السبت , مارس 22 2025
الرئيسية / اراء / لا لتحييد غزّة..!

لا لتحييد غزّة..!

فؤاد البطاينة*
بعيدا عن الاستغفال السخيف. الهجرة الطوعية مباحة ولكن ضمن شروطها التي تميزها عن التهجير الذي هو جريمة تطهير عرقي مرتبط باحتلال أرض الغير، وعمل بربري وحشي مرفوض نقاشه .
أما شروط الهجرة الطوعية التي نقبلها فإنما هي ضمن مفهومها التي تتعامل معه دول العالم طبقا للقانون الدولي ولقوانينها ودساتيرها إضافة لشرطين تميزها عن التهجير الناعم التآمري. الأول أن لا تسقط حقوق المهاجر الطوعي في العودة لأرضه متى شاء. والثاني أن لا تكون الهجرة جماعية وأن لا يُسمح بدخول أو بهجرة اي اجنبي أو محتل الى البلد التي هاجر منها بعض مواطنيها طوعاً وضمن القانون الساري في الدول. أي بموافقة اصحاب الارض.
بودي دائما أن تستوعب القيادة الأردنية والأردنيون أن الأردن بشعيه محمول على مدار الثانية على كتفي فلسطين أينما توجهت أو حلت. ففلسطين جغرافياً وتاريخياً وتوراتياً في مفهوم الصهيونية والكيان ووعد بلفور، تشمل الأردن. فالقضية الأردنية هي ذاتها الفلسطينية والمصير واحد والتهجير للشعبين مسألة مراحل في مخططهم. ولمن يعتقد أن الأردن تم إخراجه من وعد بلفور، أذكِّره بأن طلب بريطانيا المشار اليه في قرار عصبة الأمم بوقف أو تأجيل الاستيطان في شرق الاردن جاء بعد اقناع الانجليز للمنظمة الصهيونية بضرورة قيام الامارة كمتطلب لانجاح المشروع الصهيوني في فلسطين على مراحل وبان الاردن سيبقى وديعة أسيرة. فلا بالنص ولا بالتصريحات تم فصل الأراضي الأردنية عن الفلسطينية وهذا وحده يكفي.

