د. حسناء نصر الحسين*
شكلت عملية شبكة العنكبوت التي شنتها القوات الأمنية الأوكرانية حدثاً بالغ الأهمية في مسار الصراع الروسي الغربي ، بما حملته من رسائل مؤلمة أصابت أحد أهم أركان الاستراتيجية العسكرية النووية المتمثلة بالثالوث النووي وما سبق هذه العملية من استهداف القطارات وما نتج عنها من أضرار وخسائر مادية وبشرية .
لتأتي هذه العملية قبل عدة ساعات من الجولة الثانية من مفاوضات اسطنبول والتي كانت من المفترض أن تفضي لنتائج ترغب بها كل من واشنطن وكييف وبينما ترى موسكو بأنها لا تحقق مطالبها.
ad
من هنا أتت عملية شبكة العنكبوت والتي سبقت مفاوضات اسطنبول بكل ما تركته من أثر على عدة مستويات اهمها المستوى الاستخباراتي والعسكري لتشكل ورقة ضغط كبرى من قبل كييف ومن خلفها الناتو ، وأعتقد أن عملية كهذه تخطت كل الخطوط الحمراء الروسية لا يمكن أن تمر دون موافقة الجانب الامريكي الذي صرح قبل أيام قليلة من هذا الاستهداف بأن بوتين يلعب بالنار متهماً اياه بالجنون.
من هنا أرى أن هناك دوراً أمريكيا ً داعماً للغرب في تنفيذ هذه العملية، بهدف اخضاع موسكو واجبار حاكم الكرملين على الجلوس على طاولة مفاوضات الغرب الجماعي دون أن يكون يتمتع بفائض القوة التي كان يتمتع فيها قبل عملية شبكة العنكبوت وفي هذا حاجة امريكية كون تحقيق عملية السلام بين أوكرانيا وروسيا شكلت احد اهم وعود الرئيس ترامب خلال حملته الانتخابية ، والرجل يسابق الزمن لتحقيق مروحة كبيرة من الانجازات ذات الأثر الدولي في اقصر مدة زمنية ، ناهيك عن رغبته في المضي قدما ً باتفاقية استخراج المعادن من أوكرانيا بما ستحققه هذه الاتفاقية من عائد اقتصادي ضخم يسهم في إعادة التوازن للميزانية الأمريكية بكل ما تحمله من أعباء اقتصادية ومديونية .
اما بالنسبة لأهداف الدول الاوربية فهي ترى في هذه العملية خلطاً للأوراق وتسهم في منع موسكو من التمسك بشروطها لإيقاف الحرب ومنع الجيش الروسي من إكمال العملية التي اعلن عنها بوتين المتمثلة بالمنطقة العازلة لتبقى أوكرانيا أرض النزاعات بين الكبار والشعب الاوكراني هو من يدفع ثمن هذا الصراع .
من المؤكد أن عملية شبكة العنكبوت تركت أثراً كبيراً لناحية طبيعة الأهداف التي استهدفتها وأهمها الثالوث النووي وما رافقها من حرب اعلامية ضخمة هدفت النيل من سمعة روسيا على المستوى الدولي والتأثير في نفسية الشارع الروسي الذي أبدى التفافاً حول قيادته منذ بدء العملية العسكرية الخاصة كما يطلق عليها الجانب الروسي، كما كان من أهدافها التأثير على الاقتصاد الروسي الذي صمد رغم كل العقوبات المفروضة من أمريكا والغرب .
لكن هذه العملية الأمريكية الغربية فشلت في تحقيق أهدافها المتمثلة باخضاع موسكو للمطالب الأمريكية الغربية من خلال مفاوضات اسطنبول وأعتقد من خلال تصريح الرئيس بوتين لا تفاوض مع الإرهابيين، بأنه قد أغلق باب السلام مع الغرب الجماعي حتى تحقيق الاستسلام فالجيش الروسي يتقدم ويقضم المزيد من المدن والبلدات الاوكرانية والمنطقة العازلة التي طالب بوتين بتأمينها قاب قوسين او أدنى ولن يكون أمام أوكرانيا والغرب الجماعي الا الاستسلام والتسليم لواقع التقسيم كأفضل نتيجة إن لم تكن الحرب العالمية الثالثة وتكون الدول التي دفعت كييف لارتكاب هذه الحماقة قد وقعت في المحظور فالرد الروسي آت وهذا ما أكده الرئيس ترامب الذي اجرى مكالمة هاتفية مع الرئيس بوتين .
*كاتبة وباحثة في العلاقات الدولية – بيروت
