السبت , أبريل 12 2025
الرئيسية / أخبار / تحليل..لماذا أصبح العدوان على ايران في حكم المؤكد؟ هل ينتصر المارقون في الجغرافيا أم أصحاب الأرض والتاريخ؟

تحليل..لماذا أصبح العدوان على ايران في حكم المؤكد؟ هل ينتصر المارقون في الجغرافيا أم أصحاب الأرض والتاريخ؟

خالد شحام*
لقد بات من المؤكد بأن الحقبة السياسية المعاصرة التي تعيشها البشرية تحمل اسم حقبة اللاقانون واللاإنسانية واللاشرعية ، لقد عدنا إلى وحشية القرون الوسطى حيث يمكن للقوي فعلُ ما يشاء دون رادعٍ أو وازع ، الفارق الوحيد بين الوحشيتين هو أن الحديثة تتمع بالإشهار على مرأى ومسمع الجميع وتتحدى أحدا أن يرد ، فلنعزي أنفسنا بالرحمة والمرؤة والإنسانية والرجولة والشهامة والكرامة ، لقد أصبحت قيمة ما يسمى بالأمم المتحدة والشرعية الدولية = صفر ، قيمة ما يسمى القوى العظمى = صفر ، قيمة الكتلة العربية حكوماتٍ وشعوب = صفر ، القانون الوحيد الذي يحكم عالم اليوم هو قانون الغاب والبقاء للأقوى والأشد إجراما وفتكا ، الحاكم الحقيقي فوق المنطقة العربية هو الإف 35 ، وهذه هي التي تثبت أو تزيل الأنظمة أو ترهب أو تتحكم بمسار الانتخابات وتقرر نوع وحجم السجن الذي تعيشه أية فئات أو شعوب ، إنها قطعة المعدن التي تحوم في سماء العرب والعالم وتُملي وتفرض الايقاعات الصهيونية على كل المنطقة ، وإلى أن يتم إسقاطها واسقاط الهيبة الأمريكية معها فسنبقى جميعا في قيد الاستعباد .
لم يعد هنالك من شك بأن البشرية تدخل عشرية سوداء كما ذكرنا في مرة سابقة بفضل حفنةٍ من المجانين الأثرياء عديمي الدين والضمير والإنسانية ، حفنة من القتلة الماجنة تمتلك كل مقومات التدمير والثروة والنفوذ التي وضعت العالم نُصب أعينها وتعيث في الأرض فسادا ، هذه هي جماعة النظام العالمي الجديد الذي نتلمس معالمه ، ينوب عنهم المجرم ترامب والعصابة المحيطة به والمجرم نتانياهو والفريق المحيط به وفريق غربي وآخر عربي ، وإذا ظن أحدكم بأنهم اذا انتهوا من غزة أو اليمن أو ايران أو أوكرانيا أو هنا أو هناك فإن الأرض سيعمها السلام والوئام ، فهو مخطىء .
إن الهولوكوست الذي يجري في غزة هو البرهان الحي على كل ما سبق ، هذه المحرقة الحية لا تعتدي فقط على الفطرة الآدمية التي أوزعها الله في خلايا كل كائن بشري بل هي تعتدي على كل تفصيل في حياتنا من طعامنا وشرابنا وسلوكنا وتفاصيل أيامنا وتضع كل ما لدينا من عمرٍ ووقت ومالٍ ومعاشٍ على المحك والسؤال الوجودي الحرج ، كلنا أصبحنا مدانين ورهن الاعتقال لتلك العصابة ، ومن يشعر بأن الحياة طبيعية وتمتع بعبادات رمضان وعيد الفطر فقد خرج من ملة العرب والمسلمين ، وإذا كنت تشعر بأن المحرقة في غزة تلسع جلدك وتؤلم قلبك كما مثلها الضربات على لبنان واليمن وسوريا فاعلم بأنك على قيد الحياة ، لقد أصبحت هذه الحرب وجودية ، إما نحن أو هم ، إنها حرب الإبادة المفتوحة على كل العرب ولن يسلم منها أحد ولا شيء ، وسلام عليك يا غزة البطولة وسلام على الصابرين .
