اليمن الحر الأخباري

قنبلة سينمائية تهزم نتنياهو!

 

اسيا العتروس*
كان يعتقد أنه ملك الملوك الذي لا يهزم ولا يقهر ولا يلاحق في المحاكم الدولية والقضائية، أوأنه بمنأى عن أعين الاعلام والكاميرا وفي حصن من السينما احد أخطر واقوى الاسلحة السياسية والثقافية , ولكن عرض “ملفات بيبي “في مهرجان تورنتو السينمائي حطم كل ذلك وجعله يعود الى الواقع ويستفيق من اوهام العظمة التي جعلته ينساق الى تقتيل وابادة اهالي غزة رافضا كل الاصوات والدعوات المطالبة بانهاء الحرب المسعورة …طبعا لا نتوقع قطف ثمار فيلم “ملفات بيبي “قريبا و لكن قناعتنا أن الفيلم الذي هز عرش ناتنياهو في الداخل الاسرائيلي قبل الخارج لن تتوقف قريبا وأن تداعيات ما وصف بالقنبلة السينمائية ستكون وثيقة اضافية لكل الوثائق المدونة في المنظمات الحقوقية والاممية و في الجنائية و العدل الدولية لمجرم الحرب ناتنياهو الذي يجد في استمرار الحرب ملاذا ومنقذا له حتى الان.. “ملفات بيبي” عنوان سيتعين استحضاره وقراءة كل ما جاء فيه من معطيات وحقائق خطيرة لا يريد لها رئيس حكومة الاحتلال أن اخرج للرأي العام … ولكنها نسي او تناسى أن عالم اليوم اضحى في زمن العولمة قرية متشابكة و انه مهما فرض من قيود ومهما احكم سطوته على وسائل التواصل فان ذلك لن يمنع ترويج الفيلم الذي يصح وصفه بالحدث ..
الامر يتعلق برئيس وزراء كيان الاحتلال الذي اسقط في يده مع روج الفيلم الوثائقي “ملفات بيبي” الى العالم ليفضح ما خفي من حقائق بشأن تورط نتنياهو وأفراد من عائلته في جرائم فساد و اصراره على المضي قدما في خيار الحرب للهروب من المحاسبة .. بدأ العمل والاعداد لهذا الفيلم فيه أواخر العام 2023, وهو من نوع الافلام الوثائقية يدوم ساعتين وهو اقرب الى العمل الاستقصائي بمفهوم الصحافة الاستقصائية و يقدم من الادلة والوثائق و الشهادات ما يكفي لادانة ناتنياهو ما دفعه إلى أن يطلب من المحكمة الاسرائيلية إصدار أمر فوري يحظر عرضه للإسرائيليين ولكنه فشل في ذلك ..فقد رفض القاضي الإسرائيلي اصدارالامر معتبرا أن الفيلم يحتوي على مقاطع فيديو توثّق تحقيقات الشرطة مع نتنياهو، ومع زوجته سارة، ونجله يائير، وإذا كان القانون الإسرائيلي يحظر نشر مقاطع من تحقيقات الشرطة في أي قضية، لكنه لا يحظر على الأشخاص حصولهم على التسجيلات، أي لا يحظر فيلماً مستمَداً من تلك الوثائق.بل و على العكس من تحريضات نتنياهو فقد اطلق بعض مواطنية مبادرة لعرض بمقابل رمزي ، وفي ليلة واحدة سجّل حوالي 13 ألف شخص طلبات المشاهدة…و بدل مصادرة الفيلم فقد شهد رواجا فاقم حنق ناتنياهو و غضبه ..
“ملفات بيبي” الذي وصفته الصحافة الدولية بالقنبلةK فيلم من إنتاج مشترك للحائز على جائزة الأوسكار أليكس جيبني، وهو أميركي إسرائيلي، والصحافي الإسرائيلي في القناة «13»، رافيف دروكر، ومن إخراج اليهودية الأميركية أليكسيس بلوم. وهو فعلا قنبلة اعلامية وسياسية وقانونية ايضا ولكن مع الاسف كالعادة لم يكن الاعلام العربي المنشغل بقضاياه الداخلية في الموعد ولم يسعى لتسليط الاضواء على هذا الفيلم الذي كان يمكن ان يكون وقعه مضاعفا في زمن التكنولوجيا الحديثة وسرعة تداول و نقل الاخبار مع قوة الصورة وما يمكن ايضا للسينما أن تقدمه للرأي العام الدولي من تعرية للحقائق وتحريك للجمود الساكن في العقول ودفع للتفكير الفلسفي وطرح كل المحرمات والمسلمات ..
وحسب تصريحات صاحب الفيلم فقد تم الحصول على التسجيلات المصوّرة سنة 2023 ، طبعا لم يتم الكشف عن المصدر ولكن الوثائق مسرّبة من الشرطة عن التحقيقات وسجلت بين عامَي 2016 و2018 بوصفها جزءاً من جمع الشرطة الأدلة لتحديد ما إذا كان ينبغي توجيه لائحة اتهام ضد نتنياهو، وقد وُجّهت ضده في عام 2019، وشملت تهم الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة.
“ملفات بيبي” تعرض مقاطع تتضمّن تحقيقات مطوَّلة مع نتنياهو وزوجته ونجله وأصدقائه ومقرّبين منه، وكذلك مع موظفين في مسكن رئيس الحكومة الرسمي…
التسجيلات التي تم الحصول عليها تحتوي على آلاف الساعات من التحقيقات الامنية التي تم إجراؤها منذ أكثر من 8 سنوات، و لكن لم يتم نشرها من قبل داخل الكيان الاسرائيلي بسبب قانون الخصوصية فيها.
رغم امتلاك ناتنياهو كل انواع القنابل والذخائروالاسلحة بما في ذلك المحرمة دوليا و هي اسلحة قادرة على استهداف الفلسطينيين كل يوم وهو يعتقد بأنه قادر على ابادة غزة بما فيها ولكن فاته أن هناك قنابل اشد وقعا و اكثر فتكا وهي قنابل تستهدف العقول ودورها اعادة الوعي المفقود في الانسان و منها القنبلة السينمائية بتورنتو وما احدثته لدى ناتنياهو رجة بل زلزال نفسي مدمر يحاول تجاهله للهروب من واقعه ..”ملفات بيبي” تعيد للاذهان اسطورة من الاساطير المتوارثة بشانالنهاية الطبيعية لكل من علا وطغا وتجبر مقترنة بنهاية نمرود الذي كان يعتقد أنه من يتحكم في كل العالم الى أن تسللت الى منخاره بعوضة نغصت عليه حياته و جعلته لا يرتاح الا بعد ضرب رأسه بالانعال الى أن كانت نهايته..
*كاتبة تونسية

Exit mobile version