أيوب نصر
ضاج العالم وتململ بمن فيه، يوم الثلاثاء، بعد إعلان الكريملين تعديل العقيدة النووية الروسية، حيث اتسعت لتشمل بنوذا أخرى أهمها في حالة العدوان على روسيا وحلفائها من قبل دولة غير نووية وبدعم من دولة نووية سيعتبر هجوما مشتركا، وجاء هذا التعديل ردا على قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن بإعطاء الضوء الأخضر لأوكرانيا لاستخدام صواريخ بعيدة المدى قدمتها الولايات المتحدة لضرب روسيا، وهذا القرار لم يكن مفاجئا لانه لم يأت على حين غفلة، و إنما جاء على ألسنة قادة النيتو في شهر يونيو الماضي، وأعيد طرحه في شهر سبتمبر الماضي، وأقره الرئيس بايدن الآن.
وهذا التصعيد الروسي هو داخل ضمن لعبة الإحراج التي يعمد اليها طرفي النزاع، وخاصة الغرب، لإحراج الآخر، فالغرب عمد في مرات كثيرة إلى تجاوز الخطوط الحمراء التي تسطرها روسيا قصد إحراجها، فتم استهداف العمق الروسي بالطائرات المسيرة، ومنح أوكرانيا طائرات قادرة على حمل صواريخ نووية، ونقل القتال داخل الأراضي الروسية في كورسك، وكل هذا كان داعيا إلى لجوء روسيا إلى اساخدام أسلحتها النووية، على الأقل التكتيكية لا الاستراتيجية، لكنها لم تفعل ذلك لأن الامر داخل في سياسة الإحراج، و لأن الغرب يريد ان يستفز روسيا حتى تستخدم سلاح الردع في أوكرانيا، وهكذا تنتهي الحرب، باستسلام أوكرانية وهزيمة ضمنية تلحق بروسيا، وذلك أن لجوء دولة نووية إلى سلاح الرد النووي في حرب مع دولة ليست نووية، فإن هذا يدل على هزيمتها، لأنه لولا ذلك ما لجأت لأسلحة الردع.
الآن الكريملين هو الذي ذهب إلى إحراج الغرب، حيث فصل عقيدته النووية وفق الحالة والعلاقة الغربية الأوكرانية، وهنا الغرب بين خطتي خسف:
الأولى: أن يمنع الغرب أوكرانيا من استخدام الصواريخ لإصابة أهداف في العمق الروسي، وفي هذا إحراج كبير للغرب وكشف لعورته.
الثاني: أن يتجاهل الغرب العقيدة النووية الروسية الجديدة، ويصر على قراره بالسماح لأوكرانيا باستخدام الصواريخ لإصابة أهداف في العمق الروسي، وهنا لو لجأت روسيا لعقيدتها النووية فلن تلام ولن تخسر أصدقائها العرب والأفارقة ولن تفقد تعاطف من تعاطف معها من دول العالم، ولن تعتبر أنها انهزمت ضمنيا.