في ظل ضخِ دفعةٍ جديدة من الدماء في عروق العدوان الصهيوني بوصول المنقذ ، نرى شراسةً وتوسعا أكبر وشهيةً أعلى في مزيد من الدماء والأرض العربية ، وحذار لأحدكم بأن يتم جَره إلى فكرة بأن سلوك نتانياهو أو عصابته هو سلوك شخصي وتمسك سياسي بالائتلاف الحاكم وقضايا تمسك بالحكم ، إن الخطة الكبرى للشرق الأوسط الاسرائيلي ماضيةٌ في طريقها يتقدمها بلدوزر ترامب والذي استعادت به زخمها من جديد ، عنوانها الأكبر القادم الذي يمثل ضربة المعلم هو العدوان على ايران والذي يتوقع من خلاله أن يتم إشهار الإعلان بالهيمنة المطلقة لهذا الكيان على المنطقة ، ما هي المؤشرات والمنطلقات النظرية التي تكاد تجزم وقوع هذا الاعتداء ضمن شهر وربما شهرين ؟
1-لقد تبين الان أن حضور المجرم ترامب إلى سدة الرئاسة ورفعه شعار (لا حروب ) كان كذبة كبيرة وخدعة ظرفية لتمرير الانهيارات الاسرائيلية ومنحها فرصة التقاط الأنفاس ، هذا الذي يدعي رئاسة أكبر قوة عالمية لم يمتلك ذرة واحدة من الإنسانية أو الرحمة ليقول كلمة واحدة بحق الفلسطيني الذي يتم حرقه في عيادة طبية أو فريق الإسعاف الذي تم قتله ودفنه مكبلا ، وأفضل ما يتباهى به هي لائحة رسوم جمركية ، إن الهجمة العدوانية الوحشية على غزة التي تجري الان ويتم فيها حرق المحروق وقصف المقصوف ليست إلا محاولة يائسة لاستعادة عزيمة جيش مهزوم وتمرير سياسات خرقاء يطلع بها النظام العالمي الذي تلقى الضربة في 7 أكتوبر ومُني بهزيمة فائضة عن تحمله ، الاستعانة بساعير و زمهرير وكاتسير ورفع نسب القتل والقصف والاحتلال لن يغير من المعادلة شيئا ولن يضع المقاومة في موضع إنزلاق نحو الاستسلام والرضوخ ، ومن المهم الانتباه بأن مجريات الاعتداءات الواسعة في غزة واليمن ولبنان وسوريا ومهما كانت غاياتها وخططها إلا أنها في جزء منها تمثل إلهاءات واستقطاب نظر في ظل التحضيرات العسكرية الجارية للعدوان على ايران وحشد القطع البحرية والجوية .
2-لقد وصل التحالف الصهيوني إلى قناعة كبيرة بأن ايران في أضعف حالاتها بعد تعرضها للقصف واغتيال ابراهيم رئيسي ومحاصرة حزب الله وتحجيمه بالضربات القاتلة ، وسقوط سوريا وسحبها من اليد الايرانية ، وفتح الجبهة على اليمن وارهاق المقاومة الفلسطينية واستنزاف كوادرها وقواها ، والأهم من ذلك هو تتويج المعركة الإعلامية والشحن ضد ايران بالوصول إلى حالة نضج في ذهنية العالم بضرورة تحييد ايران كونها تمثل ( مصدر القلاقل وعدم الاستقرار في المنطقة ) ، يضاف إلى ذلك وعود عربية بالدخول من واسع بوابة التطبيع بعد الاطاحة بالنظام الايراني .