وبناء على ذلك وعلى حصول اللقاء، فقد تمنيت قبل الحديث أن يوجه لمضيفه سؤالين استفهاميين للتأثير في أسس الحديث. الأول، هو هل أمريكا شريك أم وسيط. والثاني، هل المراد للحديث أن يكون مستندا على القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن والشرعية الدولية عموماً أم على القوة وإنكار الحقوق وبالتالي امتداد الصراع لخارج فلسطين بكل تداعيات؟
نعم هناك شبه إجماع دولي على أن الملك برع بحنكته وصبره واستطاع رغم محاولات الرئيس التاجر توريطه بالكلام والإحراج أن يوصل رسالته برفض التهجير بطريقة غير استفزازية إلّا أنه أخفق في التعبير عن رفضه للتهجير من حيث المبدأ كجريمة تطهير عرقي لا تقبل النقاش ولا تجوز مناقشتها مع طارحها. وحدث هذا الخلل عندما أضاف الملك لموقفه عزمه على نقاش الأمر مع الأشقاء للوصول لحل يرضي الجميع. فالنقاش باللامعقول ينطوي على قبوله من حيث المبدأ.
أما وقد لبى الملك دعوة ترامب على خلفيات يصعب عليه تجاوزها وهماً وأهمها تأمين استمرار المعونات الأمريكية فلا أراني معتقداً بأنه غافل عن تذكير ترامب بأن الأردن قدم وما زال يُقدم بالمجان لأمريكا و”إسرائيل” ما لا يُمكن تثمينه بالمال وليس بمجرد مليار أو مليارات من الدولارات. ولا أراه ينسى القول لترامب بأن عليه العودة للشعب لأن المسألة مسألة وطن سواء في فلسطين أو الأردن. إلّا إذا كان معتقداً ً من أن الشعب تأقلم مع اللا مواطنة ورجال النظام قطعان من الوصوليين المنافقين المثقفين على النفاق. وغاب عنه بأن مَلكاً خلفه شعب يسنده عصي على الابتزاز. ولكن الأهم أنه كملك في هذه الظروف لم يعد بحاجة لطابور النفاق, بل بحاجة لتغيير اللعبة “وسيستمها” في الداخل
الظروف التي جاءت بها التصريحات الأمريكية وضجيجها فيها ما يوحي بأنها غطاء على ما يجري في الضفة وهذا هو الخطر الأشد على الأردن والقضية. فنظرة الكيان لغزة تكمن دوماً بالتخلص منها ولا نريد للقمة أن يكون هذا هدفها. فكسر ارادة امريكا والكيان في القضاء على المقاومة الغزية يجعل هدف التصريحات هو الإنقلاب السريع على مستحقات النصر الفلسطيني بالغوص سريعاً في أساسيات صفقة القرن.
طروحات ترامب ليست عبثاً. ومن الحكمة أن نأخذها بإطار استراتيجي وربما بلسان الدولة العميقة تمهيداً لتحقيق الأهداف الصعبة او المجنونة المطلوبة. وذلك من خلال إجراءات عقابية تؤدي لتشكل الأساس لتطبيع الأخر على تقبلها. وهذا الأساس يتشكل بمجرد نقاشها. والمطلوب بشأننا من ترامب هو تنفيذ صفقة القرن التي تصفي القضية الفلسطينية سياسيا بضم باقي فلسطين وتهجير شعبها وإخضاع المنطقة العربية كمنطقة نفوذ صهيوني مستباحة. فالأزمة لا تقتصر على الأردن ومصر
وبهذا أذكر الحكام العرب بأن أجدادهم عندما كانوا يفتحون البلدان ويخيرون شعوبها بين الإسلام أو دفع جزية الحماية فيتوجه معظمهم إلى الاسلام إلى أن تقلصت أموال الجزية. عندها أضطر اجدادكم الفاتحين أو بعضهم لرفض اسلام الشعوب من أجل مال الجزية وكان ما كان. أنتم اليوم لا تتدبرون الحكمة من أن حماس ربحت أو كسرت بنهجها إرادة الكيان في كل معاركها السياسية والعسكرية وأنتم خسرتم بنهجكم كل معارككم السياسية والعسكرية مع ذات الكيان.
فلم تتركوا لأنفسكم شيئا من عقيدتكم وشرفكم ورجولتكم وحقوق شعوبكم ومنحتوه للفاتح الصهيو أمريكي راكعين وعاونتموه على إخوانكم من الحكام الرافضين للركوع إلى أن قضوا وجاء اليوم الدور عليكم واحداً تلو الأخر لتعانوا معاناة الفلسطيني وفلسطين. وهنا تحضرني قصة “إذبحوا قاتل الكلب” التراثية. فلا منجي لكم ولأوطانكم ومقدراتكم سوى قراءة الفاتحة على ماضيكم والوقوف معاً ضد تصفية القضية الفلسطينية.
انتم لستم ضعفاء بل استُضعفتم لعمالتكم. إجعلوا من قمتكم القادمة نقطة تحول تاريخية بأجندة كيف تحررون أنفسكم بمواجهة طغيان أمريكا وكابوس ابتزازها وتحقيق أمنكم الجماعي وطنياً وقوميا وتجريم الإستفراد بقطر عربي لتنهضوا.أنتم تمتلكون كل الوسائل لتحقيق هذا بإقامه الكتلة العربية الحرجة القادرة بطريقة الاعتماد على تكامليتكم وبناء تحالفاتكم مع الغير على قاعدة تبادل المصالح الوازن وتكافؤ العلاقة. فوسيلة الضغط الأمريكية هي فرض العقوبات وهذا السلاح لا يجدي مع التكتلات كالمجموعة العربية عندما تكون ممأسسة ومترابطة باتفاقيات دفاع مشترك ملزمة أقلها اقتصادية وسياسية بل إن لعبة الضغوطات والعقوبات هي لعبة العرب بما حباهم الله به ومن العار والإستحمار أن تُستخدم ضدهم.
*كاتب اردني

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

لا زالت الحرائق مشتعلة في المنطقة!!

  د. ادريس هاني* لا زال الحريق يلتهم المنطقة، وسيجد الرأي العام نفسه في حيرة …