الأحد , ديسمبر 22 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / أخبار / أردوغان والاستحقاقات القادمة!

أردوغان والاستحقاقات القادمة!

فيصل مكرم *

▪︎ظنَّ خصومُ الرئيس رجب طيب أردوغان في الداخل التركي وفي عواصم الغرب أن كارثة الزلزال الأخير الذي ضرب عددًا من الولايات التركية ستكون القشة التي ستقصم ظهر حزب أردوغان في الانتخابات البرلمانية والرئاسية، بما خلفه من دمار وضحايا وخسائر اقتصادية مهولة، فتركيا تُعاني قبل الزلزال من ارتفاع نسبة التضخم بشكل غير مسبوق وتدهور قيمة الليرة التركية وارتفاع نسبة الغلاء ونقص الاحتياطي من النقد الأجنبي والذهب، بالإضافة إلى مُعارضة عدد من قيادات حزبه في الحكومة لسياسة الرئيس في التعاطي مع تلك الأزمات، التي بالتأكيد هيأت لخصومه في المُعارضة إمكانية إسقاطه في الانتخابات وتغيير المُعادلة القائمة لصالحهم في الانتخابات، مُتوعّدين أردوغان بسقوط مُدوٍ، ولحزبه بالفشل في الحصول على أغلبية المقاعد، غير أن أردوغان كسب الرهان في جولة الإعادة وخسر مُناوئوه.
▪︎كانت الدوائر السياسية والإعلامية الغربية تُقدّم دعمها المُطلق لجبهة المُعارضة، وأقنعتها بأن الفرصة مواتية لطي صفحة أردوغان الذي يُعتبر قائد النهضة الاقتصادية والصناعية التركية الحديثة وربّانها المُحنك، فقد تمكن في العديد من المرات من الخروج بسفينة بلاده من الأمواج المُتلاطمة وإدارة مصالح تركيا ببرجماتية ناجحة إلى حدٍ كبير مع الغرب والشرق، ولعب دورًا مؤثرًا في التعاطي مع أزمات الشرق الأوسط والمنطقة، ما جعل من تركيا قوةً محوريةً على واجهة تلك الأحداث والمُتغيّرات باتباعه مؤخرًا سياسة خفض التوترات حينًا وعدم التفريط بمصالح تركيا وعلاقتها الإقليمية والدولية في أحيان أخرى.

▪︎وخلال عقدين من وجوده على رأس السلطة في تركيا تمكن أردوغان من إدارة عجلة النهوض الاقتصادي والدخول في نادي الدول الصناعية الكبرى من أبوابه الضيقة، ونجح في تحييد المؤسسة العسكرية وكفّ تدخلها في الشأن السياسي، وتغيير نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي، ورفع مستوى المعيشة للشعب التركي وتحقيق ارتفاع في مُعدلات التبادل التجاري مع مُختلف دول العالم وتفعيل الدور التركي في التعاطي مع أزمات أوروبا وخلافاتها مع تركيا وغالبية الأحداث حول العالم، وهذا لم يحدث بالشكل الذي هو عليه قبل عقدين من الزمن، كل هذه المكاسب التي حققها أردوغان خلال عشرين عامًا كرئيس لبلده جعلت منه رقْمًا من الصعب على خصومه ومُعارضيه تخطيه أو إسقاطه من المُعادلة السياسية التركية أولًا ومن ثم الدولية والإقليمية، وبالتالي لم ينسَ له الشعب التركي إنجازاته فتمكن من العبور على جولتين في أصعب وأهم انتخابات تشهدها تركيا في تاريخها المُعاصر.
▪︎لا شك أن ثمة أخطاء وإخفاقات وقع فيها أردوغان وحزب العدالة والتنمية خاصة في السنوات الأخيرة لجهة تفاقم نسبة التضخم وتدهور العملة الوطنية وعدم استقرار الليرة التركية وعدم توازن الإنفاق على مشروعات الصناعة الكُبرى في مُقابل زيادة الموارد والحفاظ على المستوى الآمن للاحتياط النقدي، وهذا الاختلال أثر على المواطن التركي بشكل مُباشر، والرئيس أردوغان مُطالبٌ الآن بإجراء إصلاحات مُقنعة وملموسة وإعادة النظر في أداء الحكومة بما يُحقق الحد الأدنى من تطلعات الشعب التركي وإعادة الإعمار من المناطق التي دمرها الزلزال، كما أن من المُهم أن يعملَ أردوغان وحزبه وحلفاؤه من الآن على تهيئة البديل الذي يمكنه أن يحظى بثقة الناخب التركي ليتولى قيادة تركيا خلفًا له بعد خمس سنوات.
لعلَّ الرئيس أردوغان يُدرك تمامًا أن الخطوات التي قام بها قبل الانتخابات الأخيرة لإعادة هيكلة العلاقات التركية مع الجوار العربي والمُحيط الإقليمي لا بد أن تستمر بوتيرة أفضل في ضوء المُتغيرات التي يشهدها العالم، وفي مُقدمها إنهاء الملفات العالقة مع سوريا والعراق، وما تبقى منها مع مصر والسعودية بما يُعزز دور تركيا ومصالحها وتأثيرها في المنطقة كشريك في تحقيق المصالح الاقتصادية والدفع بعجلة التنمية المُستدامة التي تتطلب إنهاء الخلافات والمُنازعات وخفض التوترات وبناء جسور الثقة، والرئيس أردوغان لا تنقصه الحنكة ولا الذكاء في استيعاب دروس الانتخابات الأخيرة، وما كشفت عنه من تحديات له ولحزبه على مُختلف الصعد الداخلية والخارجية خاصة.
*نقلا عن جريدة الراية
fmukaram@gmail.com
@fmukaram تويتر

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

الدكتوراه بامتياز للباحث عبده أحمد الصياد من جامعة العلوم والتكنولوجيا

  صنعاء /اليمن الحرالاخباري حصل الباحث عبده أحمد عبدربه صالح الصياد على درجة الدكتوراه بتقدير …