3-يدرك حلف الاستكبار الشيطاني بأن العبث بالمنظومة الدولية والحالة المؤسساتية لبروتوكولات الحرب والسلم في العالم والاعتداء هنا وهناك دون أن يسأل أحد أين تذهبون أو ماذا تفعلون هو مسألة مؤقتة قبل أن فلتان العالم أو أن تبدأ الدول بالتململ وتشكل أحلافا مضادة لهذا التوجه الفوضوي الذي سوف يستفز كل المنظومات والاحلاف الظاهرة والخفية ، أن مسألة توجيه ضربة قاضية لإيران تستوجب استغلال هذه الظرفية السياسية العالمية من الضعف وفتور ردود الفعل ، وضعف وجود التكتلات المضادة .
ad
4-إن المستهدف الحقيقي في ايران ليس المشروع النووي لأسباب لا يتسع المجال لذكرها ، المستهدف الحقيقي هو الفكرة ، فكرة الثورة الاسلامية التي تشكل خطرا بعيد المدى على الحلف الصهيوني الأصلي والفرعي في المنطقة والعالم ، وتراكم الشعور بأنه أن أوان ايقاف هذا المشروع الذي ألهم وأثمر في نتائجه جيدا في غزة واليمن ولبنان وسوريا والعراق ولا يمكن السماح له بالوصول إلى نقطة التهديد الوجودي للمستعمرة الأمريكية ، وإذا تولدت عن هذه الفكرة أنظمة صاروخية أو أسلحة نووية فحياة وبقاء هذا الكيان وحلفه هو شيء غير مؤكد.
5-إن قرار توجيه ضربة عدوانية على ايران لم يكن ليكون لولا وجود أسماء وشخصيات محددة تتمتع بمعاملات عالية من الانحلال والجهل السياسي والاندفاع التوراتي الأعمى ومتواجدة في مساحة واسعة من النفوذ السياسي المالي الممتد شرقا وغربا ، إن ثنائية الإسم ترامب -نتانياهو تمثل معلما أساسيا هنا ، طبيعة تشكيلة الوجوه والاسماء المتزمتة التي تم ايصالها لمواضع السلطة والنفوذ في هذه المرحلة ليست قابلة للحدوث دوما ، ترامب بوصفه الأخطر على العالم بمعية نماذج صهيونية اجرامية مثل نتانياهو وباقي العصابة لا يمكن أن يكتب لها النجاح في دورات قادمة لأن العالم والشعوب تعلم الدرس جيدا ، إن توقيع وتنفيذ الضربة القاضية لايران لم يكن ليتم لولا تجميعة هذه الشخصيات الإجرامية العدوانية ذات النوايا الصهيونية العدوانية شديدة الاجرام وعديمة الضمير .
6-نحن أمام مشهد عالمي غير مسبوق في تقلب الاتفاقيات والانقلاب على العهود ، إنها الخاصية التاريخية لأخلاقيات اليهود تطفح الان بهيئة نهج سياسي متبدل وحاد الانقلابات بما يتناسب مع غايات الخديعة والتمرير المؤقت لاستراتيجيات ثم الانقلاب عليها ونقض الاتفاقيات لتأكيد نهج البلطجة العالمية التي يقوم بها الفريق الذي يحكم العالم ، ما حصل في اتفاقية غزة كنموذج مصغر وأوكرانيا ضمن نطاق أكبر ومع لوحة الاضافات الجمركية الترامبية ضد كل حلفاء الولايات المتحدة التقليديين يؤكد هذه الحقيقة ، يدفع مثل هذا القول إلى الافتراض بقوة بأن كل معاهدات السلام العربية -الاسرائيلية القديمة والجديدة لم تعد تنفع أصحابها وتحمي عروشهم خاصة مع مشاهدتنا لمظاهر إهانة الحكام العرب والحلفاء منهم ، ومن هنا يمكن للقيادة في ايران بأن تدرك بأن أي نوع من التوافقات والمعاهدات مع هذه العصابة هي مجرد ذر رماد في العيون قبل الانتقال لمنهجية الايذاء والاعتداء والابادة .
