نوال الفاعوري*
لا يعني أنها خرجت من أرقى دور الموضة في سويسرا أو فرنسا، أنها موضة لائقة، جميلة، جديرة بالإحترام والتنوير والاستماع والتفكّر!
وبإطّلاع سريع على آخر دور الستربتيز الفكري، ستجد أن موضة هذه الأيام هي انتقاد الإسلام ، ليقول لنا متفيقهو العقل في عصر ما بعد البزرميط الحداثي: واو، إن دينكم لهو شوية دردشة لا أكثر!
وهؤلاء التنويريون الحداثيون المتفكرون، عبّاد العقل، وعابدو الفكر، ليسوا إلا مجموعة من راكبي قطار الموضة، تجمعهم بوتقة واحدة مع المفكر الكبير والمرشد التنويري الحداثي: بلعام بن باعوراء!
ولمن لا يعلم بلعام هذا، فهو الذي نزل فيه قوله تعالى “واتلُ عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها، فأتبعه الشيطان، فكان من الغاوين؛ ولو شئنا لرفعناه بها، ولكنه أخلــد إلى الأرض واتّبــع هــواه، فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث، أو تتركه يلهث”
وكثرة نباح هؤلاء الكلاب، لا تعني بالضرورة أن ثمّة أمراً مهما هو الذي ينبحون عليه!
كل ما في الأمر أنهم أرادوا الطعن في الإسلام، فأخلدوا للأرض، والعقل، والتنوير باللمبات العقلانية، واتبعوا هواهم، وأفكارهم !
المشكلة في بلعام أنه أيضاً كان يحمل حرف “د” في بني إسرائيل
الإدعاء بصوابية الرد على هؤلاء، وفعاليته، وإمكانية تجاوبهم، في ظل اعتلائهم أعلى جبل العقل فيروْن الناس شوية مهابيل وجهلة لا أكثر، هو مثل الإدعاء أن محاضرات علم النفس الاجتماعي مفيدة لإقلاع مجموعة من العاهرات عن ممارسة نشاطهن الفيسيولوجي في إشباع رغبات طبيعية تحتاج إلى مرتكزات أساسية في علم المادة والاقتصاد وهرم ماسلو لحاجات الإنسان!
حد فهم حاجة؟
محدّش .. حلو.
جرت العادة أنكَ حين تريد أن تشتم أحداً بهدوء، وبدون أي أعراض جانبية أو طوشة اعتراضية، فإنك تبدأ حديثك معه بالجملة الأكثر شهرة لدى البني آدمين العرب “مع احترامي إلك، بس ..” وفي العادة بعد الـ”بس” تأتي أشياء ليس لها علاقة بالاحترام إطلاقاً، إما لاستحقاق الشخص الذي تكلّمه لذلك المستوى من الاحترام المشقلب، أو لأن أحداً ما يريد تفسير الاحترام “على كيفه” بناءً على رؤية جديدة تعمّقية حداثية للاحترام، تنطلق من واقع فهمنا لحيثيات الأشياء المحترمة وكيفية تنزيلها على واقع الألفية الجديدة!
جيد، مع كامل احترامي للمثقفين التنويريين الحداثيين أصحاب مدرسة الكهرباء العقلية المترددة أم 7 فولت:
العاهرة التي تدافع عن هزّ وسطها باعتباره فناً راقياً لا يعرفه إلا الراسخون في الرقص، وأنها مهنة شريفة كأي مهنة تأكل فيها من عرق خصرها، لا يغير من حقيقة أن كومة اللحم التي تتمايل يمين شمال لا علاقة لها بأي شيء جيد في هذا العالم إلا بالكباريهات المخصصة لل…..!
“الرؤية الجديدة للتعامل مع النص القرآني” هي الكلمة التي تسبق أي تخريف تحت مسمى “التنوير الحداثي” الاكسسوارات التي يزيّن بها هؤلاء كلامهم جزء مهم من إثبات نظرية المكياج الثقافي التي يُمكن ملاحظتها من خلال المكعّبات اللغوية التي يحفظها أصحاب هذه النظرية الخنفشارية، وهذه المكّعبات مع عدة خطوات أخرى سأخبرك بها لاحقاً بحيث تصبح إنسان حداثي متنور في دقيقتين بس!
وبالمناسبة، أصحاب نظرية العكّ الحداثي هم مواليد برج الكلب!
والكلب، وفق الرؤية الحداثية، كائن خفيف لطيف يتمتّع بالوفاء النادر لدى البشر، وتصنيفك في هذا البرج لا يعني سوى أن هذه السبّة لو فهمتها من خلال روح الشتيمة والقانون الطبيعي لتطور الحاجة الساقعة لوجدت أنها مديح جيد جداً ويصبّ في خانة رقيّ الإنسان بأخلاقه إلى مستويات هذا الكائن الجميل .. يا كلب!
عزيزي البني ادم الذي يعاني من مشكلة عميقة مع السنّة النبوية:
صرعت أم رؤوسنا باستحضار كل نقولات العقل المميزة لإثبات “خرافة المرويات التاريخية”!، ومحاولتك جاهدا -مع آخرين- القفز من على ارتفاع 8م في الآيات القرآنية وتأملها في جلسات يوغا احترافية مع نسخ ولصق كل استهبالات القدرية والجهمية والمرجئة والخوارج والمعتزلة والصوفية وجماعة الدين الجميل، ثم جمعها في بوتقة واحدة مزرابها بيخرّ على مخك لا يعني أنك أصبحت “مفكراً عقلانياً” رهيباً يُمكنك الأخذ والرد ونفي وإثبات ما يحلو لمزاجك العالي.
