اليمن الحر الأخباري

ترامب وعقلية الاسياد والعبيد!

اسيا العتروس*
ساعات قليلة فصلت بين استقبال الرئيس الامريكي دونالد ترامب في البيت الابيض حليفه رئيس حكومة الكيان الاسرائيلي مجرم الحرب ناتنياهو وبين خمسة قادة أفارقة خلال قمة افريقيا امريكية ..وفيما حظي ناتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية بحظوة لا تليق بأمثاله حيث لم يتحرج ترامب من استقباله مع زوجته الملاحقة بدورها في قضايا فساد استقبالا رسميا يضاهي استقبال الاباطرة والملوك فقد تعمد تقزيم ضيوفه الافارقة و كأنه سيد وهم العبيد .
وقد سمح ترامب بحضور زوجة ناتنياهو اجتماعات رسمية خلال مناقشة حرب التجويع والابادة في غزة و منح ناتنياهو كل الوقت لمناقشة تعليماته حول ما يجري في غزة فقد تعمد تقليل احترامه للرؤساء الافارقة و قاطع الرئيس المورياتني ولد الغزواني وهو يتحدث عن بلده و طالبه باختصار الكلام وهو ينظر الى ساعته و يشير الى ازدحام جدول اعماله و ضيق الوقت على عكس ما تشير اليه المعطيات حول استقباله ناتنياهو الذي وصل العاصمة السياسية واشنطن بعد أن سمحت دول اوروبية بينها فرنسا لطائرته بعبور أجواءها في تحد صارخ للجنائية الدولية..
رسميا استغرب الكثيرون من معاملة الرئيس الامريكي دونالد ترامب الفجة مع خمسة من نظراءه الافارقة الذين شاركوا في قمة أمريكية افريقية سنوية مصغرة بدعوة رسمية من البيت الابيض , وقد صدم الكثيرون لطريقة مخاطبة الرئيس الامريكي التي لا تليق بزعيم أقوى بلد في العالم ولا بمقتضيات اللباقة الديبلوماسية المتعارف عليها في المعاملات بين رؤساء العالم خاصة بعد أن تدوالت مختلف وسائل الاعلام التسجيلات التي يبدو وأن الرئيس الامريكي حرص على نشرها على أوسع نطاق ممكن وكأنه بذلك يتشفى بضيوفه و يستمتع باهانتهم و تقزيمهم في أروقة البيت الابيض تحت انظار فريقه و مساعديه الذين احاطوا به على الطاولى التي ضمت ضيفوه الخمسة الافارقة و كان ترامب خلال اللقاء الرسمية الذي تم الاعداد له منذ أشهر طويلة على عجل وكأنه يخاطب بعض طلابه الصغار و يطلب منهم تقديم أنفسهم و البلد الذي جاؤوا منه ..
والحقيقة أنها ليست المرة الاولى التي يمتهن فيها ترامب مثل هذا التصرف الذي لا يمكن اعتباره اهانة لضيوفه من الرؤسافء الاجانب بقدرما هو اهانة لامريكا نفسها التي يبدو رئيسها يجسد بشكل فج و عنصري عقلية الاسياد والعبيد ..و قد كان الرئيس ترامب خلال استقباله العاهل الاردني قبل أشهرتعمد أيضا معاملته أمام الكاميرا معاملة سيئة و تعمد نفس التصرف مع الرئيس الفرنسي ماكرون الذي تركه ينتظر أمام باب البيت الابيض و لم يخرج لاستقباله و تعمد أيضا احراج ضيفه الرئيس الاوكراني زيلنسكي في مناسبتين مرة أمام وسائل الاعلام في البيت الابيض حين اتهمه بالدفع نحو حرب عالمية ثالثة و مرة ثانية في روما خلال جنازة بابا الفاتيكان و في المناسبتين جعل ترامب من حليفه موضوعا للتندرو الاستهزاء ..

ترامب جدد خلال اللقاء ما كان وزير خارجيته روبيو كتبه في مقال منذ أسبوع عن توجهات الخارجية الامريكية الجديدة بعد قرار اغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (يو إس ايدUSAID) للقضاء على الفساد والاحتيال وسوء المعاملة وايجاد فرص اقتصادية جديدة تشمل الولايات المتحدة والعديد من الدول الافريقية.

طبعا لم يخف ترامب طموحاته بشأن حث الدول الافريقية التي لا يعرف القليل أوالكثير عنها على زيادة استثماراتها في الدفاع وشراء المعدات الدفاعية الامريكية التي وصفها بالافضل ..ترامب رجل الصفقات و الابتزازات لا يتخلف عن اهانة أحد من قادة أو رؤساء بل هو يكاد يكشف عن متعة شخصية مرضية بهذا التصرف الذي ربما يتوهم أنه يمنحه احساسا بتفوق و هيمنة العنصر الابيض على ما هو سواه و ربما لا يزال يعتقد أن افريقيا لا تزال مصدر شحنات العبيد التي يأتي بها القراصنة لخدمة البيض في امريكا ..

المصيبة أن قادة الدول الافريقية الذين تلقوا دعوة لهذا اللقاء اعتبروا أنهم أمام فرصة لكسب ود ترامب و ذهب كل طرف الى استعراض ما يملكه بلده من ثروات طبيعية ومعادن نادرة و نفط وغاز ..
ليس من الواضح ما هي ثمارهذه القمة الافريقية الامريكية للدول المعنية ولكن الواضح اننا ازاء رئيس غير معني بغير مصالحه ومصالح بلده و هو يرى في نظراءه مجرد أسماء لتطبيق الاجندا التي يطمح اليها ..ليس في عقلية وديبلوماسية ترامب ما يمكن أن يدعوللفخر والاعتزازوهي ديبلوماسية استعلائية فوقية تدوس على الاخرالى درجة الالغاء و يكفي استحضار ما يقدمه ترامب من خدمات ومن غطاء قانوني و سياسي واعلامي لمجرم الحرب ناتنياهو ومن منعه لنقرأ الخطاب من عنوانه و ندرك أن التعويل على أي دور لترامب لانهاء الابادة في غزة و الدفع نحو احترام حق الشعب الفلسطيني في البقاء مجرد أوهام و هراء يحتاجون المتسابقون الى بوابة البيت الابيض ..
*صحفية وكاتبة تونسية

Exit mobile version