتخاب والدرب الطويل.. نحن الشعوب نختارك أنت يا السنوار.. عبقرية الانتخاب والدرب الطويل!
خالد شــحام*
هذه المقالة من الفئة التي كتبت في عشر دقائق كنت خلالها أراجع نفسي ساذجا باعتقادي أن خليل الحية هو الرجل الوارث للقائد الشهيد اسماعيل هنية والذي سيجري انتخابه بشكل نزيه داخل حركة حماس ليكون رئيس الحركة الممثل برئيس المكتب السياسي الذي يضع تصورات ورؤية الحركة والاستراتيجيات الضرورية ، لكن القرار الذي أجمعت عليه قيادات الحركة المقاوِمة وصرحت به مساء الأمس كان مفاجئا على صعدٍ عدة لكنه بنفس الوقت كان القرار الانفجاري الأكثر صحة والأكثر عبقرية في معانيه ودلالاته ،
1-إن اختيار الحركة ليحيى السنوار هو رسالة واحدة عريضة لكل العالم : نحن باقون على عهدة طوفان الأقصى ومستمرون فيها حتى النهاية ، هذا هو اختيارنا الحر وهذه هي حياتنا وهذا هو قرارنا نعيش عليه ونعيش لأجله ونعيش به مهما كانت التضحيات ومهما فعلتم أو ستفعلون .
2-في الوقت الذي اعتقد فيه حلف الشيطان بكل ممثليه ومنظريه والأدوات الفاتكة المحمولة في باطنه بأن عشرة شهور من القتل والفتك التدمير والدجل والكذب السياسي والخداع المتواصل ، ستقود إلى تطويع الأداء السياسي لحماس والمقاومة الفلسطينية وتتسبب في دفعها لإخراج سياسات أكثر (ليونة ) وأكثر تدجينا وتناغما مع الرغبات الأمريكية -الصهيونية قدمت الحركة الرد الميداني ليقول كلمته لأنه هو صاحب المعركة الحقيقية ، وهو الجزء الأكثر صلابة ومتانة طيلة هذه الشهور المميتة ، إن الرسالة هنا واضحة وصريحة بأن من بدأ مشروع التحرير هو صاحب الأولوية فيمن سيختمه وهو صاحب الرؤية والطريقة .
3-امام الطروحات الإرهابية التي توصف تخفيفا في وسائط الشعوذة الإعلامية بأنها تصريحات (متشددة ) تندلق من مسؤول صهيوني أو أمريكي ، لم يعد المجال إلا بردٍ (متشدد ) ، عندما يطلع علينا بتسئيل بن إجراميل بتصريح من هوامش الإبادة والقتل العلني بدعوته إلى (القتل الأخلاقي لمليوني فلسطيني تجويعا وحصارا ) ، وعندما يطلع علينا الوزير عميحاي بن مستوحشاي ليطالب بضرب غزة بقنبلة نووية ، فلا يجوز الرد إلا بقنبلة نووية من نفس العيار المعنوي ، ولا يجوز الرد على بتسئيل إلا برد ذي نفسٍ ثقيل يكفي لجعله يتلعثم وهو يسمع الخبر .
4- لا شيء يمكنه أن يكافىء الثبات الميداني للمقاومة واداءها البطولي المنتج في هزيمة العدو وإلحاق خسائر فادحة بجنوده المخربين وآلياته وأدواته المميتة إلا منح هذا المنصب لقائد الميدان والذي بدوره يمنح المكانة المعنوية لهؤلاء المقاتلين الصامدين في أرض المعركة ، ويضيف إلى عزيمتهم دفعة جديدة من التمسك بنهج المقاومة والبقاء على الطريق الذي شقته عملية طوفان الأقصى .
5- عبقرية هذا الاختيار تمثل جزءا من تحدي رغبات المجلس الحربي الإجرامي للكيان الصهيوني ، وتمثل تحديا خاصا للمجرم النازي نتانياهو الذي فشل طيلة هذا العدوان الإرهابي في مس مكانة أو شخص القائد البطل يحيى السنوار وتحول إلى كابوس من كوابيسه يردده بين الفينة والأخرى ويتباهى بالقبض على (فردة حذائه ) أو لمح صورته ، لقد طغت صورة السنوار بعظمة إنجازاتها ونوعية التحديات التي وقفت بوجهها أمام صورة المجد والعظمة التي يحاول بنيامين رسمها في تاريخه الإجرامي والإرهابي ونال السنوارمكانة داخلية وعالمية اكبر مما فعل فريق العصابة القاتل.
6-إن اختيار يحيى البطل ليس مجرد رسالة لبنيامين نتانياهو النسخة الأصلية للمجرم قاتل النساء والأطفال ، بل هي رسالة متعددة الاتجاهات والنسخ ، تذهب منها نسخة إلى نتانياهوات العرب الذين يطالبون برأس المقاومة ويتسببون في تعطيل المفاوضات ووضع العراقيل فيها من خلال الضغط على نتانياهو الأصلي بالتشدد في المطالبات فيما هم يدعون إلى التهدأة وايقاف الحرب ، تذهب نسخة أخرى تحديا إلى مجلس النتانياهوات الغربي من الذين يصطفون على المكشوف في مؤازرة أعداء العرب والمسلمين واعداء الحياة من خلال الدعم المالي والعسكري والدعم اللوجستي والدعم الإعلامي المخزي ضد حلف المقاومة العربي .
7-لم تعد قضية ملف الأسرى ومفاوضات إنهاء الحرب في قطاع غزة منوطة بالفريق السياسي المفاوض بل عادت مرة أخرى إلى الداخل كما كل مرة ولم يطرأ عليها أي تغيير، ولكنها الان أصبحت علنية بأن هذا الملف محكوم بالكامل بين يدي غزة وليس خارجها ، إنها روح الثبات ودقة الأداء وإبداع المناورة الذي تميزت به سياسة المقاومة طيلة فترة العداون .
8- لا يمثل اختيار يحيى السنوار رئيسا للمكتب السياسي رغبة القيادات الجغرافية لحركة حماس ، بل هو رغبتنا نحن ، نحن الشعوب المنسية في ظلال الخوف والرهبة والخذلان والضياع في صحراء الحكم العربي ، رغبة الشعوب التي لو قدر لها لاختارتك أنت أيها البطل العربي رئيسا لكل العرب وقائدا عظيما تزحف بهذه الأمة إلى المجد والعلياء ، لن يتوقف الأمر عند اختيار قيادات الحركة بل نحن نبايعك ونسلمك دفة القيادة أنت وسائر القيادات الجديدة التي أشرق بها الزمان العربي حتى نهايات هذا العمر.
*كاتب فلسطيني

Exit mobile version