د/ يسر حجازي*
“لن يتم تدمير العالم من قبل أولئك الذين يفعلون الشر، ولكن من جانب أولئك الذين ينظرون إليهم دون القيام بأي شيء”.
ألبرت آينشتاين
من المؤكد أن الأزمة في تونس ستتبع أزمات أخرى في البلدان العربية المجاورة. كيف لا نتوقع أزمة عندما تنهار تونس الدولة المثالية في العالم العربي، تحت وطأة الفساد المستشري؟ لماذا يهتف الناس “نريد حل البرلمان؟ “.
لم يعد هناك شيء يمكن القيام به أو الأمل في تحقيقه في ظل حكومة تسحبها خيوط زعيم النهضة. منذ وصول حزب النهضة السياسي إلى الساحة السياسية التونسية، سقطت جميع المؤسسات العامة واحدة تلو الأخرى مثل بيت من ورق في أيدي عصابات الأحزاب الموالية لثوب الإسلام المزيف. تم نشر جميع رجالهم في وزارات الأمن، والمالية، والعدل، والبرلمان. لا نعرف حقًا كيف حدث ذلك، لكن حياة المواطنين التونسيين قد تغيرت بالفعل. لم يعد هناك أمن كما كان من قبل، وليس من الواضح من الذي يسيطر على البلاد أو من يتظاهر بانه الشرطة والامن والارهاب.
أصبحت تونس منتجة للإرهاب والانتحاريين، وذلك بفضل حزب النهضة الذي سرح المجرمين من السجون لاعتمادهم الجناح العسكري لهم ولإخافة الشعب والحصول على خناعته. كما أنه من غير الواضح لماذا يدفع المواطنون بشكل متزايد فواتير المياه، والكهرباء، والضرائب، والجبايات. سوف تدفع الفواتير حتى لو كنت لا تعيش في المنزل.
فأين تتجه كل هذه التدفقات النقدية، ولماذا تكون خزائن الدولة فارغة؟ لماذا لا يتحدث البرلمان عن ذلك؟ كما ان الشعب التونسي أصبح الشاهد الشرعي لحق المصارعة للثيران في البرلمان التونسي، الذي فضح الديمقراطية واطاح بثورة الكرامة. بعد الثورة، كانت آمال التونسيين في رؤية العدالة الاجتماعية والاقتصادية تترسخ، لتتم مكافحة الفقر غير اللائق وفي نفس الوقت محاربة الفساد والفاسدين.
اندلعت ثورة الكرامة في يناير 2011 لوضع حد لاستيلاء بن علي على السلطة عام 1987، بسبب الفساد المالي والأخلاقي، وبطالة الشباب، والقمع البوليسي، والظلم الاقتصادي والاجتماعي في البلاد. لكن استغلت الثورة لتدخل البلاد في المجهول، ورعب الإرهاب. ووصل زعيم حزب النهضة “الغنوشي” على حصانه الابيض ومعه أكياس من المال الذي تبرعت به بعض دول الخليج بسخاء غير مسبوق. وبهذه الطريقة، تظاهر زعيم حزب النهضة بأنه رسولا يرغب في مساعدة المجتمعات المحرومة.
وكسب ثقتهم من خلال تحويل حفنة قليلة من دولارات النفط، إلى دينارا تونسيا. وهذه القرى الفقيرة تضررت بالفعل، من قبل نظام بن علي واليوم هلكت وأصبحت شبه معدومة. وبعدها بدا نظام التعددية الحزبية الجديد وأول برلمان تونسي في جو عاصف واخواني، يريد الإطاحة بالمرأة التونسية التي اكتسبت دورا مشرفا في العلم، والاقتصاد، والعسكرية.
وباقي الأحزاب السياسية بلا خبرة ولا اختصاص، بل في عجلة من أمرها لكسب المال ورؤية نقابة عمالية جديدة، وتغيير سياسي سريعًا لمحو كل آثار النظام القديم والمؤسسات العريقة. هذا النظام البرلماني الجديد في بلد ذو البنية الهشة، لا يعرف حتى الآن الديمقراطية بل طور تحت قبة البرلمان تعايش سياسي سام. وما شاهدناه طوال أشهر هو فقط انتهاك فادح لحرمة البرلمان، وكراهية، وانتقام غير مسبوق من المرأة التونسية، وصراعات طباقيه زرعت الخوف والعنف في داخل المجتمع التونسي. منذ ذلك الوقت، ولم تكن تونس في حالة جيدة، بل على العكس من ذلك، فإن التفاوتات الاجتماعية والإقليمية آخذة في الازدياد، والإسلاميون مع أقرانهم يقفون معًا ويمضون معًا في نهب المؤسسات العامة والحكومية واتخاذ إجراءات ضدها..
في اللحظة التي تزداد في تونس المظاهرات، يسلم فيها غالبية التونسيين أنفسهم لأمر الله، يستيقظ الرئيس قيس سعيد بكل ضمير ومسؤولية لوضع حد للمافيا الاخوانية وإنهاء معاناة الشعب التونسي.
كل شيء يتم في إطار معايير وشرعية مجلس الوزراء التونسي. تنص المادة 80 بوضوح على حق رئيس الجمهورية في حل البرلمان في حالة وجود خطر على أمن تونس. إن تونس الخضراء والشامخة تمر الآن بأسوأ أزمة منذ الثورة. تواجه البلاد العديد من الصعوبات مثل الإرهاب المنظم، وحالة اليأس للشباب.
كما تتعرض البنية التحتية والصحية، والمعدات الطبية والصيانة لأكبر قدر من الانهيار. لا يسعنا إلا أن نقف مع الرئيس التونسي قيس سعيد، الذي كسر صمته وحاجز الممنوع ليقرر بكل شجاعة التصرف من اجل إنقاض تونس من اللصوص والانهيار الاقتصادي الوشيك. نتمنى له التوفيق في إخراج البلد من الظلام الاخواني، على أمل أن ينجح في ذلك بكل بسالة.
بطبيعة الحال، فإن تضامن دول الجوار مثل الجزائر وليبيا مهم بالنسبة لنا وبالنسبة لهم كذلك حتى لا يمتد السرطان الاخواني. بالتأكيد لديهم مهمة صعبة، وهي تحديد أولويات بلادهم، ومواجهة التحديات السياسية الداخلية والخارجية، وحل المشاكل الاستراتيجية وان يوجهونها بقبضة من حديد.
منذ تلك اللحظة يكون العالم العربي قد حقق تغييرًا وانطلاقة جديدة على أساس مبادئ السياسة المحاسبية، والقواعد المحاسبية للحكومة والمؤسسات العامة وكذلك عرض البيانات المالية التي تؤثر على قياس النتائج والوضع المالي للدول العربية. ويتم ذلك بمجرد تنظيمها واعتمادها بالقانون والتطبيق.
*كاتبة تونسية
شاهد أيضاً
نتنياهو كذّاب وفاشي بامتياز!
د. جاسم يونس الحريري* في28 نوفمبر2011 وبسبب خطأ فني في تقنية الاتصالات كشف عن فحوى …