د. شهاب المكاحله*
في وقت يلتقي فيه قادة العالم على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة (٢٤-٢٨ سبتمبر ٢٠٢٤)، يبدو ان الجانبين الإسرائيلي وحزب الله بدآ التصعيد التدريجي للمواجهة بينهما لكن لن تصل المواجهة بينهما الى الحد الذي يقود الى حرب شاملة بينهما لأن توقيتها ليس في صالح الإدارة الأميركية. فتصعيد الجيش الإسرائيلي يهدف إلى تحويل الانتباه عن مجازره في قطاع غزة والضفة الغربية وتخفيف الضغط السياسي الدولي والداخلي الإسرائيلي للمضي قدما في مواجهة متدرجة ومتدحرجة مع حزب الله وممارسة الضغط على الإدارة الأميركية مع توقعات بان تصل تلك المواجهة ذروتها في نهاية هذا العام.
فمع تصاعد التوتر بين إسرائيل وحزب الله في الأسابيع الأخيرة، يبدو أن المنطقة تقف على شفا مواجهة جديدة قد تكون بداية لحرب لبنان الثالثة. عمليات حزب الله الأخيرة على الحدود الإسرائيلية وهجمات الجيش الإسرائيلي المكثفة تشير إلى رغبة كل طرف في توجيه رسالة واضحة للآخر، ولكن مع تكثيف العمليات العسكرية، يتساءل كثيرون ما إذا كان هذا التصعيد سيتحول إلى حرب شاملة حقا اليوم.
استراتيجية نتنياهو وتوسيع المواجهة
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يبدو عازماً على تصعيد المواجهة مع حزب الله، وهو ما يعكس الضغوط الداخلية التي يواجهها على المستوى السياسي، لا سيما مع الانقسامات العميقة في إسرائيل والاحتجاجات ضد حكومته. بالإضافة إلى ذلك، هناك ضغوط خارجية، خصوصاً من الحلفاء الدوليين الذين يطالبون إسرائيل بضبط النفس علنا والضرب بيد من حديد سرا. هذه الضغوط تدفع نتنياهو إلى تبني استراتيجية أكثر صرامة تجاه حزب الله، لكن هذه الاستراتيجية محفوفة بالمخاطر، خاصة مع قدرات الحزب العسكرية المتطورة والدعم الإيراني المستمر له.
العوامل المؤثرة في تصاعد التوتر
أولا، القدرات العسكرية لحزب الله: حزب الله يملك ترسانة من الصواريخ الدقيقة، بالإضافة إلى قوات مدربة قادرة على مواجهة الجيش الإسرائيلي في حرب غير تقليدية، مما يجعل أي تصعيد عسكري مكلفاً لإسرائيل. ثانيا، الدعم الإيراني: إيران تدعم حزب الله ليس فقط من خلال الأسلحة والتمويل، بل أيضاً من خلال تدريب وتقوية القدرات العسكرية للحزب. هذا الدعم يعقد أي محاولة إسرائيلية للحد من تهديد الحزب دون أن يتسبب ذلك في تصعيد إقليمي أوسع يشمل إيران. ثالثا، الضغوط الداخلية في إسرائيل: نتنياهو يواجه أزمات سياسية واقتصادية داخلية، وتوسيع نطاق المواجهة مع حزب الله قد يكون جزءاً من استراتيجيته للتغطية على هذه الأزمات أو لزيادة شعبيته عبر توجيه الأنظار نحو تهديد خارجي (تصدير الازمات).
المخاطر المحتملة
تصعيد الصراع قد يقود إلى نتائج كارثية، بما في ذلك اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله، وهو ما سيؤدي إلى خسائر فادحة في الأرواح وتدمير للبنية التحتية على الجانبين. كما أن تصعيد الحرب قد يؤدي إلى تدفق كبير للاجئين وزيادة التوترات الإقليمية، مع احتمال تدخل أطراف أخرى في النزاع مثل إيران وسوريا وحلفاؤهما في العراق واليمن.
مع استمرار التصعيد، يبدو أن خطر اندلاع حرب لبنان الثالثة أصبح أكثر واقعية. فإذا لم تتخذ الأطراف المعنية خطوات لتهدئة الوضع، فإن المنطقة قد تشهد حرباً واسعة النطاق سيكون لها آثار مدمرة على الاستقرار الإقليمي. لكن ما هو واضح للعيان هو أن زيادة حدة الضربات الإسرائيلية على لبنان ما هي الا رسالة إلى المجتمع الدولي بأن إسرائيل فوق القانون الدولي.
*كاتب اردني