اليمن الحر الأخباري

عبدالقادر هلال : رجل ترك بصمة في قلب صنعاء

 

بقلم / عادل حويس

في كل عام عندما يحل الثاني عشر من ديسمبر تلتقط صنعاء أنفاسها من زحام الحياة لتخلد ذكرى رجل حمل في قلبه حبا عميقا لمدينته وأهلها وأراد أن يجسد هذا الحب فعلا ملموسا يلمسه كل فرد. إنه عبدالقادر علي هلال، أمين العاصمة الراحل الذي أسس في عام 2012 تقليدا سنويا تجاوز كونه حملة تنظيف ليصبح ميثاقا مجتمعيا وترسيخا لقيم المسؤولية والانتماء.

لقد كانت رؤية هلال واضحة منذ اللحظة الأولى: تحويل النظافة من مسؤولية حكومية إلى سلوك مجتمعي راسخ وفرصة لتكريم عمال النظافة الذين اعتبرهم شركاء في بناء صورة المدينة المشرفة.
ففي ذلك العام ودعما لمبادرة شبابية طوعية حملت اسم “يمننا لنبدأ من هنا” تبنت أمانة العاصمة الفكرة وحولتها إلى حدث وطني ضخم شارك فيه ما يقارب مئتي ألف متطوع ومتطوعة. لقد جهزت الأمانة لـهذا الحشد ثلاثمئة ألف أداة نظافة وستين سيارة إسعاف في مشهد يعكس التنظيم والإرادة الجماعية لتغيير الواقع.

كان تواضع هلال وتفانيه هو الروح التي حركت هذا الجسد العملاق. لم يكن يكتفي بإصدار التوجيهات من مكتبه بل كان ينزل بنفسه إلى الميدان حاملا المكنسة عاملا جنبا إلى جنب مع المواطنين وعمال النظافة. هذه الصورة بقيت محفورة في ذاكرة المدينة حيث يتذكر السكان كيف كان يشارك بكل حماس بل وكرم حتى أصغر المشاركين سنا تقديرا لروح المسؤولية التي زرعها فيهما. والأبلغ من ذلك قصص المواطنين الذين كان يتابع شكاواهم شخصيا عبر بريده الإلكتروني ويطمئن على حلها بنفسه مما جعل الناس يشهدون بكفاءته وتواضعه في كل المحافظات التي خدم فيها.

لقد استشهد عبدالقادر هلال في مجزرة القاعة الكبرى بصنعاء لكن إرثه لم يمت. تحول يوم 12/12 إلى تقليد سنوي متجذر تؤكده استمرارية انطلاق الحملة عاما بعد عام تحت شعارات مختلفة تجدد العهد بنفس الهدف. ففي عام 2024، دشنت الحملة تحت شعار “النظافة مسؤولية مجتمعية” بمشاركة رسمية ومجتمعية واسعة وأكد المسؤولون أنها استمرار للنهج الذي أسسه الشهيد هلال. وقد جاء في كلمات المسؤولين خلال تدشين الحملات اللاحقة إشادة صريحة بمبادرته واعتبار هذا اليوم “تكريما لعمال النظافة” و”تكريسا للنهج الذي بدأه”.

اليوم، بينما تجتاح المكنسات شوارع صنعاء في الثاني عشر من ديسمبر فإنها لا تزيل الأتربة فحسب بل تجدد العهد بقيم التضامن والتواضع والمسؤولية التي جسدها رجل الدولة والإنسان النبيل عبدالقادر هلال. لقد حول يوما في التقويم إلى رمز دائم، يذكرنا بأن بناء المدن يبدأ ببناء الضمير المجتمعي وأن أعظم الإنجازات هي تلك التي تترك أثرا في القلوب قبل الشوارع.

Exit mobile version