الخميس , ديسمبر 12 2024
الرئيسية / اراء / ثمن الدكتاتورية!

ثمن الدكتاتورية!

د. عبدالله الأشعل*
المواطن العربي مقهور في بلده وفي الخارج ويتمني نظاما ديمقراطيا تلزم الحكومة فيه علي تمكين المواطن من وطنه وتسوده قيم العدل والتكافؤ بين المواطنين جميعا والشفافية وحرية التعبير وسيادة القانون الصحيح .
وعندما قررت الحركة الصهيونية غزو فلسطين فإنها احتاطت لذلك بأمرين: الأول ضمان مساندة الغرب للمشروع/ الثانى هو إقامة الدكتاتورية العربية فضمنت بذلك إفساد جينات المواطن العربى، كما ضمنت العرب من الداخل كالسوس كما عبر نزار قبانى عام 1967 فى قصيدته: هوامش على دفتر النكسة:
مادخل العدو من حدودنا
لكنه تسلل كالنمل من عيوبنا
وطمأنت جولدا مائير عام 1966 الصهاينة بالتأكيد على أن أبناءنا سوف يحكمون العرب لكى يستقبلوا الجيش الإسرائيلى بالورود والهدايا.
هذا التصريح كان مبالغا فيه وقتها ولكن التجربة كشفت عن صحته. ونستطيع أن نحصر أهم خسائر العالم العربى بسبب الدكتاتورية العربية فيما يلى:
أولاً: انكسار المواطن العربى وحقده على العالم العربى أورث شعوره بالدونية إذا هاجر إلى بلد ديمقراطى فيصبح أسيرا بين شاطئين شاطئ بلده الذى يعتبره جحيما طاردا له وشاطئ البلد الديمقراطى الذى يقبله على مضض ولا يسمح بإدماجه فى مجتمعه فيعيش فى أطراف البلد الغريب جغرافيا كما يعيش خارج مجتمع هذا البلد وهذا هو حال الجاليات العربية فى أوروبا التى تنظر إلى الوطن العربى باشفاق وتتمنى أن يصبح الوطن العربى وطنا صالحا لاستقبال ابنائه المغتربين.
ثانياً: هجرة العقول العربية واستثمار الغرب لها لأن مناخ الدكتاتورية طارد للكفاءات وجاذب للفسدة والمعوقين نفسيا وعقليا الذين يتصدرون عربة القيادة ولذلك ليس غريبا أن يتعثر الوطن فى كل شئ.
ثالثاً: خسران الطاقة البشرية الفعالة بسبب الهجرة إلى الخارج أو المطاردة فى الداخل حيث تحفل السجون بالكفاءات الناقمة علي النظام والمخلصة للوطن يضاف إلى ذلك التنكيل بها وعندما يصبح السطحيون الجهله فى المقدمة يقلدهم الشباب وتضيع القدوة الصالحة ولعلنا نلاحظ ذلك فى الفن وكرة القدم وغيرها من جوانب الشهرة والمال .
ما يزعج الحاكم العربى هو الكفاءة والاقتدار والعلم.
رابعاً: تحول ولاء الحاكم العربى إلى من يساند كرسى الحكم حتى لو كان يعمل ضد مصلحة الوطن وبالقطع فإن هذه الحالة تناقض مصالح الوطن التى تصبح ارادته وموارده مرهونة بالخارج كما يتواطأ الحاكم مع الخارج ضد مصالح وطنه مادامت مصالحه وعصابته مضمونه.
خامساً: ضياع موارد الوطن البشرية والطبيعية وانتشار العادات الضارة كالانانية والنفاق وتضيع مصالح الوطن العربى .
سادساً: قتل الابداع والاختراع وانتشار الجهل والخرافات وحرمان البلاد من طاقاتها لصالح الحاكم وانتشار الانانية والنفاق وانصراف الناس عن المصلحة العامة للوطن وتغليب المصالح الشخصية لدى العامة.
سابعاً: فقدان البلاد لاستقلالها وفقدان المواطن لكرامته ويكون هم الحكومة هو كيفية مراقبة المواطن ونهب ثرواته عن طريق المخالفات التى لا تهدف إلى سلامة المواطن وانما إلى استنزاف أمواله بالاضافة إلى الاتاوات فى صورة الضرائب وعندما ترتفع نسبة الضرائب كمصدر من مصادر الدخل القومى تزداد خطورة الوضع الاقتصادى والاجتماعى .
ثامناً: ازدحام الساحة بالجهلاء والمعوقين ذهنيا واغراق الدولة فى الديون وضعف القوة الشرائية للعملة المحلية وهزيمتها أمام العملات الأجنبية.
تاسعاً: اقتران الفساد بالدكتاتورية لأن الفساد أداة ووسيلة لحشد موارد البلاد لسدنة النظام ويصبح الولاء للحاكم وليس الكفاءة هو أساس تقسيم الشعب بين موال ومعارض علما بأن المعارضين يعتبرون خارجين عن الملة والوطنية ويجوز التنكيل بهم وهذا ما حدث فى معظم الدول العربية يضاف إلى ذلك أن الحاكم العربى يزعم بأنه الوطن وأنه الحامى لمصالحه وأن نهب الموارد واستعباد الشعب هو المكافأة مقابل الحماية واليوم يستعبد الشعب العربى ولا يجد الحماية من أى نوع فكأن الحاكم العربى لم يحترم حتى معادلة الأمن مقابل الحرية فى كتاب هوبز المعروف التنين فى القرن السادس عشر .
عاشراً: الاستهانة بالمواطنة رغم التأكيد عليها فى الدساتير وتركيز السلطة والموارد فى يد الحاكم وتدهور مكانة الدولة فى الاقليم والعالم ولا يهم الحكام اندثار الدولة وغرقها مادام كرسى الحكم طافيا فى حالة السيول.
المشكلة الاساسية ليست فى الدكتاتورية وانما تكمن المشكلة فى أن الدكتاتورية تستغل لصالح الحاكم وادارة البلاد وتصبح مصالح النظام اسبق من مصالح الوطن والنتيجة تخلف المنطقة العربية وتلاعب الغرب بمصالحها وتبديد مواردها وضياع استقلالها وانسحاق مواطنيها واستغلال الغرب ونهبه لمواردها وضياع طاقة العلم والشباب وهجرة العقول إلى الغرب .
والطريف أن الدول العربية تتحدث منذ عقود عن نزيف العقول العربية وتسعى فى اليونسكو لاستعادة هذه العقول وعودتها إلى أوطانها بعد أن ساهمت فى نهضة البلاد التى هاجرت إليها كما أن مقتنيات المتاحف والآثار تسرق عن طريق الحكومات الفاسدة فتكونت طبقة من اللصوص حول الحكام على حساب الشعوب.
والطريف أيضاً أن بعض الدول العربية تتلقى معونات وهمية من الغرب رغم أن هذه المعونات هى رشوة ومقابل جزئى لسرقة الموارد .
والخلاصة ان الدكتاتورية العربية اداة الصهيونية لتدمير العالم العربي.
والغريب ان المستبد يعتبر نفسه الحارس للوطن.
*كاتب ودبلوماسي مصري

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

نحو تمزيق الاقليم!

د. هاني الروسان* كما لم يكن اجتياح صدام حسين للكويت عام 1990 وما ترتب عليه …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *