حسن الوريث
قال لي زميلي المواطن العزيز.. هل تعرف لماذا تدهورت القيم في مجتمعنا اليمني ؟ قلت له كيف تدهورت القيم ؟.. قال لي .. الفوضى التي تشهدها بلادنا ومجتمعنا في كل شيء .. القيم والاخلاق التي غابت في تعامل الناس مع بعضهم وانتشار الفساد المالي والإداري القيمي والأخلاقي .. قلت له يا زميلي المواطن العزيز.. اعتقد ان الأسباب متعددة لتدهور القيم وانهيارها بهذا الشكل في بلدنا واهم سبب من وجهة نظري يعود إلى تدمير التعليم بكل منظومته يليها غياب الإعلام وانحرافه عن دوره الحقيقي ثم الغياب الكامل لمنظومة الإرشاد الديني وانشغالها بقضايا هامشية وابتعادها عن اداء مهمتها التنويرية للمجتمع وهناك أسباب كثيرة ساعدت على ذلك التدهور القيمي في المجتمع ومنها الحرب الناعمة التي يشنها الأعداء علينا وجزء منها بايادينا نحن .
قال لي زميلي المواطن العزيز.. هل يمكن أن نتحدث على الأسباب التي ذكرتها ودور كل منها في ما تشهده الساحة والمجتمع من ضياع للقيم ؟.. قلت له كل سبب يحتاج إلى مجلدات للحديث عنه فمنظومتي التربية والتعليم والإرشاد الديني وتدميرهما الممنهج والمنظم على مدى سنوات طويلة ودخول الفكر الوهابي والأفكار الدخيلة الاخرى فيها يحتاج إلى وقفات ووقفات ولكننا سنتحدث هنا عن مربط الفرس وموضوع الساعة وهو الحرب الناعمة وغياب منظومة الاعلام بل وتماهيها وانسياقها مع هذه الحرب ومساعدتها في إفساد الناس واخلاقهم وقيمهم.. لكنه قاطعني بقوله كيف تساعد أجهزة الإعلام في الحرب الناعمة وإفساد المجتمع؟.
قلت له يا زميلي المواطن العزيز .. أولا مؤسسات الاعلام الرسمية بعيدة كل البعد عن مهامها ودورها ومازالت مهمة الاعلام في نظر مسئوليها كما كانت هي نقل الحدث فقط والتطبيل لهذا المسئول أو ذاك وتلميع من يدفع منهم أكثر اما صناعة الأحداث والتأثير فيها وفي وعي الناس وقيمهم واخلافهم فهي ابعد ما تكون عنه وليس في قاموسها ومازال الاعلام من أعلى هرمه إلى أدناه وبمعظم مسئوليه يجهلون الدور الحقيقي لهم في معركة بناء الوعي .. ققاطعني زميلي المواطن العزيز قائلا .. هل يعقل ذلك ؟ ولماذا لا يتم تعيين أشخاص أكفاء بدلا عن هؤلاء ؟.
قلت له يا زميلي المواطن العزيز .. سأحدثك عن نقطة واحدة كدليل على جهل هؤلاء المسئولين بمهامهم والأمر يتعلق بالاذاعات المحلية أو ما تسمى باذاعات .. اف ام.. والتي انتشرت بشكل غير منطقي وسريع كالنار في الهشيم ومعظم هذه الإذاعات تعمل ليلا ونهارا على إفساد المجتمع واخلاقيات الناس وقيمهم بل وتغيير وعيهم وتغييبه وتقدم في برامجها محتوى سيء وتافه ابتداء من البرامج التافهة مرورا باغاني هابطة واعلانات هزيلة وكل ذلك على مرأى ومسمع من وزارة الاعلام وكل مسئوليها الذين يكتفون بما يحصلون عليه من أموال ورسوم من هذه الإذاعات وقد خصصت الوزارة قطاع كامل لجباية الأموال من هذه الإذاعات بل وعينت وكيل متخصص في شئون الجباية ومن يدفع منها يحق له تقديم أي محتوى مهما كان هزيلا وسيئا وتافها.. وقد سألت انا أحد المذيعين المتخصصين في إفساد أخلاق الناس لماذا يتركونكم تعملون بهذا الشكل وتقدمون هذه البرامج الهابطة أليست هناك رقابة من وزارة الاعلام عليكم ؟.. فأجابني بما لم أتوقعه.. قال لي ” هم يهمهم كم تدفع لهم من فلوس واحنا نقدم مانريده” وهذه هي المعادلة .. الدفع مقابل افساد أخلاق المجتمع .. وللعلم فان هذا المذيع له أكثر من عشر سنوات يعمل في إطار الحرب الناعمة حيث كان يعمل في البداية برعاية رسمية و الآن يعمل ويسرح ويمرح برعاية الفلوس وما يقدمه لهم من أموال هو واذاعته .
قال لي زميلي المواطن العزيز.. فعلا كارثة أن تظل هذه الإذاعات تعمل وتقدم هذه المحتويات الهابطة الهزيلة وتسهم في تخريب أخلاق الناس وقيمهم وحرف وعيهم عن القضايا الأساسية للأمة إلى قضايا تافهة .. قلت له يا زميلي العزيز.. لقد تحدثنا عن هذه القضية كثيرا ولكن لا حياة لمن تنادى فعلا فعندما تكون الجباية هي المتحكمة في الأمر فإن كل شيء يضيع كما تضيع القيم والمثل والمبادئ بسبب هزالة إعلامنا بكل تفاصيله من مسئوليه الى وسائله وادواته ونجاح الحرب الناعمة مدفوعة الأجر .. ثم إلا تعرفون أن تلك المراكز والدورات الصيفية التي تخسرون عليها الملايين يمكن أن ينهي اثرها برنامج تافه أو مذيع اتفه في تلك الإذاعات وكانك يا ابو زيد ماغزيت.
رسالتنا انا وزميلي المواطن العزيز وكل المواطنين الشرفاء إلى من يهمه الأمر بأن ينتبهوا ويتنبهوا لما طرحناه ونتمنى أن نسمع ونرى خلال الأيام المقبلة إجراءات عملية سواء من ناحية إعادة النظر في مسئولي الاعلام وكافة مؤسساته أو من ناحية تطوير وتحسين أداء منظومة الاعلام ليبتعد عن نمطيته المملة والتلميع والتطبيل ودورها السلبي إلى دور أكثر فاعلية في التأثير الإيجابي وصناعة التغيير المجتمعي إلى الافضل.. فهل وصلت الرسالة أم أن الأمر سيبقى كما هو وتظل الجباية هي المتحكمة في امورنا وتستمر الحرب الناعمة مدفوعة الأجر ويبقى اعلامنا بهذه الهزالة ويظل المواطن يبحث عن وطنه المفقود والمسلوب؟.