الجمعة , أبريل 18 2025
الرئيسية / اراء / لا زالت الحرائق مشتعلة في المنطقة!!

لا زالت الحرائق مشتعلة في المنطقة!!

 

د. ادريس هاني*
لا زال الحريق يلتهم المنطقة، وسيجد الرأي العام نفسه في حيرة من أمره لا مخرج منها سوى بتحويلها إلى يقينيات مريحة. وهذا ما يحدث بالفعل حين يستفرد الإعلام بالرأي العام ، الإعلام الشريك في جريمة الإبادة والمتاجرة في وعي البشر. وحينئذ يلعب الجهل والخفّة والاستخفاف في مقاربة ما يجب أخذه بعين الاعتبار.
في غزّ..ة يتحلّل الاحتلال من التزاماته، ويصعد العنف ضدّ شعب أعزل في شهر فضيل، يتجاوز كل الأعراف لينتهك قواعد التفاوض ويعلن الحرب على شعب في حالة صيام. لم يعد خطاب الاستنكار المنطقي والأخلاقي ذو أهمية بعد كل هذا الانتهاك للأعراف الدولية، فالاحتلال لن يستسلم للمفاوضات التي يعتبرها استراحة مقاتل، وهو في تلك الأثناء كان يخطط لاستئناف حرب الإبادة. لماذا نلوم احتلالا ليس أمامه خيار سوى التمسك بجريمة حرب؟
ثمة ما لم تفهمه أقطار المنطقة، حالة الضعف بادية، مع أنهم يدركون أنّ نجاح مخطط إمبريالي في مكان ما هو محفّز لاستكمال المشوار. لا أحد سينجو من استحقاقات المرحلة. وفي حساب الإمبريالية لا يوجد رابح-رابح. حتى الآن لا نستطيع الحديث عن هزيمة ضدّ المقاومة، ذلك إن أدركنا ما أدركه سان تزو من أنّ الأهم في الحرب ليس إلحاق الهزيمة بالعدو بل المطلوب هو إخضاعه. وليس شيئا من هذا تحقق. فلقد كانت المفاوضات مؤشّرا على عجز في فرض الشروط، لكن في الوقت نفسه كان ذلك خدعة لإخراج المقاومين من تحت الأرض.
وفي سوريا التي تمّ تسليمها للإرهاب في أسوأ إخراج مسرحي، يتأكد يوما بعد يوما لمرضى عمى الألوان أن الشعب غير معني بمصيره، هناك إعادة تشكيل هوية بلد على أساس: التشدد في كل شيء إلا في السيادة. اكتساح لكل القطاعات بما فيها الفنّي، حيث تمّ تسليم مهمة تسيير لجنة دراما لرجل تونسي وضعته الهيئة في استخفاف بكل الأطر والنجوم الفنية المحلية، حيث تحدث عن ارتفاع كبير في موضوع الرقابة. سنشهد انتكاسة للدراما السورية في القادم من الأيام، ولكن الإرهاب الفني سيجد في لدراما السوريا جسرا لتحريف القيم وحقائق التاريخ. لقد أقصوا كل خريجي كلية الفنون الجميلة ونجوم الدراما التي شكلت مثالا فارقا في المشهد العربي. وسيجدون من المنتجين الكيديين من سيقدم كل الدعم لمحتوى فني تورابورائي قادم.

وفي مستوى آخر من المفارقة السياسية، يفتعل الإرهاب في سوريا لعبة تصدير الأزمة، والتحرش بالبقاع، وثمة من لا يستبعد هجوما كاسحا للكيان على البقاء من الأراضي السورية. ثمة مخطط للحصار يلعب فيه عملاء الاحتلال دورا كبيرا سينكشف أكثر في الأيام القادمة. هناك ثأر قديم لدى الإرهاب من المقاومة التي حاصرتهم منذ عشرية كاملة، وها هو يتقدم ليكمل ما كان ابتدأه يوم تحرش بها فانبرت له. وسيكون الإرهاب مخطئا إن كان سيستغل وضعية المقاومة بالجنوب، لأنّ تكرار التجربة ستمنح المقاومة هذه المرة شرعية أكبر لقطع دابر فلول الإرهاب. لم يعد يكفي من الوقت لإخفاء المخطط، قريبا ستنفرز الجبهات، وسيصطف الإرهاب الجبان إلى جانب الاحتلال بوقاحة أكبر.
لقد قام الإرهاب بالتخفيف عن الاحتلال بافتعال جريمة نكراء بالساحل، وها هو الاحتلال يقوم بجرائم حرب جديدة للتخفيف عن الإرهاب استحقاقات ما كان فعل، في تكامل أدوار ترعاها وسائط غير واعية بمصير اللعب بالنّار في منطقة مفرطة الحساسية، حيث اتساع الإحتراق سيشمل حتى المحاور التي ساهمت وساعدت على تمكين الإرهاب من بلد يدرك الجميع أنّه بيع في سوق النخاسة الدولي، بيع فضولي. فلعنة تدمير سوريا ستصيب القوى التي أشرفت على هذا المخطط، حيث لا شيء حُسم حتى الآن.
ويبقى المؤكد هنا هو بؤس ازدواجية المواقف التي دمغت المواقف والسياسات العربية، عدم الاكتراث لمواجع كثيرة في بيدائنا العربية، السكوت عن جرائم الإرهاب في سوريا وفي مناطق عديدة، وجعل القضية عضين.
ويبدو أنّ عصر التّفاهة مصرّ على المضيّ إلى أقصاه، وستشهد الدراما العربية تصالحا فائقا مع سقط متاع تاريخ من الجريمة. ففي منعطف تتوق فيه الأمم للعدالة الاجتماعية والسلام، تنحت الفنون القبيحة وجه الأموية التي ازدهرت في زمانها فتوح “الخراج” وخراب الضمير. معاوية الذي بات يتسكّع في الشهر الفضيل من عرعر إلى كليطو، ماذا في وسعه أن يقدم لوعي شعوب أنهكها الاستعباد. نعم، ثمة ما يوجب قدرا من الإنصاف، وهو أنّ الأوليغارشيا الأموية وجدت لها نفوذا كبيرا وجيشا عرمرم من الأقنان. كل هذا يؤكد أنّ الاستخفاف بالوعي العربي يتمادى يوما بعد يوم. الرّدة إلى عصور الظلام..
*كاتب ومفكر مغربي

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

لماذا لم تُتقل المحادثات الإيرانية الأمريكية إلى روما؟

نجاح محمد علي* في أعقاب محادثات غير مباشرة نادرة بين مسؤولين إيرانيين وأمريكيين بوساطة عُمانية …