السبت , ديسمبر 9 2023
الرئيسية / اراء / عُذراً ايها التاريخ.. لقد كَذِبتْ!! وصَدَقتْ غزّة!

عُذراً ايها التاريخ.. لقد كَذِبتْ!! وصَدَقتْ غزّة!

د. جواد الهنداوي*
خدعونا وظلموك أيها التاريخ ، أولئك الذين كتبوا حكاياتك وقصصك في حروبهم العالمية و ما بينها ، و تفنّنوا وضللّوا في وصف الجرائم و أسبابها و مرتكبيها و توظيفها لخدمة مصالحهم ، أولئك الذين وضعوا حقوق الانسان و صاغوا ميثاق الامم المتحدة و المواثيق الدولية و قواعد الحروب و مفاهيم جرائم ضد الانسانية وجرائم الحرب و الابادة ، و وظفوها لخدمة مصالحهم .
عُذراً ايها التاريخ، لقد سّودوا صفحاتك و حرّفوا مشاهدك ، وجعلوا أولئكَ الذين في صُلبهم الخبُث و السوء والقتل و الغدر ضحايا مُقّدسين . دُروسكَ في أهوال الحروب و النزاعات تقادمتْ و لم تعُدْ صالحة للاستخدام ، حاضُرنا يُرينا اكثر هولاً وأبشعُ مما كتبتهُ لنا .
هل تُريدُ أنْ نُكذّبُ حاضرنا وما تراه أعيُننا ونصدّقُ ما وردَ في صفحاتك؟ أَولمْ تعلم ايها التاريخ أنَّ من كتبكَ وصاغ سردياتكَ في الجريمة و القتل، و نسبوا الجرائم لغيرهم هُمْ الآن يُعيدوها وبصورة “حضاريّة” ، ولكن ليس في اوربا، وانما في مساحة جغرافية صغيرة الحجم ومُحاصرة، وأسمهّا ” غزّة ” .
المحارق التي وردت في صفحاتك ايها التاريخ كانت في غُرف لمْ نرها، وغير مسموح لأحد أن يتناولها مُحلّلاً او مُدققاً ، ومحارق اليوم في الهواء الطلق، في الشوارع والمستشفيات والبيوت والاماكن المقدسة دينياً وأُمميّاً، نراها ونعيشها ، وهي مِنْ صُنع مَنْ دوّنك يا تاريخ !
يا تاريخ ” بيتكَ بيتُ الكذب و مناخُكَ مناخ الضلال “، كما وصفك الشاعر العراقي المرحوم معروف الرصافي (1875-1945) ، في قصيدته ” ضلال التاريخ ” ، والتي يقول فيها ” وما كُتُب التاريخ في كُلِّ ما روتْ الاّ حديثٌ مُلّفقِ … نظرنا لأمر الحاضرين فرابنا فكيف بأمرِ الغابرين نُصّدقُ ” .
عُذراً يا تاريخ، لن تحتاجكَ الانسانية بعد اليوم، غزّة تعلن وفاتك ، مشاهدُ اشلاء اطفالها ، والصور القادمة عبر غبار ركامها أوضحُ وأصدقُ بكثير مما كتبّه رُعاة البقر وآل صهيون في طيّات صفحاتك .غزّة المظلومين الصامدين كتبتْ نهاية عصر التاريخ المكتوب بريشة المُنتصر ، وأعلنت ولادة التاريخ الموّثق بالصورة و بالصوت والمدّون من الناس وليس من المُنتصر .
حتى مبادئ حقوق الانسان والعدالة وقواعد الحروب، والتي نقلتها الينا و دعوتنا للإيمان بقدسيتها أضحتْ خُرافة، صدّقها الطيبون او الساذجون و دحضتها اليوم غزّة.
استخدمك بني صهيون، يا تاريخ ،كي يسودوا على العالم ، بقصصهم التّوراتيّة الملفقّة ، بأكاذيبهم بأموالهم . بسطوا نفوذهم على امريكا و على اوربا ، وقد رأينا هولاء ،كيف تراكضوا و تدافعوا حين شعروا بأن نواة بني صهيون ( اسرائيل ) في خطر ،حين طلعوا مقاتلي حماس ،طلوع المنون لينقضوا على اسرائيل .
أصدقُ ما نقلتهُ لنا ايها التاريخ هو أنَّ ميثاق الامم المتحدة ، وُلِدَ في بيت ” سالي ستنفورد ” ،أشهر بيت دعارة في سان فرانسيسكو ،عام ١٩٤٥ ، ولذلك تلّوثَ هذا الميثاق برجس الموبقات ، وساهمَ بنشر السيئات ، واصبح عوناً للظالم على المظلوم ، وناصراً للباطل و محارباً للحق .
تدعونا غزّة اليوم الى اعادة قراءة التاريخ ليعتبرْ العرب ،و يصوبوا طرائقهم ،قبل فوات الاوان، فمن جُبِلَ على الشّر و الجريمة كآل صهيون ،لا يؤتمن جواره ، ولا يوثق بعهدهِ و حواره .
*كاتب ودبلوماسي عراقي

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

رسالة إلى الوالي .. الجباية نهاية الدولة ..

حسن الوريث يقول ابن خلدون في مقدمته الشهيرة “عندما تكثر الجباية تشرف الدولة على النهاية” .. …