حمدي دوبلة
يقول الشاعر العربي الراحل علي الجارم في قصيدة القاها في احتفال أقيم في القاهرة بمناسبة تاسيس جامعة الدول العربية في منتصف عقد الاربعينيات من القرن الماضي “لقد كان حُلْماً أن نرَى الشرقَ وَحْدةً ولكن من الأحلامِ ما يُتَوقَّع”
هذه الجامعة التي تفاءل بها الشعراء العرب ورأوا فيها بصيص أمل لحلم جميل بجمع شتات الامة ترهلت مع مرور الزمن وتحولت بمرور الايام الى كابوس مزعج والى اداة بيد الاعداء لنشر الفرقة والعداوات بين ابناء الامة الواحدة .
– تبخر ذلك الحلم تدريجيا وتلاشى تماما في زماننا لكن بقي هذا البيت الشعري الرائع وابيات قصيدة الجارم المعبرة عن امكانية تحقيق الاحلام والاماني خالدة في سطور الكتب وفي اذهان وعقول الكثيرين من ابناء الامة.
-تذكرت قصة هذا البيت الشعري البليغ يوم السبت الماضي وانا في قاعة المؤتمر الصحفي الذي نظمته الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني بصنعاء بمناسبة إنجاز المرحلة الأولى من مشروع أعمال التخطيط العمراني والسجل العقاري العيني في المنطقة العقارية بمنطقة المساجد بمديرية بني مطر محافظة صنعاء.
-كشف مسئولو الهيئة في المؤتمر الصحفي عن نتائج تنفيذ المرحلة الأولى والثانية من الخطة المرحلية الثانية من مشروع بناء الدولة اليمنية الحديثة والآلية المبسطة والمسيرة للتسجيل العقاري للفترة 11 أبريل 2021 حتى 4 أغسطس الجاري.
-عرض المختصون في هيئة الاراضي امام الصحفيين نماذج لفيديوهات مصورة عن مخططات افتراضية لصنعاء الجديدة والمدينة السياحية بمنطقة رأس كثيب بالحديدة وكذلك عن المدينة الحديثة بالمنطقة الصناعية بذمار ليعيش الجميع خلال دقائق فقط امام تلك المشاهد الخيالية احلاما جميلة بامكانية رؤية كل ذلك الجمال وتلك الصورة الحضارية التي بدت عليها صنعاء ومختلف مدن اليمن وقد تجلت حقيقة على الواقع قبل ان نعود بلمح البصر الى الحقيقة المرة.
-بعد مشاهدة تلك المخططات الافتراضية التي تحاكي اجمل المدن واكثرها تطورا ونهوضا على مستوى المنطقة والعالم مع الاحتفاظ بخصوصية الطابع اليمني وهويته الثقافية انقسم الحاضرون وتباينت ردود افعالهم فمنهم من رأى فيها شطحات ومبالغات من الخيال الذي يستحيل تطبيقه وآخرون غلب تفاؤلهم معطيات وتراكمات واقعنا المرير وأطلقوا العنان لاحلامهم وكانوا محقين الى درجة ما شريطة ان تتوفر الارادة والعزيمة والرغبة الصادقة في البناء والنهوض الحضاري فاليمن ومختلف مدنها تتمتع بمقومات فريدة لاتتوفر في الكثير من الدول والمدن التي حققت قفزات نوعية في هذا المضمار وبأقل الامكانيات.
-الامل في رؤية يمن حديث ومدنا جضرية راقية تخطيطا ونظافة وتطورا يظل حاضرا في العقول لكن وعلى راي الشاعر العربي الذي يقول ” ومانيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا” نحتاج الى عقليات نظيفة والى جيل متطلع الى الانجاز وتواق الى البناء والنهوض الحقيقي بعيدا عن الارتهان للخارج وعن الانحياز الكلي للمصالح الشخصية بل يجعل اليمن ومصالحه العليا فوق كل اعتبار ووضع ارضية مناسبة للانطلاق وأحسب ان كل التضحيات التي يقدمها الشعب اليمني اليوم وهو يواجه هذا العدوان الهمجي ماهي الا ارهاصات لبلوغ تلك الغايات السامية.
-لابد ان تتزامن هذه التوجهات بحرب شعواء على الفساد والمفسدين بصرف النظر عن مواقعهم وانتماءاتهم ووضع قوانين صارمة تطال الجميع كبارا وصغارا بالاضافة الى فرض هيبة الدولة واعادة الحقوق الى اصحابها وهنا اعيد التذكير مجددا باهمية معالجة اوضاع الجمعيات السكنية التي كانت لعقود بابا لفساد يزكم الانوف ومنها من لايزال قائما الى اليوم على غرار الجمعية السكنية للاعلاميين ذوي الدخل المحدود الذين ينتظرون تسلم الارض التي دفعوا ثمنها منذ اكثر من 15عاما والسبب فقط تهرب ومحاولة تملص صاحب الارض من التزاماته فالتصدي لمثل هذه الممارسات الافسادية اساس حتمي للمضي قدما في البناء المنشود اما بقاء الحال على ماهو عليه وتدخل بعض النافذين والمتمصلحين في حماية الفاسدين فسنظل نفخ في الرماد ونتطلع الى احلام من هباء وسراب والله المستعان ونعم الناصر والمعين .
نقلا عن صحيفة الثورة
شاهد أيضاً
“حماس” تعلن وصول اتفاق وقف النار بغزة إلى مراحله النهائية وتطالب الفصائل بالاستعداد للمرحلة القادمة..
اليمن الحر الاخباري/متابعات أعلنت حركة “حماس” الثلاثاء، أن الاتفاق المرتقب لوقف إطلاق النار بقطاع غزة …