بقلم /سيمون جونسون
في المرحلة التالية من المعركة ضد فيروس «كوفيد 19»، هل يمكننا الاعتماد على اللقاحات وحدها؟ على الرغم من تسارع وتيرة حملات التطعيم في الولايات المتحدة وبعض البلدان الأخرى، إلا أن هذه الحملات لم تبدأ بعد في معظم البلدان.
وفي هذه الأثناء، ظهرت أنواع جديدة من سُلالات فيروس كورونا المُستجد في الولايات المتحدة، والتي تؤثر بشكل ملحوظ على أجزاء أخرى من العالم، وهناك مؤشرات على أن اللقاحات الحالية قد تكون أقل فعالية ضد بعضها.
ولحسن الحظ، يمكننا الاستفادة من تطور مُشجّع آخر حظِي باهتمام أقل نسبياً. في الأماكن التي قامت بإجراء فحوصات طبية مُنتظمة للكشف عن فيروس كورونا المُستجد – في الجامعات والمدارس وأماكن أخرى، حيث يتم إخضاع الجميع للفحوصات الطبية اللازمة مرة واحدة على الأقل في الأسبوع – تُشير بيانات الأشهر الستة الماضية إلى أنه يمكن خفض مُعدلات الإصابة إلى أقل من 0.5 % (شخص واحد مُصاب بالعدوى لكل 200 شخص يقومون بإجراء فحوصات طبية كل أسبوع).
هذا أمر بالغ الأهمية، حيث تعمل العديد من هذه البرامج، وفقاً للإحصاءات الرسمية، في أماكن حيث يكون مُعدل حالات الإصابة التي تم الإبلاغ عنها في المجتمع المُحيط أعلى بكثير – ما يصل إلى 10 % في بعض الحالات (عشرة أشخاص مُصابين بالعدوى لكل 100 شخص خضعوا للاختبار كل أسبوع).
هذا ينطبق بشكل خاص على المدارس العامة في مدينة ووترتاون (ماساتشوستس) ومدينة نيويورك. وحتى في الأماكن التي تشهد ارتفاعاً هائلاً في مُعدلات الإصابة، يمكن الحد من انتقال العدوى في بيئات مثل المدارس.
إذا كان معدل الإصابة المنخفض هذا ممكناً حقاً بشكل عام، وإذا كانت الإجراءات التشغيلية التي تجعل الاختبار المنتظم ممكناً قابلة للتطوير، فيمكننا تشغيل المدارس ومراكز رعاية الأطفال والعديد من أماكن العمل بطريقة أكثر أماناً – أثناء تطبيق اللقاح وحتى بعده.
إن السبب وراء هذا الانخفاض النسبي في مُعدلات الإصابة بالعدوى في الأماكن التي يعيش ويعمل فيها الناس في مناطق مُجاورة واضح للغاية. تُعد تدابير التخفيف المُتخذة فعّالة للغاية – والتي تشمل ارتداء أقنعة الوجه الواقية، والحفاظ على ممارسات التباعد الاجتماعي الآمنة، وضمان التهوية الكافية.
علاوة على ذلك، يُساهم إجراء الفحوصات الطبية اللازمة بشكل مُنتظم في كسر سلسلة انتقال العدوى عن طريق تحديد الأشخاص الذين يحتاجون إلى العزل. وبالمثل، يُساعد الاختبار جميع الأفراد – بمن فيهم المُعلمون وأولياء الأمور والطُلاب والموظفون والإداريون – على إدراك أن تدابير التخفيف قد أثبتت فعّاليتها بالفعل، فهي تُشجع على الالتزام وتُساعد في تحديد نقاط الضعف أو الانقطاع في الدفاعات.
تُعد القدرة على احتواء مُعدلات الإصابة حتى في الأوساط التعليمية إنجازاً رائعاً، ولكن هل يمكن تطبيقها على نطاق واسع؟
لحسن الحظ، قدم الكونغرس قدراً أكبر من التمويل لدعم إعادة فتح المدارس. وقد أعلنت ولاية ماساتشوستس مؤخراً عن مُخطط لتطبيق الدروس المستفادة من قبل المختبرات الرائدة ومقدمي الاختبارات والمدارس، وللمساعدة على إعادة فتح أبوابها، سيتم تقديم الدعم المالي لأي نظام مدرسي يرغب في تنفيذ اختبارات جماعية أسبوعية كجزء من برنامج تخفيف أوسع نطاقاً.
يمكن لأي ولاية في أمريكا اليوم إنشاء نسختها الخاصة أو، كما نقترح، الجمع بين الدروس المُستفادة الناجحة في أجزاء أخرى من البلاد. موقع الخدمة العامة الخاص بنا، «www.covidresponseadvisors.org»، هو محاولة لدعم الابتكارات من هذا النوع.
تعتمد خطة ماساتشوستس على الاختبارات الجماعية، حيث يتم في البداية اختبار عينات بشكل جماعي تصل إلى 25 شخصاً (حسب المختبر). إذا كانت هناك أي نتائج إيجابية، يتم إجراء اختبارات المُتابعة لفك تلك العينات (من أجل معرفة بالضبط من هو المُصاب). يُؤكد الانخفاض الواضح في مُعدلات الإصابة بفيروس «كوفيد 19» في المدارس فعّالية هذه الطريقة.
في حين أنه قد لا يكون من المنطقي تجميع عينات من موقع اختبار في مُجتمع حيث تكون نتائج الاختبار الإيجابية أعلى من 10 %، إلا أنه في مدرسة تشهد معدل إصابات أقل من 0.5 %، يكون الاختبار الجماعي فعّالاً بشكل لا يُصدق. يُعد هذا النهج فعّالاً وقابلاً للتطبيق، وإن كان لا يزال هناك أمل في أن تصبح الاختبارات السريعة الأكثر حساسية مُتاحة على نطاق أوسع في هذا السياق.
يتمثل الهدف الرئيسي الآن في ضمان أن يتمكن كل من يريد المشاركة في مثل هذه البرامج من القيام بذلك. تُعد الفحوصات الطبية حلاً فعّالاً: فقد ساعدت الفرق الرياضية المُحترفة على الاستمرار في اللعب، فضلاً عن إبقاء المدارس مفتوحة حتى في المناطق التي تشهد ارتفاعاً في حالات الإصابة.
يجب توفير بروتوكولات الاختبار المعمول بها للعديد من المدارس والعاملين في مجال رعاية الأطفال – الذين استمروا في أداء واجبهم طوال فترة الوباء، على الرغم من الافتقار إلى الموارد – حيث نتوقع أن تُحدث اللقاحات التغيير في جميع المُجتمعات. نظراً إلى انتشار الأنواع الجديدة والأكثر عدوى في الولايات المتحدة، فإن القدرة على تتبع واحتواء حالات الإصابة في المدارس ستكون أكثر أهمية لإعادة فتح الاستراتيجيات.
في نهاية المطاف، سوف نتغلب على وباء «كوفيد 19». نأمل أن نتمكن من القيام بذلك بسرعة وبتكلفة بشرية أقل. ولكننا بحاجة أيضاً إلى ضمان عدم التخلي عن أي شخص من خلال جهودنا لتحقيق مستقبل أكثر صحة وأماناً للجميع.
وهذا يعني محو الفيروس في جميع البلدان وبين جميع السكان. سيكون القضاء عليه بشكل نهائي بعيد المنال. يُعد الجمع بين التطعيم والاختبار وتدابير التخفيف الأخرى أمراً حاسماً لتحقيق هذا الهدف.
المصدر: أنيت (بيكو) هوسوي