مش عاجباك السنّة والأحاديث وكلام الصحابة وحاسس بشوية مغص، تآمنش فيها، عادي. قدرتك على تنفيذ الرغبة الداخلية القاتلة في اعتبار الملتزمين بالسنّة تشريعاً واعتقاداً وفهماً لكتاب الله هم مجموعة حمقى غوغائيين جهلة مرزوعين رزع في أسفل التراث الخرافي لا تعني أن تطغى هذه الرغبة لتصبح “دين” تحاول إثباته بكل ما أوتيت من حيونة!
اعمل سمايل وكرر كلمة “كهنوتية ورجعية” 6 مرات قبل الأكل وإن شاء الله بيروح المغص!
عزيزتي الثائرة من أجل حقوق الحيوان د.وفاء الخضرا إنتِ فاهمة القصة غلط من البداية، ومشكلتك العويصة في “تطبيق” بعض المسلمين لبعض الفروض، زي داعش مثلاً -مع إني بعتبرهمش مسلمين- لا تعني في النهاية أنكِ تائهة وتمتلكين دين متخلف غير إنساني لأن مفاهيم “الحضارة” الإنسانية التي تدافعين عنها يُمكن الإتيان بمليون تطبيق أخرق لهذه الحضارة، ما حدا بحكي الحضارة وقتها كخّة، والدين كمان لما يشوبه تطبيق أهوج ما بصير كخّة!
كونك عايشة على أوهام خرافيّةِ الدين وضرورة حتمية فهمه بشكل جديد وأنه لا يناسب العصر الحديث إلا إن كان كيوت وأمور وشطور ودلوع وعسل ودمه شربات، فأنتِ وصلتِ لمرحلة أنّ خطك التنويري انقطعت عنه الكهرباء تحديداً لما صرتي وراء مصنع الكراسي، هذا كل ما في الأمر.
عزيزتي التي تعاني من مشكلة مع البخاري ومسلم ونظرية التطور والإلحاد والخرافات والتراث والكتب والآثار: كل هدول مش عاجبينك وإلك رأي تأريخي لولبي في كل هذه الأمور، وتستطيعين أن تُدلي برأيك بكل أريحية ، عادي، نو بروبليم، فش حدا بمنعك إنك تبرمي في أي حاجة، بس محاولتك إثبات أن هذا البرم وطق الحنك جزء من الإيمان الذي لا يفهمه مليار مسلم وأنت وحدك التي غُصتي في بحار المعرفة والتنوير واستخرجتيه ثم أصبح كل الآخرين -عداك- مجموعة من المساكين الجهلة المتخلفين، فيُمكنك الرجوع لفقرة الرقّاصة لمعرفة طبيعة الفهم الذي تتمتعين به!
يقول صديقي القانوني: “كونك إنسان أو كلب هذا لا يعني أن تتكلم/تنبح بدون أي سبب! قاوم رغبتك في “الهوهوة” ع الفاضي، وخليك كلب رزين” -أو كما قال-؛ ومقدرتي على تفهّم هذه الرغبة القاتلة لديكم في النباح تنبع من رؤيتي لفرعين الكهارب اللي حوالين رؤوسكم، كل فرع منهما يوحي لكم بمزيد من التنوير والفِكر، وهذا الأمر لن يغير من حقيقة المسمّيات التي تتمتعون بها إطلاقاً، على الرغم من كل الحشك واللبك اللذان تحشون به كلامكم لأشياء تتعلق بأرسطو وأفلاطون والرومي وابن عربي وابن الفارض ومحمد عبده والغزالي وابن رشد والحلاج وسقراط ودوركايم والسهروردي والعطار وأبو جلمبو وبقية القائمة الموزّعة حسب فرق الجهد الكهربائي لكل واحد تنويري من هؤلاء!
يقول الرافعي: “إنه لخيرٌ للمرء أن يكون حماراً من صنعة الله تعرفه الحمير، من أن يكون حماراً من صِنعة نفسه وتنكره الناس”.
وعموماً، أنا لست ضد انتماءات البشر الفكرية، ولا يُمكن جَبْل الناس على دين واحد ومذهب واحد وفهم واحد. يُمكن لأي شخص أن يفهم الحياة على طريقة كونفشيوس أو على طريق أبو علي بيّاع الفلافل الشهير بالجملة المميزة “كله كلام فارغ” والتي يشترك فيها مع أحد الدكاترة التنويريين المشهورين. هذه حرية اختيار كفلتها الأمم المتحدة تحت البند السبعطعش، ويمكن للبشر أن تنصب اهتمامهم بأشياء تبدو ثمينة في حياتهم حتى لو كانت “فالصو”. الفكرة أني ضد محاولاتك المستميتة لإقناعي أن الخردة التي تحتفظ بها وتتكلم عنها كالمصروع آناء الفكر وأطراف الثقافة هي “ذهب عيار 24”!
وإنّه لخيرٌ للمرء أن يكون “جاهلاً” لا يفهم كلام التنويريين العظماء، من أن يكون “حماراً” يحمل في الطنجرة التي تقبع في المسافة الفاصلة بين كتفيه فوانيس مضيئة يحسبها المُستثقف علماً/فكراً!
*كاتبة اردنية
شاهد أيضاً
غزّة في اليوم التالي للعدوان!
د. فايز أبو شمالة* ما شكل اليوم التالي للحرب على غزة، ومن سيحكم غزة في …