محمد مصطفى العمراني*
ما إن تم الإعلان عن إشهار مركز ” تكوين ” في العاصمة المصرية القاهرة مؤخرا حتى ثار الناس على هذا المركز ، ودعوا إلى إغلاقه وإحالة من شاركوا فيه إلى المحاكمة ، ولهم كل الحق في ذلك فالشخصيات المشاركة سيئة السمعة ، وقد عرفت بالتهجم على الثوابت الإسلامية ، والطعن في الشخصيات التاريخية ، والتشكيك في السنة النبوية ، والسخرية من القدوات والرموز في الأمة ، وكل هذا يتم باسم ” التنوير ” الذي صارت سمعته سيئة كسمعة القائمين على مركز ” تكوين ” ، فهذا التنوير المزعوم تم استخدامه من قبل هؤلاء السفهاء في استهداف الإسلام وشريعته وسنته ورجاله العظام فقط لا غير .!
هؤلاء الذين شاركوا في أول فعالية لمركز ” تكوين ” يوم 7 أيار مايو الجاري أشتهروا بالإساءة للإسلام وباختلاق أكاذيب باطلة وترديد افتراءات تافهة واتهامات سخيفة بحق السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام ، وبحق رموز الإسلام وشريعته السمحة ، والبحث عن أي شبهة رددها رموز الاستشراق ، أو نشرها أعداء الإسلام والترويج لها وترديدها بذريعة ” التنوير ” و ” التجديد ” و ” حق النقد ” وبهدف ” نقد الخطاب الديني ” و ” نشر التسامح والاعتدال ” وغيرها من الشعارات البراقة والعناوين الخادعة بينما الاهداف هي : التشكيك في الثوابت الإسلامية ، والإساءة ونشر الشبهات ، والتهجم والسخرية من الصحابة والتابعين ، وشتم رموز الإسلام أمثال : الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه والمجاهد العظيم صلاح الدين الأيوبي ، وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم من الرموز والأعلام.
عينة من فعاليات تكوين !
من يطالع الفيديوهات المنشورة على صفحة المركز يجدها من هذا القبيل:
ــ هل الخمر حلال شرعا ؟
ــ البخاري ومسلم أيهما أصح ؟
ــ ما هي الشريعة التي يطالب المتطرفون بتطبيقها ؟
ــ هل السنة صحيحة ؟
ــ هل السيرة النبوية صحيحة ؟
ــ الفتوحات احتلال وغزو
ــ هل كل الأحاديث النبوية صحيحة ؟
والبقية حول ما حدث لبعض الصحابة من فتن كما روجها لها العديد من المستشرقين الحاقدين على الإسلام ، وحشوها بالمغالطات والأكاذيب والزيف والإساءات والافتراءات لترسيخ صورة نمطية سوداء مظلمة عن الإسلام وأنه دين صراعات ومعارك وحروب وإرهاب وظلم وظلام.!
وللتأكيد على أن الخمر حلال بس المتطرفون المعادون للبيرة والمزاج هم اللي حبكوها وحرموها ، وأن السنة في أغلبها أحاديث موضوعة ولذا لا حجية لها ولا اعتبار ، وأن السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام قصص مكذوبة ملفقة ، وأن الفتوحات الإسلامية كانت غزوات بالسيف واحتلال بشع بالقوة القاهرة ووو ألخ.!
وأن الشريعة الإسلامية التي يطالب ” المتطرفون ” و ” المتأسلمون ” بتطبيقها هي فقط أحكام الإعدام وقطع اليد ومنع المرأة من الخروج من البيت وتقييدها والحجر عليها والزواج بأربع نساء وتحويل النساء إلى جواري ، وهذه عندهم هي الشريعة الإسلامية فقط لا غير وهي رؤى وأقوال جمعوها من غلاة المستشرقين من الحاقدين على الإسلام ، وقرأوها كما وصلت من الممولين .!
لماذا لا ينتقدون القسس والحاخامات ؟!
هل رأيتم لهؤلاء قادة ” التنوير ” المزعوم في يوم من الأيام نقدا للكنيسة وما يحدث فيها ؟!
هل قرأتم لهم منشوراً يدعوا لتطوير الخطاب الديني في الكنيسة ؟!
هل شاهدتم لهم محاضرة عما يحدث في الكنائس من ممارسات سيئة يعترف بها البابا والقسس أنفسهم ؟
أليست المسيحية دينا ينبغي تطوير خطابه وتجديده ؟
أم أن الخطاب الديني المسيحي غاية في التنوير والتسامح والتحرر ، وآخر تمام وانسجام ، وأن قسس والرهبان ملائكة يمشون على الأرض ؟!
لقد أكد بابا الفاتيكان في 6 تشرين أكتوبر 2021م أنه يشعر بالعار بعد فضيحة اعتداء الكهنة في الكنائس الفرنسية على 216 ألف طفل منذ العام 1950م إلى تاريخ الاعتذار ، حدث هذا في الكنائس الفرنسية وحدها.!
