اليمن الحر الأخباري

أحلام إسرائيل.. وسباتنا العربي!!

بقلم/ فيصل مكرم*
إسرائيلُ تَستقْوي على العالمِ العربي بضعفِه وغيابِ تضامنِه في مُواجهة التّحديات التي يفرضُها الإسرائيليُّ على المِنطقة، وكأن العالمَ العربيَّ عاجزٌ تمامًا عن الدفاع عن مصالحِه وقضاياه ووجودِه، أحلامُ إسرائيل تتسعُ وتزدادُ خطورةً في المِنطقة؛ لأنَّ العالم العربي في سُباتٍ عميقٍ، ولأن تحقيق الأمن القومي العربي لم يعُد خيارًا مُتّفقًا عليه بين الدول العربية، وفي غياب ملامح التضامن والتكامل والتنسيق في التفكير الجمعيّ العربي لا يمكن الحديثُ عن خيارات عربيَّة للخروج من الأزمات وحالة التّصعيد العسكري في المِنطقةِ. يقول رئيس حكومة إسرائيل؛ إنه سيغيّر وجه المنطقة، وسوف يعيد رسمَ خريطة الشرق الأوسط وَفقًا لمُقتضيات تصبُّ في مصلحةِ إسرائيل على حسابِ مصالحِ الدول العربية وأمنِها القومي، وبما يحقّقُ لإسرائيل أهدافَها لجهة تفريغِ الأرضِ الفلسطينية المُحتلة من سكّانها، وتهجيرهم قسرًا إلى شتاتٍ جديدٍ ومواطنَ بعيدةٍ عن أرضِهم ووطنِهم الأصيل أو بإبادتِهم، كما يجري في قطاع غزةَ منذ الثامن من أكتوبر العام الماضي، وحتى اليوم، وإطلاق يد المُستوطنين المُتطرفين للاستيلاء على أراضي ومُمتلكات ومزارع الفلسطينيين في الضفة الغربية، وقتل الفلسطينيين المدنيين وبناء المزيد من المُستوطنات، ما يجعلُ قيامَ الدولةِ الفلسطينية غيرَ قابلٍ للتحقيق، وحلّ الدولتين غير واردٍ نهائيًا بالنسبة للاحتلال. يتحدثُ رئيسُ الحكومة الإسرائيلية عن أحلامِ إسرائيلَ الكُبرى في شرق أوسط جديدٍ من صناعتِه، وكأنَّ العالم العربي غير موجودٍ، وغير ذي صفةٍ في المِنطقة، هذا التوحّشُ الإسرائيليُّ يتضخمُ ويتشعّبُ في مِنطقة لو رمتْه بقليلِ أحجارها لأخرسته إلى الأبدِ. ملفاتُ المِنطقة والعالم العربي باتت أكثر من أي وقت مضى مُتناثرةً، وباتت مكشوفة للعدوّ قبل الصديق، وحتى جامعة الدول العربية لم يكن لها يومًا منذ نشأتها دورٌ في لملمة الموقف العربي يمكن التعويل عليه اليوم، حتى في محاولة فضِّ النزاعات بين أعضائها أو حين ينبغي أن تسجل حضورًا ملموسًا في أكثر التطوُّرات خطورةً كما هو صمتُها الراهن حيال عربدة إسرائيل وعدوانها الوحشيّ على بلد عربي كامل السيادة كلبنانَ، بعد أن باتت حبيسة الترقب والمُتابعة الخجولة والتنديد العقيم خلال عام من العدوان الإسرائيلي البربري على قطاع غزة، ومقتل وجرح نحو 150 ألفًا من سكانه، أغلبهم أطفالٌ ونساء وشيوخ، في أبشع جريمة إبادة بشرية عنصرية عرفها التاريخ، ولم تتقدم الجامعة للانضمام إلى دولة جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدوليَّة في دعوى ارتكاب المحتلّ جرائم إبادة إنسانية في غزة، وكان يفترض بجامعة الدول العربية أنها في حالة اجتماع دائم على مُستوى المندوبين؛ لمُتابعة التطورات الخطيرة في فلسطين ولبنان ورفع توصياتها إلى الدول الأعضاء أولًا بأول، وإنْ من باب رفع العتبِ. يقول وزير دفاع إسرائيل – الذي وصف الفلسطينيين بالحيوانات البشرية – إنَّ من يفكّر في ردع إسرائيل، فعليه أن يشاهد غزة وجنوب لبنان، وبكل صفاقة يطلق هذا التهديد للعالم العربي، ويكرّره مرارًا ويقول رئيس الحكومة الإسرائيليَّة، إنَّ إسرائيل ستعيد لبنان إلى العصور الوسطى، كما فعلت في غزة، لبنان الذي تركه العالم العربي غارقًا في أزماته الداخلية مكشوفًا بلا غطاء عربي يقيه التدخلات الخارجية ويمنع عنه كل أسباب الانتقاص من سيادته، وجعله في حالة صراع وتجاذبات إقليميَّة على حساب أمنه واستقراره لا يحتمل عواقبها، وها هو لبنان يقف وحيدًا على أطلال الدمار والمآسي الإنسانية يُعاني من حاضره ويخشى ما يخبّئه مُستقبله، وما دامت الحرائق مُشتعلةً في عديدِ دول عربية، فإنَّ إسرائيل التي تلعب دورًا محوريًا في إشعالها وفي منع إطفائها تبقى أكبر الرابحين من رمادها المُتناثر على كل أمل بتضامن عربي تفرضُه تحديات ملحّة وخطيرة، وبالتالي عليه أن يسهم في تحجيم بربرية إسرائيل ودمويتها ويبقيها كيانًا منبوذًا في المِنطقة ينشدُ البقاء ويمتثل للقوانين الإنسانية والقَبول بسلام شامل مع الشعب الفلسطيني وتعايش آمن مع دول المِنطقة، ولكن للأسف فإن العالم العربي مسكونٌ بجنون رئيس الحكومة الإسرائيلية ودموية المُتطرفين في تل أبيب، ما يجعل  أحلام إسرائيل تكبر وتتوسّع، في حين يبقى العالم العربي في سُبات لا تنغصه سوى الكوابيس القادمة من غزة ولبنان، ويخشى النظام العربي، أن تصبح حقيقة معاشة في قادم الأيام، قد تتجاوز المشهد المأساوي الكارثيّ في غزة ولبنان، وهذا هو الواقع بالفعلِ.
*نقلا عن جريدة الراية

fmukaram@gmail.com

@fmukaram

Exit mobile version