خالد الرويشان
مات عبدالرحمن مطهر
مات “مسعد” الذي أسعد مستمعيه طوال ٥٠ عاما
أجمل ما في هذا البلد يموت
ولقد كان عبدالرحمن مطهر من أجمل وأروع أبناء هذه البلاد
٥٠ عاما من العمل الفني الاجتماعي والتنويري بلا كلل أو ملل
لا أظن يمنيا أو يمنية لم يسمع أو تسمع يوما البرنامج الإذاعي اليومي الشهير مسعد ومسعدة الذي كان يقدمه مع زميلته النادرة والمغمورة مثل عروق الذهب ..الفنانة الكبيرة حبيبة محمد
غادرنا عبدالرحمن مطهر بعد أن قدم الكثير لبلاده وشعبه خلال أكثر من نصف قرن ولم يأخذ شيئا
وأتذكر عند تكريمه وزميلته الفنانة حبيبة في ٢٠٠٤ وكنا على غداء مع الفنانة الكبيرة هيام يونس أنه قال لي ضاحكا” كيف ذكرتني يا أستاذ خالد! ما حدش كرمني ولا فكر من أول برنامج لليوم”
أحزنتني كلمته تلك رغم أن كثيرين من مجايليه قالوها لي
لم يخلف عبدالرحمن مطهر ريالا واحدا من عمله الفني التنويري الاجتماعي الطويل ..فإذاعة صنعاء أفقر مؤسسسة إعلامية على الإطلاق..كانت فقيرة ومظلومة قبل كارثة الحوثي فكيف بها تحت تسلطه اليوم!
لكن عبدالرحمن مطهر خلف ما هو أهم وأبقى له وللبلاد:
عشرات آلاف الحلقات الفنية اليومية
ومحبة شعبه الجارفة له
وتعليم أولاده حتى أصبحوا أساتذة في الجامعات
مات الضاحك الباكي عبدالرحمن مطهر
كلنا نمووت كل لحظة ..نتساقط أنفُساً كما قال امرؤالقيس
بلادٌ برمّتها تموت وتختنق بالغبار كل يوم ..كل ساعة ..كل دقيقة وكل ثانية
لا يشعر بهذا الموت الخانق مثل سمٍ يجري في عروق حياتنا إلا من يعيش عذابات هذه البلاد ويتنفس غبارها وظلامها وأحزانها اليوم كما نعيشها ونتنفسها في أيامنا الثقيلة هذه وعاشها وتنفسها بابا عبدالرحمن رحمة الله عليه حتى لفظ آخر أنفاسه اليوم 2025/1/23
بابا عبدالرحمن ..بابا البلاد كلها ..بابا أحلامها المكلومة ..وداعاً
