د. حسناء نصر الحسين*
لم تصنع حادثة الجندي المصري على الحدود المصرية مع فلسطين المحتلة صدمة لكيان العدو الاسرائيلي وحسب بل شكلت صدمة لكل اتفاقات العار والخيانة معه وفي مقدمها اتفاق كامب ديفيد والذي لم يشفع للصهاينة السلامة من موجات القتل ومحطات الرعب التي عاشوها خلال فترات سابقة رسمها أحرار هذه الأمة في اكثر من نقطة تماس مع هذا العدو ، ولعل في اهم ما سجلته هذه الحادثة البطولية بعيدا عن كل تفاصيلها والروايات المتضاربة حولها هو أنها احيت في الشعوب العربية وفي ذاكرة هذه الشعوب رفضها لكل أشكال التطبيع وإيمانها الكامل بضرورة زوال هذا الكيان المحتل .
عملت دولة الكيان على تسويق اتفاقية التطبيع السياسي في كامب ديفيد في فكر المواطن المصري والذي بذلت جهودا كبيرة لاحتلال عقولهم من خلال محو ذاكرة هذا الشعب العربي العظيم بما يقتل روح المقاومة والفداء فيه ، الا ان هذه العملية البطولية للشهيد الجندي المصري أتت لتثبت فشل كل المساعي الاسرائيلية باحتلال عقل الشباب المصري وهذا فشل كبير لكل قادة الكيان من مناحيم بيغن حتى النتن ياهو .
ad
لتقع اسرائيل في فخ أحلامها وطموحاتها بحياة سلام واطمئنان مع الدول والشعوب العربية التي ترى في هذا الكيان الغدة السرطانية التي يجب استئصالها من جسد الأرض العربية .
شكل هذا الحدث ازمة كبيرة لدى قادة الكيان الذين يعيشون أزمات متلاحقة سواء على المستوى الداخلي او على مستوى عمليات الذئاب المنفردة للمقاومة الفلسطينية – والتي جاءت شاكلتها هذه الحادثة- أزمة أخرى لينشغل بها وبإدارتها مع شعبه الا ان امتداد هذا الحدث واكثر ما يشكل قلقا لدى قادة الكيان هو جثمان الشهيد الجندي المصري ببعدها في الداخل المصري او العربي .
الكيان لا يريد أن يشيع الجندي المصري بطريقة تليق بشهادته وبطولته ولا تريد مشهدية آلاف بل مئات الآلاف من المصريين يمشون بجنازته وهذا جل ما تسعى لتحقيقه مع الجانب المصري قبل القبول بتسليمه جثمان الشهيد، وسيقف هذا العدو أمام تحدي ارتدادت هذه الحادثة الإيجابية على شعوب الأمة لما ستحييه في نفوسهم وعقولهم ووعيهم من تنامي العداء والسخط لكيان العدو الصهيوني.
يحق للكيان أن يقلق وقلقه مبرر لناحية ضعفه وفشله واهتزاز اركان قوته المزعومة ومكانته المتراجعة وهيبته المفقودة بفعل العمل الشجاع المقاوم.
لتأتي دماء الشهيد المصري لتنبت زهرة في صحراء النقب التي طالما أرادها الكيان ان توصم بالعار من خلال تمرير مشاريع التآمر على الشعوب العربية باتخاذ قرارات واتفاقيات تطيل أجل هذا الكيان .
الجندي المصري اعاد صحراء النقب مصرية الروح والجسد ونسف كل الاتفاقات الأمنية مع اسرائيل وانتصر لسيناء ولكل الشعوب العربية التي شعرت بالخذلان بعد دخول مصر في اتفاقية التطبيع عام ١٩٧٩ .
ترك الشهيد بصمته على هذه الجغرافية بدماء ذكية فاح شذاها ليصل لأفئدة كل الشعوب العربية التي تؤمن بتحرير الأراضي العربية وضرورة زوال هذا الاحتلال وهذا الأثر الذي يخشاه قادة الكيان الذي يدرك جيدا بأن الشعوب لن تقبله مهما قبلته الحكومات فالتطبيع مع الشعوب وليس مع قيادات وذاكرة الكيان مليئة بمشاهد النبذ والاستبعاد من قبل الشعوب العربية وهذا ما عاشوه في مونديال قطر وفي اكثر من مكان .
إدارة الأزمة هذه لدى الكيان لن تكون سهلة مهما حاولت ان تقلل من آثارها من خلال التفاوض مع الجانب المصري فالشعور بالقلق وعدم الاستقرار سيبقى مرافق لقادته ومستوطنيه، فالعملية ليست الأولى من نوعها وتكرارها فرضية قابلة للتحقيق في أي لحظة .
فالمخدرات التي يتاجر بها قادة الكيان ومهربيه والذي يشكل أحد أسلحة الكيان لقتل الشعوب العربية انعكس بشكل سلبي عليه واحدث أزمة لن تمحى آثارها بسهولة .
التفاعل الشعبي العربي الكبير مع الجندي المصري يعزز فرضية العزلة لهذا الكيان الاسرائيلي ويؤكد فشله المتوالي في إحداث اي خرق في جدار الممانعة للشعوب العربية لتفتح هذه الحادثة الأنظار مستقبلا لحوادث مماثلة تسجل فيها شعوب الأمة صفحة جديدة من الانتصار على هذا العدو واسقاط الصورة التي تسعى انظمة التطبيع والخيانة لترسيخها له في الذهنية العربية لتشكل هذه الحادثة صفعة مزدوجة للكيان والمطبعين .
*باحثة في العلاقات الدولية – دمشق
شاهد أيضاً
المواصفات تتلف بضائع مخالفة في الحديدة ونهم وعفار
اليمن الحرالاخباري/ اتلفت الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة بضائع مخالفة للمقاييس المعتمدة في الحديدة …