الأحد , نوفمبر 24 2024
الرئيسية / اراء / من أنتم؟!

من أنتم؟!

د. طالب أبو شرار*
تساؤل استنكاري تردد أكثر من مرة على أسئلة مسؤولين عرب ربما كان أشهرهم العقيد معمر القذافي عندما خاطب المتظاهرين في أواخر عهده في العام 2011. شخصيا، لم أفكر قط في أنني سأكتب مقالة بهذا العنوان لكن تلاحق الأهوال التي يعانيها أهلنا في قطاع غزة دفعتني للتساؤل عمن يكون أولئك “الإسرائيليون” الذين يجمعون على حقهم في ارتكاب كل الفظائع بحق الفلسطينيين. أجل كل الفلسطينيين، رجالا ونساء وأطفالا وكبارا وعجزة ومرضى. من أين جاءت تلك الوحوش غير البشرية؟ من جاءت بكل هذا الحقد الدموي الأسود على شعب عاش بعضهم في كنفه مئات السنين دون أن تمس كراماتهم الإنسانية أو حقوقهم المدنية وفي أزمان كان شركاؤهم في العقيدة الدينية يذبحون ويحجزون في منعزلات غير إنسانية في العديد من بلاد الغرب “المتحضر”. من أين جاءوا بكل هذا الحقد الوحشي على الشعب الفلسطيني؟ كيف نما هذا الحقد في صدور معظمهم قبل أن تطأ أقدامهم التراب الفلسطيني قادمين من أصقاع بعيدة؟ لماذا لا يكنون حقدا مشابها لمن ذبحهم وأحرقهم قبل سنين ليست بعيدة؟ هل كانوا يحلمون بأنهم سيستقبلون بالورود والرياحين ممن عملوا على هدم بيته أو قتله أو تهجيره بعيدا عن ترابه الوطني؟ هل ظنوا أن الفلسطيني مجرد من الكرامة والمشاعر الإنسانية سيكون سعيدا بما يفعلونه وأنه سينسحب من المشهد دون ان ينبس ببنت شفة؟
تثور هذه الأسئلة وغيرها الكثير في ذهني وتكاد أن تصيبني بالصرع لأنني لا أجد لها جوابا منطقيا. هناك عداوات تاريخية بين بعض الشعوب تثور أحيانا على شكل صراعات مسلحة وقد ترتكب أثناءها أفعال وحشية لكنها تدان من قبل الجميع بل وتستنكرها الأطراف المتصارعة ذاتها. لكن في حالتنا الراهنة مع تلك الوحوش البشرية (وليست الإنسانية) نجدهم جميعا، الصغار قبل الكبار، الإناث قبل الذكور، الشرقيون قبل الغربيين، كلهم مسكونون بذات الحقد الأسود الدًملي على كل من يمت للعروبة والإسلام بصلة. هو مرض لم تعرفه البشرية من قبل ولا أعرف ما هو علاجه؟ لا تقولوا لي أن السبب يعزى الى حالة الصراع الدائم بينهم وبين الفلسطينيين. لكن تلك الجرائم ليست حديثة العهد، إنها جرائم متنامية منذ بداية هجرتهم غير الشرعية والمحمية بحراب الجيش البريطاني الاستعماري. فقط تذكروا أنهم عمدوا منذ بداية هجرتهم الى فلسطين في عشرينات القرن العشرين الى أساليب الترويع الدموي للمواطنين الفلسطينيين في محاولات تهجيرهم من بلادهم. أنصح في هذا الصدد قراءة مذكرات الإرهابي المجرم مناحيم بيجين الذي كان جاسوسا لبريطانيا إبان الحرب العالمية الثانية وأفرج عنه في صفقة تبادل للجواسيس بين الإتحاد السوفياتي والحلفاء ثم رحله البريطانيون الى العراق ومنها برا الى فلسطين. لقد عبر ذلك المجرم عن قرفه من العرب الذين يدنسون تراب “وطنه” فور وصوله الى نقطة الحدود التي رسمها الإنجليز بين العراق وشرق الأردن آنذاك: “لقد امتلأت حقدا وغضبا من أولئك العرب القذرين الذين يدنسون تراب وطني”. حقا! كم هو كلام مستفز يجعل الدماء تفور في شرايين الرجال! المضحك في هذا المقام أن ذلك المجرم أصبح بطلا بالمعايير الغربية ومنح جائزة “نوبل للسلام” مع الرئيس المصري الراحل أنور السادات! أي سلام هو ذاك الذي يفرضه المهاجرون الغربيون غير الشرعيين أمثال مناحيم بيجين أو إسحق شامير أو شمعون بيريس! هو “سلام” القهر والإرغام وفرض الإرادة!
ما يبكي في هذا المقام أنهم يرفضون مصافحة الأيدي التي “تلوثت بدماء اليهود” حسب قولهم! لكن وماذا عنا نحن الضحايا؟ ماذا عن أباء وأمهات وأشقاء وأبناء وبنات الذين قتلهم أولئك المجرمون عبر أكثر من قرن من مسلسل جرائمهم بحق المدنيين في فلسطين وسوريا ولبنان والأردن ومصر والعراق والقائمة تطول؟ لماذا لا نرفض مصافحة أياديهم الملوثة بدماء أحبتنا؟ لماذا لا نشهد مسؤولا عربيا واحدا يبدي بعض التردد في مد يده لمصافحة اليد المجرمة؟ هل تذكرون مشهد المجرم إسحق رابين وهو يتردد في مد يده لمصافحة ياسر عرفات الذي بادر مبكرا لمد يده أمام البيت الأبيض في 13 أيلول 1993؟ كم شهيدا سفك ذلك المجرم دماءه؟ لعلكم تتذكرون مذبحة حامية أم الرشراش المصرية التي قادها رابين ذاك! كانوا 350 جنديا من حرس الحدود المصريين الذين ذبحهم ثم دفنهم اسحق رابين في أم الرشراش في 10 آذار 1948. لعلكم تتذكرون أيضا أوامره لجيشه المجرم بصفته وزيرا للحرب في العام 1988 بتكسير عظام الشباب الفلسطيني بالحجارة إبان انتفاضة الضفة الغربية! في العام 1994، منح رابين أيضا جائزة “نوبل للسلام” بالتشارك مع عرفات وشمعون بيريس، المهاجر البولندي ومجرم مذبحة قانا اللبنانية في 18 نيسان 1996. هم يرفضون مصافحة أيادينا لكن ماذا عنا نحن؟ أليس من المفروض ألا نكتفي برفض مصافحة أياديهم بل ونكسرها أيضا؟
*مفكر عربي

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

“حزب الله” باقٍ…!

العميد. محمد الحسين* لطالما طوى الشوق الدائم إلى بلدتها صفحات أيامها بأمل اللقاء، ولطالما رفعت …