عبدالفتاح البنوس*
المجاهد الحمساوي الفلسطيني البطل، والقائد العسكري المحنك، والسياسي البارع، والمناضل الجسور، يحيى السنوار رئيسا للمكتب السياسي لحركة حماس خلفا للشهيد القائد إسماعيل هنية، قرار صائب وحكيم اتخذته حركة حماس بعد يومين فقط من تشييع الشهيد القائد إسماعيل هنية، وهو ما يعد ضربة موجعة للكيان الصهيوني الذي راهن على ورقة الانقسامات داخل الحركة عقب اغتيال هنية، سرعة الاختيار والإجماع على السنوار إن دل على شيء فإنما يدل على أن الحركة تدار وفق الأطر المؤسسية، والتي تعتمد على المرونة، وأن قراراتها تصدر من داخل فلسطين لا من خارجها، وأنها أكثر قوة وتماسكا، وأن لديها من القيادات المؤهلة لمواصلة مسار برنامج التحرير الذي تشتغل عليه وتسعى من أجله ما يؤهلها ويمكنها بعون الله وتوفيقه من أجل تحقيقه .
كان قرار حركة حماس بتعيين السنوار خلفا للشهيد إسماعيل هنية صادما ومرعبا لكيان العدو الصهيوني وللنتن ياهو وحكومته الإجرامية، لم يتوقعوا أن يكون السنوار خليفة لهنية، لأنهم ظنوا أن الأول قد قتل خلال المعارك التي يخوضها أبطال المقاومة ضدهم ، ولو كانوا يدركون أن السنوار لا يزال حيا، وأنه سيكون خليفة هنية لما أقدموا على اغتيال الأخير في طهران.
هيئة البث الإسرائيلية في سياق تعليقها على تعيين السنوار، أشارت إلى أن ( تعيين السنوار مفاجئ، ورسالة لإسرائيل بأنه حي وأن قيادة حماس في غزة قوية وقائمة وستبقى )، ولا غرابة فالصهيوني يدرك جيدا من هو القائد يحيى السنوار، ويفهم جيدا ما هي توجهاته، وهو على دراية مسبقة بالطريقة والأسلوب الذي سيدير به حركة حماس وخصوصا في هذه المرحلة الهامة التي تخوض فيها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة معركة الوجود والثبات المصيرية مع هذا الكيان الإجرامي المحتل .
السنوار الذي قضى قرابة 22عاما في سجون المحتل الصهيوني، هو أحد العقول المدبرة لمعركة طوفان الأقصى وهو من القيادات الميدانية التي تخوض معركة التحرير ضد الكيان الصهيوني، دفاعا عن الكرامة والشرف العربي بالنيابة عن أمة الخنوع والخضوع والخيانة والعمالة، مواقفه الصلبة جعلته شوكة في نحور الصهاينة الذين حاولوا اغتياله لأكثر من مرة، وأعلنوا عن اغتياله لمرات عديدة، شكّل حضوره وتواجده الميداني إلى جانب المجاهدين دافعا لهم للمواجهة والاستبسال، كما شكل ذات الحضور مصدر رعب وقلق لقوات العدو الصهيوني الذي وجد صعوبة بالغة في مواجهة التكتيكات العسكرية التي يعتمد عليها أبطال المقاومة والتي كان السنوار أحد أبرز من عمل على رسمها وترجمتها على مسرح العمليات القتالية بكل كفاءة واقتدار .
المجاهد السنوار عرف عنه بأنه قليل الكلام كثير الأفعال، أقواله يترجمها إلى أفعال، يتذكر الصهاينة اليوم وفي مقدمتهم النتن ياهو، ما قاله خلال العدوان الجاري على غزة بأن أبطال المقاومة سيجعلون ( نتنياهو يلعن اليوم الذي ولدته أمه فيه )، ويبدو أن النتن ياهو قد استعجل على نفسه في الوصول إلى هذا اليوم، باغتياله للشهيد القائد إسماعيل هنية، وتولي القائد يحيى السنوار خلفا له، وعليه أن يستعد لفصل جديد قد يكون الحاسم بإذن الله في معركة التحرير التي يخوضها أبطال المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، تحت قيادة هذا القائد الذي لا يعرف المرونة واللين، ويعاف الدبلوماسية ومراوغاتها ونفاقها، ويميل إلى الحسم العسكري وخصوصا مع عدو عرف بغدره ومكره وغطرسته وصلفه وإجرامه وتنكره لكل الاتفاقات والتفاهمات وتنصله عن كافة التعهدات والالتزامات، عدو لا يعرف إلا لغة ومنطق القوة وليس غير القوة كي يرعوي ويعود إلى رشده .
السنوار يدرك جيدا طبيعة المرحلة، وحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، ويؤمن إيمانا راسخا بعدالة ومشروعية ومظلومية القضية التي يناضل ورفاقه المجاهدون في سبيل الله من أجل الانتصار لها، وأنا على ثقة مطلقة بأنه سيواصل العمل العسكري، وسيفرمل عجلات المسار السياسي التفاوضي، وسيفرض على الكيان الصهيوني شروط المقاومة ومطالبها الملزمة، وسيجبره على الخنوع والخضوع ورفع الراية البيضاء بعون الله وتأييده وتوفيقه، سيجعل من منصبه السياسي، قاعدة عسكرية، تعزز من قدرات وإمكانيات المقاومة الدفاعية والهجومية، سيريهم بقوة الله وفضله من البأس الفلسطيني ما تقر به عيون شهداء غزة وفي مقدمتهم الشهيد القائد إسماعيل هنية، ولن يدخر أي وقت أو جهد أو وسيلة في سبيل ترسيخ وتعزيز الرعب والقلق في أوساط الصهاينة، للحد الذي يلاحقهم في كل تحركاتهم ، ويصل إلى داخل كل بيت في فلسطين المحتلة .
لقد تجاوز النتن ياهو وحكومته الإجرامية كل الخطوط الحمراء، وعليه إزاء ذلك أن يستعد لما لا يسره من أيام سوداء، وليال جهنمية، ليحصد ثمار ما زرع، وليدفع ثمن حماقاته المستمرة، وغطرسته المتصاعدة في الغي والإجرام.
*نقلا عن الثورة