اليمن الحر الأخباري

قنابل الصفدي بردا وسلاما على العدو !

اسيا العتروس*
يخطئ من يعتقد أن اليوم التالي للابادة في غزة ستبدأ مع نهاية موسم الانتخابات الرئاسية الامريكية وحسم من سيكون الرئيسة أوالرئيس القادم في البيت الابيض , ولعل من كلف نفسه متابعة أطوار هذه الحملة الغارقة في مستنقع الحروب الكلامية و الاتهامات المتبادلة الى درجة الاشمئزاز و التي لا تليق بامريكا التي تريد أن تكون شرطي العالم لم تكن في اي مرحلة منها تدور حول غزة و انهار الدماء التي تسيل فيها و اطفالها الذين يقتلون ويشردون و يحرقون احياء في الملاجئ ,و من هذا المنطلق يصبح من السذاجة بل الغباء الانسياق وراء التفاؤل بان نهاية الحرب ستكون مع نهاية هذا السباق الانتخابي غيرالمسبوق حتى و ان كنا نطالب ونتمنى ذلك في كل لحظة على اعتبار أن كل يوم يمر يعني زيد الضحايا و مزيد الالم و الدمار و الخراب ..نقول هذا الكلام و نحن ندرك أن هناك أسباب و دوافع للاطراف المتحالفة في هذه الحرب ضد الفلسطينيين وضد المقاومة لا تريد لهذه الحرب أن تتوقف قبل تحقيق تلك الاهداف و من بينها القضاء على اي فرصة مهما كانت ضئيلة لاقامة دولة فلسطينية…وسنعود الى هذ الامر بعد الانتخابات الامريكية .على أنه سيكون من المهم الوقوف مجددا على ما ذهب اليه وزير الخارجية الادني أيمن الصفدي خلال منتدى الاتحاد من اجل المتوسط قبل أسبوع بشأن مسألة مهمة و مصيرية تتعلق برؤية الاردن للاتفاق الاردني الاسرائيلي خاصة وأن المنتدى الذي انعقد في برشلونة سبق بساعات لقاء التحالف الدولي لاقامة الدولة الفلسطينية في الرياض والذي لا خلاف أيضا أنه ليس بمنأى عن عملية التطبيع التي تسعى اليها اسرائيل وأمريكا جاهدة و التي كانت الرياض واضحة حتى الان أن شرط التطبيع هو اقامة الدولة الفلسطينية وهي مسألة لا يجب و لا يمكن أن تخضع للابتزاز اوالمساومة ..
نعم لقد تعددت خلال منتدى الاتحاد من أجل المتوسط المنعقد لاثنين الماضي في مدينة برشلونة في دورته التاسعة الكلمات الحماسية و سيل الانتقادات و الادانات المباشرة والاتهامات التي وجهت لكيان الاحتلال الاسرائيلي من رئيسي المنتدى جوزيب بوريل ووزيرالخارجية الاردني ايمن الصفدي الذي اعتبر”أن ما تقوم به اسرائيل في غزة اليوم جريمة تطهير عرقي ثابتة الاركان” …و حتى لا نجانب الصواب فقد بدا على نبرة الصفدي سواء في كلمته خلال افتتاح المنتدى او في ردوه على اسئلة الصحفيين لاحقا الكثير من الاستياء ازاء تمادي الاحتلال في جرائمه و تعطشه للدم دون أدنى اكتراث من المجتمع الدولي الذي ابتلي بالفشل تلو الفشل في مواجهة الكيان و رئيس وزراءه مجرم الحرب ناتنياهوالذي لم يتوقف عن قتل الفلسطينيين منذ أكثر من ثلاثة عشرة أشهر تماما كما بدا على الصفدي وهوالديبلوماسي المقرب من الملك عبد الله الاحساس بضعف وقلة الحيلة ,,ولعل هذا ما دفعني الى أن أسأله دون تردد عن سبب امتناع الدول التي اختارت التطبيع على تفعيل سلاح المقاطعة اوعلى الاقل تعليق العلاقات على الاقل احتراما لدماء الضحايا و الشهداء و للشعوب التي تواصل الاحتجاجات في الشوارع ضد الحرب للضغط على رئيس حكومة كيان احتلال ودفعه الى ايقاف الحرب بعد عام من الخراب و من مسلسل المفاوضات العقيمة التي تمنح ناتنياهو مزيد الوقت لمواصلة المجازر واشرت في السؤال المطول الى أهمية خروج المنتدى بقرار ملزم للاعتراف بالدولة الفلسطينية دون تأجيل وان مطالبة الامم الحرة في الغرب للتضامن مع الشعب الفلسطيني يجب أن يبدأ من التضامن العربي الفعلي مع محنة الشعب الفلسطيني , وأن هناك ارادة لدى كثير من الصحفيين في العالم العربي والاسمي و حتى في الغرب للذهاب الى غزة و نقل الحقائق و فضح زيف رواية الاحتلال …و كان واضحا أن الصفدي تفاجأ بالسؤال ولكنه رد بأنه سيكون اكثر صراحة و لن يتوخى المراوغة معتبرا أن المقصود بالسؤال هوالاردن الذي تربطه بالاحتلال اتفاقية سلام منذ 1994 ,و قال الصفدي ان احدا لم يقدم للقضية الفلسطينية ما قدمه و يقدمه الاردن حين ان الزمان زمن حرب مشددا عى ان ما تقوم به اسرائيل تطهير عرقي و اشار الى ان مشروع قانون الكنيست لمنع عمل الاونروا سابقة و لا يكن تجاوزها , ودعا الشركاء في الاتحاد من اجل المتوسط للتحرك بشكل فاعل للحفاظ على القانون الدولي و القانون الدولي الانساني .