ويؤكد جان مارك سوفيه رئيس اللجنة الفرنسية المكلفة بالتحقيق باعتداءات الكهنة على الأطفال والنساء أن العدد قد يرتفع إلى 330 ألفاً ، إذا ما أدرجت الإساءات من قبل أعضاء الكنيسة والعاملين فيها من خارج الإكليروس.!
وأوضح حينها في تصريح لوكالة فرانس برس للأنباء، أن الآلاف ممن عملوا بالمؤسسة الكنسية اعتدوا على أطفال ونساء .!
وقال إن اللجنة اكتشفت أدلة على أن ما بين 2900 و3200 قسيس أو عضو في الكنيسة اقترفوا اعتداءات جنسية، من إجمالي 115 ألف كاهن ورجل دين، “على أقل تقدير”.
هذا في فرنسا فقط أما في غيرها فحدث ولا حرج ، أرقام مخيفة واحصائيات مرعبة عن ضحايا الاعتداء الجنسي من النساء والأطفال في معظم كنائس العالم.
هل رأيتم تنويري واحد انتقد ممارسات الكنيسة وما يحدث فيها من شذوذ واعتداءات جنسية على الأطفال والنساء؟!
هل تعلمون أن ما يقارب 250 ألف إنسان من قبائل التوتسي قتلوا داخل كنائس رواندا ؛ لقد تمت تلك المجازر البشعة بالتواطؤ بين قيادة الكنيسة وقبائل الهوتو ، وهو ما دفع بالبابا فرانسيس للاعتذار بعد سنوات طويلة و ” التضرع مجددا للرب طلبا للغفران عن خطايا وأخطاء الكنيسة والمنتمين إليها ، ومن بينهم أساقفة ورجال دين ونساء دين استسلموا للكراهية والعنف ، وخانوا رسالتهم الانجيلية لعل هذا الاعتراف المتواضع أن في “تطهير الذاكرة وتجديد الثقة وتضميد جراح هذا البلد الواقع في وسط أفريقيا ” حسب قوله لدى زيارته للعاصمة الرواندية كيغالي في 20 مارس آذار 2017م.!
لكن حكومة رواندا أكدت حينها إلى أنها تشعر بأن هذا الاعتذار ليس كافيا وقالت إن الكنيسة المحلية لا تزال متواطئة في حماية مرتكبي الإبادة الجماعية.
هل رأيتم تنويري أو علماني قد انتقد موقف الكنيسة الإجرامي من هذه الجرائم ؟!!
..وفي مطلع يوليو تموز 2022م قام صحفيون روس بعمل إحصائيات لتكلفة تيجان وقلنسوات البطارقة والأساقفة في الكنيسة الأرثوذكسية وهي من الذهب فوجدوها تكلف عشرات الملايين من الدولارات.!
لماذا لم نسمع تنويري واحد من هؤلاء يخاطب هؤلاء القساوسة والرهبان بأن إشباع جائع خير من شراء التيجان والقلنسوات الذهبية كما يرددون عند رؤيتهم لأي جامع ” إشباع جائع خير من بناء ألف جامع ” ؟!
ألا يحتاج خطاب الحاخامات إلى تجديد ؟!
في ” المشناة ” شروح التوراة ، وفي التوراة نفسها الآلاف من النصوص الدينية التي تحرض على قتل الآخر ، وارتكاب جرائم الإبادة للمخالفين ، ففي التثنية أحد أسفار اليهود المقدسة يرد بالنص الأمر بالقتل والإبادة الجماعية وقتل الحيوانات : ” فإذا اَستَسلَمَت وفتَحَت لكُم أبوابَها، فجميعُ سُكَّانِها يكونونَ لكُم تَحتَ الجزيةِ ويخدِمونكُم. وإنْ لم تُسالِمْكُم، بل حارَبَتكُم فحاصَرتُموها فأسلَمَها الرّبُّ إلهُكُم إلى أيديكُم، فاَضْرِبوا كُلَ ذكَرٍ فيها بِحَدِّ السَّيفِ.
وأمَّا النِّساءُ والأطفالُ والبَهائِمُ وجميعُ ما في المدينةِ مِنْ غَنيمةٍ، فاَغْنَموها لأنْفُسِكُم وتمَتَّعوا بِغَنيمةِ أعدائِكُمُ التي أعطاكُمُ الرّبُّ إلهُكُم.
هكذا تفعَلونَ بجميعِ المُدُنِ البعيدةِ مِنكُم جدُا، التي لا تخصُّ هؤلاءِ الأُمَمَ هُنا. وأمَّا مُدُنُ هؤلاءِ الأُمَمِ التي يُعطيها لكُمُ الرّبُّ إلهُكُم مُلْكًا، فلا تتستبق منها نسمة بل تُحَلِّلونَ إبادَتَهُم، وهُمُ الحِثِّيّونَ والأموريُّونَ والكنعانِيُّونَ والفِرِّزيُّونَ والحوِّيُّونَ واليَبوسيُّونَ، كما أمركُمُ الرّبُّ إلهُكُم ” ( تثنية 20: 11- 17 ) .
وفي سفر صموئيل الأول ( 3 : 15 ) بالنص : «فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ، وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلا تَعْفُ عَنْهُمْ، بَلِ اقْتُلْ رَجُلًا وَامْرَأَةً، طِفْلًا وَرَضِيعًا، بَقَرًا وَغَنَمًا، جَمَلًا وَحِمَارً» ، والتحريم هنا بمعنى الإبادة.
وفي سفر حزقيال ( 9:5 ) ” اعْبُرُوا فِي الْمَدِينَةِ خَلْفَهُ وَاقْتُلُوا. لا تَتَرَأّفْ عُيُونُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا. أَهْلِكُوا الشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. وَلَكِنْ لاَ تَقْرَبُوا مِنْ أَيِّ إِنْسَانٍ عَلَيْهِ السِّمَةُ، وَابْتَدِئُوا مِنْ َقْدِسِي. فَابْتَدَئُوا يُهْلِكُونَ الرِّجَالَ وَالشُّيُوخَ الْمَوْجُودِينَ أَمَامَ الْهَيْكَلِ. وَقَالَ لَهُمْ: نَجِّسُوا الْهَيْكَلَ وَامْلَأُوا سَاحَاتِهِ بِالْقَتْلَى، ثُمَّ اخْرُجُوا. فَانْدَفَعُوا إِلَى الْمَدِينَةِ وَشَرَعُوا يَقْتُلُون ” .
لقد ردد رئيس الوزراء في الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو هذه الفقرات التي تحث على القتل ووزعها مكتبه على الجنود وتمت إذاعتها يوم 29 تشرين أكتوبر 2023م كما نقلت ذلك وسائل الإعلام ومنها وكالة أنباء الأناضول وغيرها ..
وحيث أورد فقرة من سفر التثنية نصها “اُذْكُرْ مَا فَعَلَهُ بِكَ عَمَالِيقُ فِي الطَّرِيقِ عِنْدَ خُرُوجِكَ مِنْ مِصْرَ”.
ويمثل العماليق ذروة الشر في التقاليد اليهودية، ويستخدم هذا التعبير للإشارة إلى الشعوب التي تُهدِّد الوجود اليهودي، واستخدمه نتنياهو أكثر من مرة في تحفيز الجيش الإسرائيلي في حربه ضد قطاع غزة.
وفي كتاب صموئيل، الفصل 15، تقول الآية 3: “والآن اذهب واضرب العماليق وحرموا كل ما لهم ولا تعفوا عنهم. بل اقتلوا على السواء الرجل والمرأة، الطفل والرضيع، بقراً وغنماً، جملاً وحماراً”.
كما اعتبر نتنياهو في رسالته أن “هذه حرب بين أبناء النور وأبناء الظلام، لن نتوقف عن مهمتنا حتى يتغلب النور على الظلام”.
وأضاف: “سيهزم الخير الشر الشديد الذي يهددنا ويهدد العالم بأسره”، وفق تعبيره.
وغيرها من الفقرات الدموية التي تحث على القتل والإرهاب والمجازر التي نراها الآن في غزة فهل رأيتم تنويري واحد انتقد هذا الإرهاب وطالب بتجديد الخطاب الديني اليهودي الذي يحرض على القتل والإرهاب ويشرعن للعنف وجرائم الإبادة ؟!!
أين موقف تيار ” التنوير ” مما يحدث لغزة من جرائم وإبادة جماعية ومجازر تطال الرجال والأطفال والنساء ؟!
وهل رأيتم يوما موقفا حرا لهؤلاء من الجرائم التي تمارسها أغلب الأنظمة العربية بحق شعوبها من إغراقها بالديون وبيع أراضيها وتجويع شعبها وإفقاره وتجهيله ؟!
للأسف إنهم يتطاولون على الإسلام وثوابته لكنهم لا يجرؤون على نقد أولئك الطغاة بكلمة .!
والخلاصة من وجهة نظري : أن هؤلاء لا يرون من الأديان إلا الإسلام فهم طابور خامس متخصص بالتهجم على الإسلام والتشكيك بثوابته ، والطعن في السنة النبوية ، والتشكيك في السيرة النبوية ، والسخرية من القدوات والرموز في الأمة.
إنهم تيار موجه ضد الإسلام وبخطاب بليد مستفز وقح كوقاحة من يمولهم ويمول قتلة الأطفال والنساء في غزة.
ومن ” يدفع للزمار يختار اللحن ” فهل بعد هذا سيصدقهم أحد ؟!
*نقلا عن رأي اليوم
شاهد أيضاً
مجاهدو القسام يجهزون على 15 جنديا صهيونيا من المسافة صفر ببيت لاهيا
اليمن الحر الاخباري/متابعات أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الاسلامية “حماس”، مساء اليوم الخميس، …