الإثنين , مارس 31 2025
الرئيسية / اراء / القضية الفلسطينية وسيناريو التصفية..!

القضية الفلسطينية وسيناريو التصفية..!

د. محمد بكر*
في مشهدٍ لم يكن عادياً ولم تتناقل مثله وسائل الإعلام من قبل، كان لافتاً الأصوات الشعبية من بيت لاهيا ضد حركة حماس، التي أطلقها العشرات من أبناء القطاع مطالبين بخروج الحركة وذهب البعض لأبعد من ذلك عندما وصفوها ” بالإرهابية ” .
هنا يتداخل المشهد كثيراً وتتشابك فيه جملة من العوامل والظروف والحيثيات اقلها ما بات يشعر به الشعب الغزاوي الذي تعرض لصنوف واسعة من التدمير والقتل الممنهج فاق توصيف الإبادة الجماعية على مدى خمسة عشر شهراً وبات الطلب الأوحد للجمهور بكليته وغالبيته هو وقف الحرب ودخول المساعدات الإنسانية ناهيك عن غياب تام للإرادة العربية الفاعلة وكذلك الإرادة الدولية في الضغط على الإسرائيلي خلال شهور الحرب .
كان لافتاً منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار والبدء بتطبيق المرحلة الأولى، التفاف القاعدة الشعبية بنسبة كبيرة حول الفصائل الفلسطينية وتكريس صورة الدعم والاحتضان والتفاعل الشعبي مع كافة الفصائل وتحديدا حماس، لكن تجدد الحرب والغارات الإسرائيلية على القطاع كان ربما العامل الأساس في قتل الأمل لدى القاعدة الشعبية في غزة التي استبشرت خيراً من الاتفاق في انهاء معاناتها التي تفوق الوصف، فكان التظاهر وإطلاق الهتافات سبيلاً وردة فعل طبيعية عند البعض الذي سئم مشاهد القتل والخراب وانعدام الحياة .
* الأميركي وتجدد الحرب :
تجدد الغارات والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يأت في سياق نقطتين رئيستين :
* تخريب قنوات الاتصال السياسي بين الولايات المتحدة وحماس المرتبط أساساً بخطاب سياسي اميركي لا يوغل فيه ترامب في الحدة والشدة الذي سمعه زيلينسكي ولم يسمع مثله نتنياهو على قاعدة “انت ديكتاتور ودمّرت شعبك ” .
* خلط الأوراق في محاولة لإثبات الذات الإسرائيلية التي جلدتها تقارير استخباراتية إسرائيلية وحمّلت نتنياهو مسؤولية الفشل السياسي والميداني بعد 7 أكتوبر .
الموقف العربي والفجوة الكبيرة مع حماس والإسرائيلي
شكل موقف قمة فلسطين التي انعقدت في مصر محطة لإبراز موقف عربي ضد التهجير ولدعم إعادة الإعمار مع التأكيد على سلطة ادارية تقنية تدير القطاع تعمل تحت إشراف السلطة الفلسطينية، ما يعني بالضرورة تصادماً أوله مع حركة حماس والفصائل التي قاتلت وصمدت خلال شهور الحرب ثم وجدت نفسها خارج إطار السلطة التي ستدير القطاع ، وكذلك تصادماً مع الإسرائيلي نفسه الذي طرح وزير حربه كاتس سيناريو وضع القطاع بعد اخلائه تحت سلطة تتبع لوزارة الحرب الإسرائيلية.
هنا قد تكون المبادرة الفلسطينية التي طرحتها القاهرة ووافقت عليها حماس بإطلاق دفعة من الرهائن مقابل البدء بالمرحلة الثانية من الاتفاق ، ربما محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من انهيار دائم للاتفاق برمته .
هل استسلام حماس هو الحل :
من الصعوبة بمكان طرح فكرة استسلام حماس كعامل أساسي لوقف الحرب وذلك أن الحركة وفي التحليل الميداني اثبتت أن قدراتها القتالية لم تصل لمستوى التهالك والمحدودية وأن مستوى القتال المعنوي والمادي مازال في معدلات جيدة ولاسيما أن الحركة موجودة بعد كل شهور الحرب ، وقد فتح معها ترامب قنوات اتصال سياسي ما يدلل على قوة الحركة فواشنطن وتحديدا ترامب لا يمكن أن يفاوض الضعيف .
وثانيا في العمق، وفي أصل السردية والثقافة الصهيونية فلا يمكن أن تكون فكرة اقتلاع حماس هي وحدها الحاضرة والأخيرة في عقل نتنياهو، فما بعد غزة لا يمكن للعقلية والذهنية الاسرائيلية أن تقف عند حدود غزة ، ولعل كلمة نتنياهو المتلفزة في 25.10.2025 اي بعد حوالي أسبوعين فقط على هجوم السابع من أكتوبر ، وحديثه أنهم سيحققون نبوءة اشعياء في غزة وأن الإسرائيليين هم ابناء النور والفلسطينيين هم ابناء الظلام بالإضافة لتذكيره بما فعله عماليق وضرورة مقاتلتهم ، وعماليق في الثقافة الصهيونية وفي سفر صموئيل الاول هم العرب وهم ذروة الشر الجسدي والروحي بحسب العقيدة الصهيونية ، كل ذلك يؤكد أن نهاية القصة والحرب في غزة لن تكون نهاية الملف عند الإسرائيلي بل بداية لحرب جديدة .
كل المؤشرات تدلل بشدة على أن القضية الفلسطينية اليوم هي في مراحل حرجة جدا من تاريخها ، وفي محطة هي الأخطر على مدى سنوات الاشتباك السياسي والميداني مع إسرائيل ، ولاسيما بعد تطورات كبيرة حدثت خلال الفترة الماضية ، وجه فيها الإسرائيلي ضربة قوية لحزب الله ، وفي مشهد يبدو فيه الإيراني منكفئاً ولاسيما بعد سقوط نظام الأسد وتفضيل طهران الانكفاء كثمن سياسي لعدم انتقال النار لأراضيها ، كل ذلك يترك الفلسطينيين وحيدين في معركة هي الاقسى والأشد ، لكن كما يُقال أنه من باطن الشر يُولد الخير ، فثمة اوراق قوة وتعويل ، أولها الانتماء الفلسطيني والادراك المتقدم لتبعات وأبعاد الصراع ، وربما مفاجآت وصراعات في جغرافيات ٱخرى في المنطقة قد تقلب الميزان وتكرس صورة مختلفة كلياً.
*كاتب وإعلامي فلسطيني

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

ولعيدنا خصوصيات وحكايات!!

حمدي دوبلة* مشهد المواطن اليمني صلاح مجاهد الذي صار خلال الايام القليلة الماضية حديث رواد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *