اسيا العاروس*
لليوم الثاني على التوالي استمرت بالامس العملية العسكرية الاسرائيلية في مخيم طولكرم بالضفة الغربية ..و فيما اعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قطع زيارته الى الرياض و العودة الى الضفة كانت حصيلة الشهداء ترتفع الى سبعة عشرة شهيدا بين اكثر من مخيم وسط توقعات بالمزيد في ظل التوغل المتوحش للجرافات الاسرائيلية التي حولت الطرقات الى اكداس من الحطام ..الاحتلال و على غير عادته كلما اقترف جرائمه اقر بقتل خمسة فلسطينيين داخل مسجد في مخيم نور شمس بينهم أبو شجاع قائد كتيبة طولكرم…طبعا كما تعود جيش الاحتلال فقد رافق العملية العسكرية في الضفة حملة اعتقالات و مداهمات و هدم و هو ما يمكن اعتباره مقدمة للفصل القادم من مسلسل الابادة الذي يمتد من قطاع غزة ال ىالضفة تحت انظار المجتمع الدولي الذي لولا موقفه المتخاذل الى درجة التواطؤ و المشاركة في العدوان على غزة لما كان مجرم الحرب ناتنياهو يستطيع التطاول على القانون الدولية و العدالة الدولية التي تنحر في كل حين تحت اقدم جيش الاحتلال اذي يدوس على كل شيئ …
الاستعراض العسكري الاسرائيلي الذي رافق اقتحام الضفة مؤشر خطير على ان الاحتلال لن يتوقف عند هذه الخطوة و انه يستعد لاقتراف المزيد من المجازر بدعوى ملاحقة النشطاء و المسلحين ..و الحقيقة ان في انسياق بعض القنوات العربية وراء الرواية الاسرائيلية و الترويج بملاحقة القوات الاسرائيلية لمصنع للسلاح في جنين و طولكرم خطأ استراتيجي وب الانتباه له على اعتبار انه يوفر الذريعة التي تعتمدها حكومة ناتنياهو في كل مرة لشن اعتداءاتها التي لا تتوقف ..طبعا ندرك جيدا ان كيان الاحتلال لا يحتاج ذرائع لشن اعتداءاته و اقتحاماته و ان الاتهامات جاهزة دوما لتنفيذ مخططاته التي غالبا ما يتلقفها الاعلام الغربي و الحكومات الغربية لتبرير جرائم الاحتلال ..
و اذا انطلقنا من ان الحق في مقاومة الاحتلال حق مشروع في كل القوانين و الاعراف لكل شعوب الارض التي تتطلع للحرية و كسر قيود الظلم و الاحتلال فان هذا لا يجب و لا يمكن ان يحجب الحقائق الميدانية على الارض هي انه من الاجحاف الحديث عن مصانع للسلاح لدى الفلسطينيين في الضفة فليس سرا ان اعين الاحتلال و حصاره المقيت و قيوده على كل المعابر و الحدود و المنافذ من شانها ان تعزز القناعة و ان عمليات تسريب او تهريب أي نوع من السلاح مر يكاد يكون مستحيلا .و الارجح انه باستثناء ما يقوم به النشطاء من ابتكارات او تصنيع لبعض الاسلحة او القنابل اليدوية بالوسائل البدائية فان الحديث عن مصانع للسلاح فيه تهويل وهو ايضا ذريعة لتبرير و شرعنة ما لا يمكن تبريره او شرعنته من جرائم الاحتلال و من قتل و تدمير و ترهيب و اعتقالات و حرق للاخضر و اليابس …وهذه الذريعة تدفع بها اسرائيل لدى المنظمات الدولية و الاممية لدفعها الى اضفاء صفة الارهاب على فصائل المقاومة التي تسعى لانهاء الاحتلال و فضح جرائمه على مدى عقود في حق الاجيال الفلسطينية قبل وبعد النكبة الكبرى و النكسة ومنها الى أم النكبات المستمرة اليوم في غزة ..و قاعتنا ايضا ان القوات الفلسطينية نفسها لا تملك من السلاح او الذخيرة ما يمكنها من مواجهة او التصدي لجيش الاحتلال المدجج بكل انواع السلاح و العتاد الاكثر تطورا و الاكثرفتكا ..
هناك حقائق ميدانية لا يمكن تجاهلها و هي ان كيان الاحتلال برئاسة ناتنياهو و عصابته لا يريدون لحرب الابادة في غزة ان تنتهي و حديث ناتنياهو عن اليوم التالي للحرب ليس سوى مواصلة للهروب الى الامام و مواصلة لعبة المرواغة تحسبا لقرارات لجنائية الدولية و ملاحقة مجرمي الكيان و هي مسالة لا خلاف انها لم تكن واردة و ممكنة كما هي اليوم في ظل التحركات و الدعوات الدولية في العدل الدولية و الجنائية الدولية و كذلك المحاكم الشعبية في مختلف العواصم العالمية التي باتت ترفض الارتباط بجرائم الاحتلال و تطالب الحكومات بوقف تسليح الكيان و مشاركته في اراقة دماء الفلسطينيين بعد عشرة اشهر من الحرب الدموية في غزة و مقتل اكثر من اربعين الف ضحية دون اعتبار لعشرات الاف من الضحايا و الايتام و الارامل و المهجرين و لاجئين دون اعتبار للمفقودين و لجيل من اصحاب الاطراف المبتورة ..في كل ذل و عندما ياتي صوت جلعاد أردان مندوب الاحتلال لدى الأمم المتحدة مطالبا بإغلاق مبنى الأمم المتحدة ومحوه من على وجه الأرض فان في ذلك ما يمكن اعباره ايضا مقدمة كذلك لانهاء دور هذه المنظمة في اطار المشروع الصهيوني الاستيطاني التوسعي الذي يحتاج لاحتلال ما بقي من الارض و التمدد دون ان يكون للامم المتحدة و لقوانينها و احكامها و شرعيتها و تهديداتها ادنى وجود يمكن ان يزعج او يحرج الاحتلال و من هنا توسع و امتداد سيناريو الابادة من غزة الى الضفة تحت انظار مجتمع دولي عاجز و يقر بعجزه فسي التصدي للالة الاحتلال ..و في انتظار ما ستحمله الساعات القادمة لا ندري صراحة كيف سيكون موقف و رد محمود عباس على جريمة الاحتلال في الضفة الغربية وهل سيكون بامكانه الوصول الى جنين و الوقوف على اهوال ما ارتكبه الاحتلال و هل ستدفعه لتنفيذ وعده بالذهاب الى غزة ان ستدفعه للعدول عن ذلك
*كاتبة تونسية