الصفدي اعتبر و ان الدعوة الى الاعتراف بالدولة الفلسطينية دعوة قامت بها الدول العربية و كثير من الدول الاوروبية و منها اساسا اسبانيا و سلوفاكيا و الاردن و مالطا والنرويج .وبالعودة الى مسألة الغاء الاتفاقية أوعلى الاقل مقاطعة الاحتلال قال الصفدي وهنا مربط الفرس “ان احدا لم يقدم للقضية الفلسطينية ما قدمه الاردن حين كان الزمن زمن حرب حارب الاردن و قدم الشهداء على ارض فلسطين , و عندما قرر العرب مجتمعين و كان هناك ارادة دولية و كانت المفاوضات هي السبيل لمقاربة الصراع و ان الاردن فاوضو حصل على حقوقه و استعاد ارضه و كرس في اتفاقية وادي عربة ضرورة تلبية الحق الفلسطيني في تقرير المصير و في رفع الظلم و القهر عنه .
الصفدي مضى قائلا ان الاتفاقية وظفها الاردن في اطار الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الاسلامية و المسيحية و انه يقوم بدور اساسي في حماية الهوية العربيةالاسلامية المسيحية لهذه المقدسات ..و ذهب الصفدي الى اعتبار ان الاتفاقية ةظفها الاردن لخدمة السلام و ان كل ما يقوم به من ادوار نقوم به لان اتفاقية السلام بذلك و انه اذا الغينا اتفاقية السلام فان الوحيدين الذين سيستفيدون من الفراغ هم المتطرفون الاسرائيليون الذين يريدون ان يتنصلوا من التزاماتهم وفق الاتفاقية سواء ازاء الاردن او ازاء الفلسطينيين ..
الصفد ختم بالقول أن الدول العربية كلها اختارت السلام كخيار استراتيجي و أن الدول العربية و الاسلامية ملتزمة بهذا السلام الذي يجب ان يكون سلاما تقبله الشعوب و لكنه لا يمكن ان يتحق الا اذا انتهى الاحلال و حصل الشعب الفلسطيني على حقوقه كاملا .وخلص الى ان حل الدولتين هو الطريق الوحيد للسلام العادل وبدونه لا يوجد بديل و ان حل الدولتين سيضمن السلام والامن للشعبين الفلسطيني والاسرائيلي وللمنطقة … وبالعودة الى تصريحات الصفدي و كلماته التي لم تخلو من الحدة في وصف ممارسات الاحتلال الاسرائيلي فقد وجب الاعتراف أنها ما كانت لتغير شيئا أوتزعج هذا الكيان في شيء , بل لعل وقعها عليه كان بردا و سلاما .اذ يكفي الاشارة الى أنه في الوقت الذي كانت أشغال المنتدى متواصلة كان الكنيست يناقش الغاء دورالاونروا أقرت الامم المتحدة جودها لاغاثة الاجين الفلسطينيين والتي لا ينتهي دورها ا بانتهاء الاحتلال وعودة الفلسطينيين الى أرضهم , وهوما يعني أن حكومة ناتنياهو قطعت أشواطا بعيدة في انكاروالغاء هذا الحق وفرض سياسة الامر الواقع .والاكيد أن ناتنياهو ورغم أنه يبقى ملاحق كمجرم حرب لدى الجنائية الدولية فانه لا يتوقف عن الاستثمارفي حالة الفشل والعجز والتواطؤ العربي اولا والدولي ثانيا وهو ما جعل حكومة ناتنياهو وعصابته لا يتوانون عن اقتراف أبشع
وأفظع جرائم القرن ضد الانسانية …ندرك صدق كلمات الصفدي واحساسه الفظيع بالالم والعجز وهو احساس مشترك لا نخال أن احدا يمكنه انكاره و لكن واقع الحال ان القنابل الناطقة مهما كانت جريئة و صادقة و مؤمنة بعدالة القضية الفلسطينية لا تحرج و لا زعج ولا تردع مجرما خاصة اذا كان في غطرسة وتوحش و فظاعة ناتنياهو و عصابته بل هي تنزل عليهم بردا و سلاما و تدفعهم دفعا لارتكاب المزيد …
*كاتبة تونسية

Exit mobile version