حيال هذه النقاط والنتائج المترتبة عليها دعونا نذهب إلى أبعد من ذلك لنرى نتائج هذا العدوان :
1-لقد فشل الحلف الصهيو-أمريكي الإرهابي في الإطاحة بالمقاومة في غزة على مدى سنة ونصف من عدوان لم يشهد له التاريخ مثيلا وبدعم وغطاء عربي-عربي غير مسبوق ، السؤال الذي يأتي من رحم هذه الحقيقة هو : هل يمكن لعدوان أمريكي -صهيوني أن يطيح بإيران كأكبر قوة اقليمية في المنطقة والتي تمكن النظام فيها من الصمود ضد المؤامرات والالاعيب والعقوبات منذ ما يزيد عن أربعين سنة ؟ وهل الحجم العسكري لهذا العدوان مؤهل فعلا للتعامل مع ايران الشعب والنظام واضخم منظومة صاروخية ؟
2-إلى أين سيذهب ترامب بهذا العالم إذا أقدم على ارتكاب جريمة العدوان على ايران ؟ ما هو مصير خطوط امدادات النفط والطاقة اذا أغلقت ايران مضيق هرمز وتسببت في تعطيل وقصف آبار النفط التي تحرسها القواعد الأمريكية في الخليج ؟ كم سيصبح سعر برميل النفط وما مصير عقود البيع الآجلة والبورصات وعقود التصنيع العالمية القائمة على هذه العقود ؟ ماذا سيحدث لسعر صرف العملات والدولار بالتحديد إذا تم تهديد اقتصاد البترودولار أو ايقافه بحفنة من الصواريخ الايرانية بعيدة المدى ؟
3- هل يمكن للكيان الصهيوني أن يتحمل الضربات الصاروخية الثقيلة في يافا المحتلة وقواعده في النقب ؟ هل يمكن لالاف الصهاينة أن يستمروا في تحمل شهور اضافية من الضغط والاجهاد والبقاء وسط الاضطرابات والتهديد وانعدام الامن ؟
4-عندما تهدد ايران بضرب قواعد (دييجو جارسيا ) الأمريكية -الإنجليزية القابعة في جزيرة وسط المحيط الهندي وتبعد مسافات شاسعة عن ايران ، فهذه الإيماءة تعني بأن جعبة ايران تحمل أكثر مما تعلن وتمتلك صواريخ استراتيحية بعيدة المدى لها اليد الطولى بما يتجاوز مسافة 2500 كيلومتر المعلنة لإحداث الضرر في الهيبة الاستعمارية الأمريكية -البريطانية ، وربما تتمدد المفاجأت لتعلن ايران في اللحظة الحاسمة بأنها قادرة على توجيه رأس نووي يغير كامل المعادلة .
5-اذا كانت الأنظمة العربية المؤيدة والمهللة لضرب ايران فرحة بهذا الحدث فعليها عقب ذلك ان تبكي دمعا وحسرة على ما ستؤول إليه أحوالها ، لأن التفرغ من ايران يعني زوال العائق الوحيد أمام وحشية الاستعمار الجديد لافتراس هذه المنطقة وامتصاص دمائها وامتهان كرامة حكامها وشعوبها مثل الأغنام بلا رحمة ولا شفقة ، إن الصين وروسيا وتركيا معنية جدا بالحيلولة دون هذا العدوان لأنها تمثلا الهدف التالي فورا في القائمة القصيرة.
اذا كان هؤلاء المعتدين يؤمنون بأن الألهة المعدنية التي تحوم في السماء بسرعة تفوق سرعة الصوت لتعربد وتمزمجر فليعلموا بأنها لا تخيف الشعوب صاحبة الحق ، واذا كانوا يظنون بأن الموت والقصف يخيف الشعوب المؤمنة المجاهدة فلينظروا إلى رباط اليمن وصمود غزة وليعلموا بأن كل شعوب العرب تنتظر لحظة الخلاص من هذا السجن الكبير.
إن الهزيمة الماحقة هي المصير المؤكد لحلف الشيطان مهما تعاظمت التضحيات وبلغت محرقتهم مبالغها ، ولينصرن الله من ينصره .
*كاتب فلسطيني

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

امام منظمة التجارة العالمية..الصين تقاضي أمريكا بسبب الرسوم الجمركية

اليمن الحر الاخباري/متابعات أعلنت وزارة التجارة الصينية، ، إقامة دعوى قضائية ضد الولايات المتحدة أمام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *