الجمعة , أكتوبر 18 2024
الرئيسية / اراء / “بكين” خطوة على الطريق !

“بكين” خطوة على الطريق !

 

د. فايز أبو شمالة*
كان لمعركة طوفان الأقصى بالغ الأثر على التنظيمات الفلسطينية التي اجتمعت في الصين، فلا صوت يعلو فوق صوت المعارك، ولا قيمة للسيوف المصقولة إن لم تسل من جرابها، وتشارك في معارك الحرية، فالذي يحمل البندقية وينغمس في الميدان، أكثر استعداداً للتضحية، وأكثر قوة وجرأة وثقة بالنفس من ذاك المتفرج على بطولة المقاتلين، لذلك جاء لقاء بكين في الزمن الذي كانت فيه فصائل المقاومة ترسم بالدم معالم المرحلة، وهي بحاجة إلى دعم واسناد كل جهد فلسطيني، وكل قوى سياسية فلسطينية، مستعدة لأن تمد كتفها، لتشيل مع تنظيمات المقاومة أعباء المرحلة.
وكان لغياب بعض الفصائل الفلسطينية عن معركة طوفان الأقصى بالغ الأثر على قرارها بالموافقة على إعلان بكين، فالذي غاب عن أرض البطولية تكتم أنفاسه عقدة النقص، ويجلده التخلف عن نداء الواجب، لذلك كانت الموافقة على إعلان بكين بمثابة إعلان حضور لتلك التنظيمات، ومشاركتها فعل غزة البطولي، وجاء إعلان بكين كتعويض عن غياب تلك التنظيمات عن ساحة الفعل، وهذا الذي أعطى لزمن اللقاء في الصين حضوراً فاعلاً لنجاح اللقاء، والخروج بإعلان بكين.

فإذا أضيف لعامل الزمان أهمية المكان، فدولة الصين إحدى القوى العظمى، والشرق الأوسط بحاجة إلى توازن القوى، وعدم تسليم مصالحة ومقدراته للقوى الغربية، تلك القوى التي تعودت على استعمار البلاد العربية، واستغلال مواردها، وتحقير سكانها، على خلاف الصين التي لم تمارس دور المستعمرين، ولم تقترف المجازر بحق الشعوب العربية، ولم تدمر مقدراتهم، لذلك فالثقة بدولة الصين عابرة للقارات، وقد نجحت من قبل في تحقيق المصالحة بين السعودية وإيران، ولم تخف الصين اهتمامها البارز في الكثير من قضايا الشرق الأوسط، ذلك الاهتمام النابع من مصالح الصين الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية، ولعل نهوض الصين الاقتصادي في الفترة الأخيرة، مع تقدم الصين العلمي والتكنولوجي، كل تلك القوة الجبارة للصين لم تغب عن بال الشعوب العربية، ولم تتغافل عنها التنظيمات الفلسطينية، وهي تلتقي على أرض الصين طلباً للمصالحة الفلسطينية.
جاء إعلان بكين متمماً للجهد العالمي المناصر للقضية الفلسطينية، فالمظاهرات الداعمة للفلسطينيين في معظم دول العالم، فرضت على التنظيمات الفلسطينية المجتمعة في الصين أن تحترم إرادة الشعب الفلسطيني، كما كان لقرارات محكمة العدل الدولية فيما يتعلق بالأراضي المحتلة، ورفض استمرار الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى قرار محكمة العدل الدولية الذي اعتبر بعض قادة إسرائيل مجرمي حرب، زد على ذلك ما صدر عن محكمة الجنايات الدولية ضد دولة العدو، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي يعترف بالدولة الفلسطينية، فإذا أضيف لما سبق حرب الإبادة الإسرائيلية ضد أهل غزة، وحرب الاستيطان ضد أراضي الضفة الغربية، كل ذلك شكل رافعة للتنظيمات كي توقع على إعلان بكين، وهم يبصرون بأم أعينهم بطولات الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية.
إعلان بكين يؤكد على تشكيل حكومة توافق وطني فلسطيني تدير شؤون شعبنا في غزة والضفة الغربية، حكومة تشرف على إعادة الإعمار، وتهيئ الظروف للانتخابات، وهذا الإعلان يعتبر مطلباً شعبياً فلسطينياً، وهذا الاتفاق بمثابة خطوة على طريق إصلاح منظمة التحرير، وتشكيل مرجعية سياسية للقرار الفلسطيني، يعتمد على إرادة الشعب المقاوم.
اتفاق بكين يغلق الأبواب في وجه المؤامرة الأمريكية والإسرائيلية، التي تكثر الحديث عن اليوم التالي للحرب على غزة، فالشعب الفلسطيني من خلال تنظيماته السياسية هو القادر على إدارة شؤونه في غزة والضفة الغربية، ولن يسمح الشعب الفلسطيني لأي قوى أجنبية أو غريبة في إدارة غزة، سواء كان ذلك بحجة تقديم المساعدات، أو بحجة إعادة الإعمار.
إعلان بكين خطوة متقدمة على درب الحرية، ولكنها بحاجة إلى التطبيق العملي على الأرض، وبحاجة إلى استكمال الحوار الفصائلي والتفصيلي حول تركيبة هذه الحكومة، ومرجعيتها السياسية، وهذا الأمر ليس صعباً على الشعب الفلسطيني الذي امتلك إرادة المقاومة، واستطاع أن يفرض نفسه نداً لأقوى جيوش المنطقة، واستطاع أن يحافظ على وجودة رغم حبل المشنقة الذي جلبته أمريكا وبريطانيا من أقاصي البحار، وجدلته بالأحقاد الصهيونية، ليلتف بالموت حول عنق شعب يرفض أن يموت.
*كاتب فلسطيني /غزة

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

المقاومة..السبيل الوحيد لكسر سياسات الجدار الحديدي!

د. طارق ليساوي* أشرت في مقال “الأهداف الخفية لإسرائيل بقيادة بنيامين بن صهيون نتنياهو..” إلى …