الجمعة , مارس 29 2024
الرئيسية / اراء / هدوء الزئبق

هدوء الزئبق

د/ اسمهان الطاهر
حين تمنحك الحياة مساحة صغيرة لتعيش بها مع من يفرح لفرحك ويحزن لحزنك ويحترم كيانك ويقبلك بمزاياك وعيوبك ويلهمك نحو الإيجابية والتمسك بالأمل ستشعر بهدوء النفس والسلام. في زحمة العمر الهارب منا قد نشعر برغبة قوية بأن نأخذ نفسا عميقا ونهمس على رسلك أيها الحياة احتصنيني لئلا تبعثرني الريح.
أعتدنا عندما نفقد في الحياة حبيباً أن نكتب قصيدة وعندما نفتقد مكاناً نكتب رواية ولكن ماذا نكتب عندما تغتال الأوهام طمأنينة أرواحنا! أي صنف أدبي علينا أن نكتب وهل تجدي الكتابة كأداة ترميم داخلي.
كان البشر يعبرون عن المحبة بكتابة القصيدة الجميلة أو زخرفة الكلمات الطيبة أو رسم ملامح وجه ما نحب ولكن أخشى أن الظروف غيرت الكثير! في ظل الرياح العاتية التي تجتاح مجتمعاتنا ما أسهل تناثر أحرف القصائد وما أسرع تقادم الرسم ومحى الملامح وضياعها.
لقد فقدنا المعنى الحقيقي للكثير من المشاعر ومنظومة القيم الإنسانية باتت تعاني. أحداث كثيرة صعبة متلاحقة وإنتشار الإشاعات والكلام المسموم بات له جمهور غفير ينتظر.
كم من الخيبة والحزن تنتاب قلوبنا كلما تصفحنا مواقع التواصل الاجتماعي. سباق محموم لمشاركة القبيح والسيء من الأخبار. أصبح هناك تجارة وتسويق للمواقع بما يسمى Trend بعبارات قبيحة بذيئة فمثلاً عبارات مثل “سقوط ثوب، حريق مدمر، سرقة ،احتيال، اغتيال” هذا النوع من اللغة أصبح شائع وجاذب أكثر من عبارات كيف تكون إيجابي أو كيف تحقق نجاح أو كيف تكسب محبة من حولك.
للأسف صفحات مصممة للتنافس في نقل الأخبار الفضائحية والاحرف السوقية. صفحات مجندة لحرق الأخضر واليابس دون أدنى أدراك وتفكر بقوله تعالى “يا أيها الذين آمنوا أن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين” صدق الله العظيم.
الخبر السيء سريع الانتشار يتوسع افقيا وعاموديا حتى يتسرب الخوف وعدم الرضى والسخط إلى العديد من البشر.
بتنا نكره استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لأنها مصدر إزعاج وضيق حيث أن البعض لا يدرك ما يفعله تناقل الأخبار المسمومة من ضيق في النفوس وسلبية في التفكير. أن تناقل الأخبار الغريبة العجيبة ووضع الأسماء والمسميات جزافاً له عنوان واحد يليق به هو عبارة أن لم نجد من يقتلنا قتلنا أنفسنا بأيدينا.
جميعنا نحب الوطن ونكره الفساد ويحمل كل منا عبء ومسؤولية قصم ظهر الفساد. لا بأس إذا تركنا النشر في قضايا الفساد حتى تتضح الصورة بالكامل فلا يهمنا كأفراد معرفة أسماء الفاسدين بقدر ما يهمنا اختفاء وجودهم في المناصب العامة وتصويب الوضع وإستعادة مقدرات الوطن وضمان مستوى معيشة لائق للمواطن.
أوقفوا السباق المحموم لتناقل ومشاركة الأخبار السيئة والمسيئة بيقين أو دون علما بصدق الخبر المنقول.
لقد ابتلينا بالفساد ولن يقتله ويقضي عليه إلا تعزيز منظومة القيم الطيبة التي خلقنا بها. وحدها القيم والاخلاق قادرة على جز الفساد من جذوره. علينا أن نعمل وفق قاعدة إذا بُليتم فأستتروا ولنعمل وفق مبدأ الشر يخص والخير سيعم وذلك لنحافظ على تماسك بنية مجتمعنا.
نحب تراب الوطن وهو الكلمة التي لم نختلف عليها ولن تضيع ولن تضل فارواحنا تهتف نحن الوطن.حمى الله الأردن.

من صفحة الكاتبة على افيسبوك

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

ماذا جنينا من السلام مع إسرائيل؟!

المهندس. سليم البطاينة! ذات يوم سُئل الشاعر الفلسطيني (محمود درويش) عن اتفاقيات السلام العربية الاسرائيلية …