حسن الوريث
قال لي زميلي المواطن العزيز.. هل سمعت قرار انشاء اثنين مراكز لمكافحة التسول في أمانة العاصمة .. قلت له يا زميلي العزيز.. تمخض الجبل فولد فارا.. اللجنة الحكومية هذا جهدها ولا يمكن نطلب منها فوق طاقتها وقدرتها واستيعابها لمتطلبات الناس وهمومهم.
قال لي زميلي المواطن العزيز.. ما الذي لم يعجبك في قرار اللجنة الحكومية لمكافحة التسول .. الم تنادي انت وتطالب الحكومة أكثر من مرة وفي أكثر من موضوع بوضع حلول لظاهرة التسول ؟.. قلت له نعم ولكن انا طالبت بدراسة هذه الظاهرة وأسبابها وسبل معالجتها من خلال رؤية استراتيجية علمية وليس كما تفعل لجنة الحكومة الان التي ظنت وبعض الظن اثم ان المعالجة أمنية فقط وعن طريق تجميع المتسولين في هذين المركزين وسجنهم أو حبسهم فيهما.. ولو فرضنا جدلا ان هذه المراكز حل في نظر الحكومة فعدد المتسولين في العاصمة صنعاء وحدها يحتاج إلى عشرات بل مئات المراكز وليس مركزين أو ثلاثة كما قررت هذه اللجنة .
قال لي زميلي المواطن العزيز.. بدأت اقتنع بكلامك فموضوع التسول ليس سهلا ومعالجته تحتاج إلى خطة استراتيجية تنطلق من دراسة كاملة لجذور هذه الظاهرة والتي انتشرت بشكل كبير ربما بسبب العدوان والحصار وقطع الرواتب والحالة الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الشعب اليمني وبالتالي لابد من اشتراك كافة الجهات الحكومية والخاصة في معالجتها.. قلت له بالتأكيد أن ظاهرة التسول ليست جديدة ولكنها انتشرت وتوسعت بسبب الظروف الاقتصادية والمعاناة التي سببها العدوان والحصار ومنع المرتبات وانقطاعها وما خلفته من مشاكل اجتماعية بين الأسر ونزول الكثير إلى الشارع للبحث عن لقمة العيش في ظل أيضا غياب الدولة والحكومة وكافة أجهزتها.
قال لي زميلي المواطن العزيز.. الحكومة شكلت لجنة لاعداد قانون مكافحة التسول وهذه نقطة جيدة أليس كذلك ؟.. قلت له يا زميلي المواطن العزيز .. القانون وحده لا يكفي كما قلنا وهذه اللجنة مع الأسف لديها قصر نظر وربما ان المطلوب منها هو هذا وليس أكثر منه أي إجهاض الموضوع والاكتفاء بإجراء بسيط وادخاله إلى درج الحكومة الخلفي ورمي المسئولية على أمانة العاصمة بمركزين هزيلين ربما يكون لهما أثر سلبي في تخريج دفعات من المجرمين والمتسولين وليس وضع حل لهذه الظاهرة التي صارت مؤرقة للمجتمع وربما تصل إلى حد يصعب معالجته.. وقلت لزميلي المواطن العزيز.. لو ان هذه اللجنة كلفت نفسها وقامت بنزول ميداني استطلاعي إلى بعض شوارع وجولات العاصمة صنعاء وشاهدت بنفسها عشرات الآلاف وربما مئات الآلاف من المتسولين لغيرت رايها في ذلك الإجراء الهزيل الذي لا يتناسب مع حجم الموضوع.
قال لي زميلي المواطن العزيز.. فعلا ظاهرة التسول لم تعد بسيطة ومن يشاهد كم المتسولين الذين يملاون الشوارع في مختلف المحافظات سيعرف فعلا انها تحتاج إلى دراسة علمية ووضع استراتيجية وطنية حقيقية وليس وهمية كما في الكثير من استراتيجياتنا التي نضعها للاستهلاك الاعلامي ثم نعيدها لتستقر في دهاليز الوزارات والأجهزة الحكومية وفي احسن الأحوال كما كان في السابق للتسول بها من المنظمات الدولية والحكومات الأجنبية ويستفيد منها البعض من الموظفين والمسئولين على ما كانت تسمى برامج استيعاب المنح ومنها برنامج مكافحة التسول الذي كان باب من أبواب التسول من المنظمات بل ومظلة للفاسدين ليس إلا.
طبعا زميلي المواطن العزيز كان محقا في كلامه وما استنتجناه من اجتماع اللجنة الحكومية هو انها قامت به من أجل إسقاط الواجب واستلام بدل الجلسة اما المعالجة فهي بعيدة عنها وتؤكد عجز منظومة الحكومة عن معالجة هذه الظاهرة التي كما قلنا تحتاج إلى .. تشكيل فريق خبراء من اكاديميين وباحثين ودارسين ليقوموا بدراسة ميدانية واقعية عن هذه الظاهرة وأسبابها ويتم بعدها إضافة فريق اخر إلى جانب السابق لوضع استراتيجية وطنية لمعالجة ظاهرة التسول بكل تفاصيلها وباشراك كافة الجهات والأجهزة الحكومية والقطاع الخاص لتنفيذها وانا على ثقة ان الأمر بهذا الشكل سينجح.. اما الهروب كما فعلت اللجنة فإنه ليس حلا وستبقى الظاهرة بل إنها ستتوسع وتزداد اننشارا.. وستبقى الحكومة تلد فأرا بعد آخر وستذهب كل الملفات لكل القضايا إلى تلك الادراج المخصصة لتغييبها..
قال لي زميلي المواطن العزيز نتمنى أن تصل رسالتنا إلى من يهمه الأمر لاعادة تقييم هذه الأعمال وخاصة ما يتعلق بظاهرة التسول التي تحتاج الى جهد حكومي عالي المستوى وإرادة وإدارة ورؤية حقيقية وليس رؤية وهمية مثل فنكوش الجنيد .. فهل وصلت الرسالة أم أن الأمر سيبقى كما هو وتظل هذه الظاهرة تتوسع وتنتشر ويظل المواطن يبحث عن وطنه المفقود والمسلوب؟.