عائشة سلطان
هواجس وأسئلة وجودية، مشاكل صحية تفاقمت مع الوقت، علاقات متصدعة، ذكريات، ومشاكل مؤجلة بقيت كثيراً بلا حلحلة، ثقة في قوة الزمن لكن الزمن قد يعجز عن حل بعض المآزق وقد يتجاهلها أيضاً!
كل هذا يظهر لبعضنا وكأنه نبت فجأة من الفراغ، ما إن يصل إلى محطة منتصف العمر، الكاتب الأمريكي ريتشارد ليدر يطلق على مشاكل وأسئلة منتصف العمر وصف (كبوة منتصف الحياة)، ناصحاً كل من يمر بها أن يواجهها ليتمكن من إكمال بقية الطريق، هناك أسئلة يفرضها العمر ولا مجال لتجاهلها؛ لذلك لا بد من مواجهتها هي الأخرى، وأكثر هذه الأسئلة إلحاحاً: ماذا نريد؟ ما الذي يتوجب علينا أن نحسمه بشكل نهائي وبلا أي مماطلات لنكمل الطريق؟ لماذا صدَّقنا ذلك، ولماذا اقتنعنا بذلك؟ ماذا تمنينا ولم نسع لتحقيقه خوفاً أو خجلاً أو عجزاً؟
لقد توصل علماء السلوك إلى أن هذه المرحلة من عمر الإنسان تمثل نقطة تحول مفصلية، تمكِّن صاحبها من إعادة حساباته مع نفسه أولاً، وبالتالي مع كل التفاصيل على الرغم من ألمها وقسوتها، حيث إنه لن تتاح للإنسان فرصة يكون فيها أكثر قوة واستقلالية من هذه السنوات، ليواجه نفسه بتلك القوة والثقة والنضج.
لا تنتهي الحياة بانتهاء العمل، ولا بترك الوظيفة، ولا بالانفصال عن الزوج أو الزوجة، الحياة تبدأ حين نمنح الأسئلة الصعبة كل أجوبتها التي بقيت معلقة طوال السنوات التي جرجرناها خلفنا بإعياء.. ولكي لا نبقى تحت وطأة هذا الإعياء ليس أمامنا سوى إعطاء الإجابات الصحيحة والدقيقة، ليس للناس ولكن لأنفسنا..
فنحن من سنكمل الطريق ببقية السنوات التي نريدها أن تكون أكثر خفة كي نتحمل المسافة المتبقية، وكي يزهر العمر على جانبيه بالكثير من الآفاق التي لم نتخيل يوماً أننا سنرتادها؛ لأننا حرمنا أنفسنا وقمعناها من مجرد التفكير في هذه الآفاق بحجة الممنوع وغير المستحب ونظرة المجتمع.
نقلاً عن البيان