الثلاثاء , أكتوبر 15 2024
الرئيسية / اراء / ملحمة اسطورية تاريخية

ملحمة اسطورية تاريخية

نادية حرحش*
بعد 13 يوم من الخروج من نفق ظلم السجون نحو حرية اثبت أصحابها للعالم اجمع ان الحرية حق من يسعى لها، سد النفق من جديد ليملأ ظلام السجون ظلمة من جديد.
ما قام به ابطال التحرر الستة – محمود العارضة، يعقوب القادري، محمد العارضة، زكريا الزبيدي، مناضل نفيعات وايهم كممجي سيبقى درسا لأحرار العالم والمتعطشين للحرية منا بدأ التاريخ كتابته للتو. كتاب تاريخ يفوق شهادة ماجستير تلبكت جامعة بمنحها لأحد الابطال الستة، لتصنع من هذا البحث تاريخا لعراقتها، لم يكن ليضيف لصاحب البحث شرف شهادة.
والجامعة هنا، تشبه سلطة مرتابة حتى الفزع من فك قيد غاشم لحر. من الصعب ان نفهم العبيد معنى الحرية، حتى لو لبس العبد بدلة وجلس في قصر وعلق على حائط شهادات.
محزن بالتأكيد انتهاء هذه القصة بنهايتها المتوقعة. فنحن دائما نتمنى نهايات تمنحنا الامل وتبث فينا الجرأة لما يجعلنا اكثر استحقاقا لحياتنا. ولكن مهما احزنتنا النهاية المتوقعة، تبقى انتصارا يفوق كل التوقعات من كل زاوية نظرنا اليها.
منذ بداية هذه المغامرة التي شحننا أصحابها بأدرينالين غير مسبوق على مدار ال 312 ساعة لتحررهم ، كنا نتمنى ان المستحيل الذي مكنهم من اختراق المستحيل قد يكون ممكنا وسط سياج السجن الكبير الذي نعيشه. تمنينا ان نكون كما كنا من مجتمع ملتحم متماسك لا يرد فيه سائل ويجعل لأبطاله من بيته سقفا يحميه ويأويه. وكنا كذلك نعرف ان هذا مستحيل بقدر المستحيل الذي اخترقه الابطال الستة للتو وسط سجن محكم الاغلاق والقبضة. فلقد اطلق الاحتلال كل اجهزته بما فيها الكلاب لشمشمة كل واي أثر للأبطال، تكنولوجيا فائقة التقدم والذكاء، جيش متعدد الوحدات والاختصاصات، أجهزة مخابرات وتنسيق على كافة المستويات. كل هذا وسط كاميرات وحواجز وجدار وشوارع سريعة مزروعة في كل زاوية ومكان.
في اسطورة الاحتلال الذي لا يهزم التي عهدناها، لم يكن ذلك “الهروب” ليدوم اكثر من ساعات معدودة. ولكن في سباق الابطال نحو الحرية دام لبعضهم ل312 ساعة. على الرغم من كل الإمكانيات التي كرست من اجل ايجادهم، فشلت منظومة الاحتلال بجبروتها ان تجدهم بسهولة.
نعم نحن مخترقون. وبكل اسف اختراقنا بأجهزة امن السلطة هو اختراق لا يقل سوء عن اختراق المخبرين لدى أجهزة الاحتلال. فالسلطة الفلسطينية موجودة حتى هذه اللحظة فقط من اجل هذا الامر. من اجل التنسيق الأمني الذي شهدنا العديد من كارثيته، فأحمد جرار وباسل الاعرج ونزار بنات والكثير غيرهم قصص تنسيق يجر الذل لأصحابه الى الابد. ولكن علي الرغم من كل هذا احتمى ابطالنا في رحم جنين الذي اواهم وحماهم قدر استطاعته، وسط مستحيل لا يقل استحالة عن خروجهم من ذلك النفق.
منذ لحظة تحررهم الأولى كان التحليل المبدئي لكل واي خبير، انهم اذا ما لجئوا الى جنين ستكون فرص نجاتهم هي الأضعف. ومع هذا من كانت فرص نجاتهم هي الأكبر كانت من حظ البطلين اللذين لجآ الى جنين.
نحن بخير على الرغم من تنسيق الاذلاء ومن يظنون ان الأوطان حسابات بنوك وبدلات يرتدونها وسيارات يركبونها وبيوت يمتلكونها.
نعم، نحن مخترقون منذ زمن من قبل الاحتلال. ولا تحتاج إسرائيل في معادلتنا للعملاء، فلقد ولى زمن روابط القرى واستبدل بالتنسيق الأمني والسلطة الفلسطينية من اعلى هرمها، فيكفي إسرائيل المخبرين على كافة المستويات لتتأكد من احكام سيطرتها المطلقة.
نعم، ما يكسرنا هو هؤلاء، والاصعب اننا كنا نخشى العملاء والمخبرين للاحتلال ولكنا كنا نعرفهم ونستطيع ان نميزهم فنحمي انفسنا نوعا ما منهم. ولكن اليوم، المخبر يعمل لدى أجهزة تسمي نفسها “وطنية” تحت اسم جهاز أمني فلسطيني. فكما كان البيت الفلسطيني بالسبق حاضن لكافة الفصائل كأن يكون احد افراد العائلة من فتح وآخر من الجبة وثالث من الجهاد ورابع من فصيل اخر وهكذا. اليوم لم يعد الفصيل المختلف ما يجمع البيت الواحد، ولكن الأجهزة الأمنية المختلفة، ففي كل بيت من يتبع لجهاز أمني ما مناهض او مناكف للجهاز الاخر، صار الأخ لا يأمن اخاه، والجار يحرص من جاره، وعابر السبيل صار خطرا محدقا يجب التخلص منه.
ولكن مع هذا، وجد ايهم ومناضل ابطالا يزيدون لبطولتهم بطولة. فلم يخل رحم فلسطين من جنيني رحيم بطل، فأوى الشاب عبد الرحمن أبو جعفر البطلين في ملحمة ربما بدأنا الاطلاع على بعض خيوطها لعائلة اثبتت ان الانسان الفلسطيني لا يزال ينبض نخوة ومروءة ، فخرجت من هذه البطولة بطولات أخرى يسجلها التاريخ لنا لتبقى اوسمة نرفع بها رؤوسنا بوطن سنستمر بالأمل ببقائه لقضية عدلها اكبر من بطش او خنوع البشر.
*كاتبة فلسطينية

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

“المُسَيَّرَة”التي ستغير مسار العدوان!

خالــد شــحام* يمكن القول وبثقة بأن النشوة المؤقتة التي لازمت وجه المجرم نتانياهو طيلة شهر …