اليمن الحر الأخباري

أيها الحكام العرب.. لا تغيروا الموضوع!

د. وليد عبد الحي*
عندما تستمع للإعلام الرسمي لأية دولة عربية، او تطالع صحفها الرسمية، او تستمع للناطقين باسمها، فلن يصك مسامعك الا “حكمة القائد وبصيرته”، ووراء هذا كله فرق المنشدين من المنتفعين او المتطلعين للصعود ، ثم ياخذك المنشدون الى موضوعات لا قيمة لها، ويصبح الحوار حول هذه الموضوعات هو الشغل الشاغل، وكل ما وراء ذلك هو “تغييب الموضوعات الجوهرية والاستراتيجية” والنفخ في “نرجسية الفروق الصغيرة” الى حد الورم كما يصفها فرويد.
سؤالي المحدد : على المواطن العربي أن يسأل حاكمه في كل بلد عربي: من المسؤول ؟ولماذا؟وكيف عن ما يلي :
أ‌- ان دولتك في آخر قائمة الديمقراطية في العالم
ب‌- دولتك تحتل المراتب الأولى في معدلات الفساد

ت‌- دولتك تقف في قائمة الاقل عدالة في توزيع الثروة
ث‌- دولتك الاقل انفاقا على البحث العلمي
ج‌- دولتك ضمن الأعلى في مستويات الدين قياسا لإجمالي الناتج المحلي
ح‌- لماذا لا تنتصروا في معارككم العسكرية رغم انكم الاعلى في نسبة الانفاق العسكري من اجمالي الناتج المحلي.
خ‌- في كل المجتمعات في العالم هناك هويات فرعية وأقليات، فلماذا فشلتم في رأب الصدع بين الهويات الفرعية بينما نجح غيركم (اسرائيل فيها عشرات الفروق الصغيرة بين شرائح مجتمعها، لكن لا تشتعل حروبها الاهلية..بينما تنفجر عندكم ليل نهار ولأسخف الفروق).
د‌- ثم يقف وراء كل هذا الأسئلة سؤال مركزي : لماذا كل ما سبق وبالأرقام لا بصياح المنشدين يزداد الامر سوءاً في اغلب هذه المؤشرات من سنة لأخرى ؟
ثم نرجو أن توضحوا لنا :
أ‌- ما نسبة اعتمادك العسكري او الاقتصادي على الدول الأجنبية؟
ب‌- ما هي نسبة تجارتك مع دول الاقليم لتعظيم المصالح المشتركة ؟
يا حكام العرب:
بعثات الأنبياء انتهت ، لكن تجنيد الكتاب والفنانين والشعراء والإعلاميين لتحويل الصنم الى مخلوق مجبول عقله من دماغ علماء الكون كله لم تنته عندكم، والأغرب أن الحاكم الذي تتغذى عُقده على أناشيد المنشدين يصبح عنوان الرذيلة بعد ذهابه ومن نفس المنشدين ، فمن عودنا على ذلك؟ اننا نكرر موقف المتنبي المشين من كافور، جعله في الصباح “أبا الطيب لا ابا المسك وحده” وعندما لم ينل مبتغاه جعله ضمن “الانجاس المناكيد”، أي أدب سخيف وقذر كهذا؟ وها هو دريد لحام يتوسم الخير في العهد الجديد بينما كان يلعق حذاء صنمه السابق قبل أقل من اسبوعين، فهل اكتشف الأمر بعبقرية فذة خلال ساعات؟ ام انه نسخة جديدة من المتنبي؟ وسيكرر التغير في الموقف مع اي حاكم جديد… ورايت شاعرا عربيا “كبيرا” يلقي قصيدة مديح لحاكم معين ثم يكرر نفس قصيدة المديح امام حاكم هو الاشد خصومة للحاكم الاول…
اشرت سابقا الى مجموع 134 حاكما عربيا بعد “استقلال كل دولة عربية” ، وقد يتباين هؤلاء الحكام في بعض الجوانب ، لكن أحدا منهم لم يؤسس أطرا نستند عليها للاجابة على اسئلتنا السابقة.
ويكفي ان اقف عند موضوع التطبيع مع اسرائيل كمثال على تغييب الإرادة العامة : هل يتطابق موقف الدول المطبعة مع ارادة شعوبها ؟ فقد اسميتم القضية الفلسطينية بأنها ام القضايا ، وبانها القضية المصيرية، فهل استفتيتم شعوبكم حول “القضية المصيرية”؟ بينما في بعض الدول يستفتون شعوبهم في كل منعرج استراتيجي واحيانا ما دون ذلك ، فلم تترك بريطانيا الاتحاد الاوروبي الا بعد أن قال الشعب كلمته ، وجرت استفتاءات في عام 2024 وحده في 17 دولة منها دول نامية مثل نيجيريا والاكوادور والغابون وكازاخستان وجورجيا الى جانب دول غربية غيرها وحول قضايا اقل اهمية كثيرا ، ولم يكن هناك الا استفتاء عربي في قطر هدفه هو الغاء الانتخاب لاعضاء مجلس الشورى واستبداله بالتعيين من الامير فقط “، وفاز التعديل ب 90.6%، واصبح البرلمان كله بالتعيين ، وكان نفس الدستور الذي ينص على الانتخاب وليس التعيين لأغلب اعضاء مجلس الشورى قد فاز بتاييد 96.6% في ابريل 2003..نحن دول الأعاجيب.
انا اسأل ما هو موقف الرأي العام في مصر والاردن والمغرب والامارات والسودان والبحرين من التطبيع مثلا؟ فكل استطلاعات الرأي العام العربية والمحلية والدولية تشير الى أن رفض التطبيع يتجاوز 80%…فاين التطابق والحكمة في ان يكون هذا الفاصل بين الحاكم والشعب؟
الخلاصة:
ايها الحكام العرب، اقول مستندا الى عشرات الدراسات الاكاديمية، والى عشرات المقاييس العلمية لمؤشرات التطور والتخلف، والى عشرات استطلاعات الرأي العلمية.. لا تغيروا موضوع المناقشة واجيبوني لماذا تقف دولكم في حوالي 352 مؤشرا في المراتب الأخيرة بين دول العالم ؟ راجيا عدم الاستعانة بالمتنبي وحاشيته…فان تبين أنني مُجانبٌ للحق فارجموني بأحذيتكم…وسأكون لكم من الشاكرين، ولكن لا تغيروا الموضوع…
*كاتب ومفكر عربي فلسطيني

Exit mobile version