الإثنين , أبريل 28 2025
الرئيسية / اراء / النفط الإيراني إلى لبنان..

النفط الإيراني إلى لبنان..

فاطمة الجبوري*
بدأ الغبار ينقشع عن الواقع الذي يعيشه الشعب اللبناني شيئاً فشيئاً، وكل ذلك هو بفضل تحركت محور المقاومة في سبيل حل المشكلة ولو بشكل مؤقت. إصرار حزب الله على استيراد النفط والبنزين من الجمهورية الإسلامية في إيران أظهر بشكل جلي مواقف الأحزاب اللبنانية واستثماراته الفاشلة بحصار الشعب اللبناني.
الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أكد خلال كلمته في الذكرى الرابعة لتحرير الجرود الشرقية بأنه يتم الاعداد لإبحار السفينة الثالثة باتجاه لبنان في تحد واضح للعقوبات الأمريكية ودورها في إفقار وتجويع الشعب اللبناني.
من جهة أخرى، في لبنان لا يُسمع أصوات السفارات الخارجية هذه الأيام، ويبدو بأنّ السفيرة الأمريكية دورثي شيا مشغولة باقناع عملائها في الداخل اللبناني بأنّ الوضع في لبنان يختلف عمّا هو عليه في أفغانستان، وبأنّ عملاء السفارة (أو المتعاونين، كما تحب الولايات المتحدة أن تطلق عليهم) لن يكونوا مجبرين على التمسك بأجنحة الطائرة الفارة من بيروت باتجاه الولايات المتحدة.
هزيمة الأمريكيين في أفغانستان عرّت الولايات المتحدة وكشفت الوجه الحقيقي للصديق قبل العدو. وبات الجميع اليوم يفهم قواعد اللعبة سواء بالنسبة لأصدقاء الولايات المتحدة أو حتى بالنسبة لأعدائها.
إيران من جانبها قد أعطت مثالاً واضحاً لشعوب المنطقة بأنها تتعامل معهم وفق قواعد الدين الإسلامي ووفق ما يمليه عليها من مساعدة المحتاج والوقوف إلى جانبه. دخلت في حرب كونية ضد سوريا وانتصرت فيها إلى جانب القوات الحكومية السورية والشعب السوري، وقفت إلى جانب الشعب السوري وقيادته إلى أخر لحظة على الرغم من العقوبات والضغوطات التي تعرضت لها في الداخل والخارج، لم تصنع جواسيساً ولم تستثمر في حصار الشعب. من فرض حصار على السوريين هم الأمريكيين وعملائهم من العرب الذين فرضوا قانون قيصر وعاقبوا الشعب السوري وحرموه من النفط والكهرباء والخبز والدواء. وفي لبنان ورغم كل الحصار والهجمات الظالمة التي يتعرض لها هذا الشعب، إصرّت إيران وحزب الله على تحدي عقوبات الولايات المتحدة وأرسلت حاملتي نقط وستعقبهما بثالثة خلال أيام. هذا التحرك هو تحدٍ لكل القوى الخارجية والقوى التي تحيك المكائد والمؤامرات للبنان.
في الجانب الداخلي، وبدلاً من البحث عن الحلول ينشغل البعض بصرف الأنظار عن هذا الإنجاز العظيم ويروجون لأفكار واتهامات باطلة ضد حزب الله ولبنان. فهاهو السيد سمير جعجع يخرج بتصريحات نارية لينصح بها الأمين العام لحزب الله بأن يقنع إيران بأن تعمد إلى حل مشكلة سوريا من المحروقات فتحل فوراً مشكلة لبنان.
لقد نسى أو تناسى الحكيم بأنّ حاملات النفط الإيرانية إلى سوريا لم تتوقف، وبأنّ إيران اليوم بقيادتها الجديدة مصرة أكثر مما مضى على الوقوف في وجه الغطرسة الأمريكية. وبدلا من هذه المقترحات ألم يكن من الحري بالحكيم أن يطلب من حلفائه في السعودية والإمارات ارسال حاملات نفط (دون أن يعرّض ذلك لبنان للعقوبات) فحاملات نفط من السعودية أو الإمارات تعتبر “من طرف الجيبة”؟؟؟
وبدلاً من إشعار فتيل الفتنة المسيحية-الإسلامية في عكار، يبدو بأن الحكيم عليه أن يتجه نحو المحافظة على تماسك الحزب في ظل الانشقاقات العميقة التي تحدث داخله. فالسيد سيزار معلوف وموقفه الأخير يشير إلى مدى عمق الأزمة داخل الحزب. فالرجل اتخذ موقفاً وطنيا بعيداً عن التموضع الحزبي وقرر بأن السفيرة الأمريكية في لبنان لا تعتبر حاكمة لبيروت، وبأن النفط الإيراني اليوم هو انقاذ لكل الشعب اللبناني بكل طوائفه. وإن استطاع حزب القوات تجاهل موقف معلوف فإنه لن يستطيع التغاضي عن المد الواسع الذي تقوده الأمينة العامة السابقة لحزب القوات السيدة شانتال سركيس والتي فاز مناصروها في انتخابات نقابة المهندسين وهم يحضرون لخوض الانتخابات البرلمانية بشكل مستقل.
لم يشكل موضوع حاملات النفط الإيرانية صفعة موجعة للولايات المتحدة وإسرائيل فحسب، بل ساهم بحدوث انشقاقات وإعادة حسابات على المستوى الداخلي. إن هذه العملية إذا ما كُتب لها الاستمرار فهي تؤكد على معادلات جديدة ضمن سياق الهزيمة الأمريكية في أفغانستان. فالهزائم تتكرر في سوريا، والعراق وإيران واليمن وأخيرا في لبنان. وعلىنا جميعاً أن ندرك اليوم بأن الولايات المتحدة أثناء فرارها من المنطقة لن تستطيع حماية عملائها لإنها تحتاج إلى من يحميها وبأن دماء هذه الشعوب ليست أرخص من دمائهم.
*كاتبة وباحثة عراقية

عن اليمن الحر الاخباري

شاهد أيضاً

جامعة هارفارد والتصدي لمكارثية ترامب!

محمد مصطفى جامع* قَلَب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السياسة الداخلية والخارجية- رأسًا على عقب خلال …